عشية الدورة الأولى من الانتخابات البلدية الفرنسية التي تجري غداً الأحد، يبدي مرشحو اليمين واليسار على حد سواء اصراراً مماثلاً على تجاهل التوقعات المبنية على استطلاعات الرأي. ويتعمد مرشحو اليسار في تصريحاتهم التخفيف من شأن الأرقام المتكررة التي تشير الى احتمال سيطرتهم على المجلس البلدي لمدينة باريس وبالتالي انتزاع رئاسة بلديتها من اليمين الذي يحتفظ بها منذ حوالى 24 عاماً، حرصاً منهم على ابقاء التعبئة على أشدها لدى قواعدهم. ويتعمد مرشحو اليمين ابداء عدم اكتراث للتوقعات التي ترجح هزيمتهم ليس في باريس فقط، وانما أيضاً في مدن فرنسية أخرى، مراهنين خصوصاً على التطورات التي قد تطرأ خلال الأسبوع الفاصل بين الدورتين الانتخابيتين الأولى والثانية 18 آذار/مارس، وتتيح لهم اعادة لملمة صفوفهم تحديداً في العاصمة وانقاذ ما أمكن انقاذه. وكان الاستطلاع الأخير للرأي حول الانتخابات البلدية في باريس، أشار الى حصول مرشح اليسار برتراند يلانوي على 47 في المئة من الأصوات، في مقابل 33 في المئة لمرشح اليمين فيليب سيغان و11 في المئة للمرشح اليميني المتمرد، رئيس البلدية الحالي جان تيبيري. أما نسبة المترددين في الادلاء بأصواتهم لهذا المرشح أو ذاك فتبلغ 35 في المئة، وهي نسبة مرتفعة تجعل المرشحين المختلفين يبذلون أقصى جهدهم لاستمالة جزء منها. وهذه النسب تعكس نفسها على صعيد الدوائر بترجيح فوز اليسار بالمجالس البلدية لسبع دوائر جديدة من الدوائر الباريسية العشرين. وفي حال احتفاظ اليسار بالدوائر الخمس التي كان فاز فيها في الانتخابات البلدية سنة 1995، فإنه سيحكم سيطرته على باريس عبر 12 دائرة ويكون أمر تولي مرشحه ديلانوي لرئاسة بلديتها أمراً محسوماً. وفي ضوء هذه الأرقام، تبدو مراهنة اليمين على عوامل انقاذية قد تدعم صفوفه بين الدورتين أقرب الى التفاؤل المفرط والى تعزية النفس. فالتداعي في مواقع اليمين الانتخابية أبعد من أن يكون ظاهرة طارئة برزت خلال الحملة الانتخابية الحالية، بل انه يندرج في امتداد التراجع المستمر الذي بدأ خلال الانتخابات البلدية سنة 1995، وتكرس عبر الانتخابات الاشتراعية المبكرة سنة 1997، ومن ثم عبر الانتخابات المحلية سنة 1998 وأخيراً الأوروبية.