أدلى الفرنسيون بأصواتهم امس في الدورة الأولى من الانتخابات البلدية، لاختيار 500 ألف عضو مجلس بلدي موزعين على 36 ألف دائرة. وعلى رغم الطابع المحلي لهذه الانتخابات شكلت اختباراً مهماً لشعبية التيارات السياسية خصوصاً انها تأتي قبل عام من الانتخابات الرئاسية والتشريعية. ومن هذا المنطلق استقطبت معركة رئاسة بلدية باريس اهتماماً واسعاً نظراً الى سيطرة اليمين عليها منذ 24 عاماً. ويرى البعض ان خسارة اليمين بلدية باريس التي تتكرس قبل الدورة الثانية من الانتخابات الأحد المقبل ستكون تحذيراً مبكراً لما يمكن ان يواجهه في الاستحقاقين اللاحقين. ويذهب البعض الآخر الى اعتبار تراجع اليمين في معاقله التاريخية هزيمة شخصية للرئيس جاك شيراك، على رغم قراره التزام الحياد وعدم التدخل في الحملة الانتخابية. وكانت المعركة الباريسية تركزت بين المرشح اليميني فيليب سيغان، الرئيس السابق لمجلس النواب وأحد الوجوه الديغولية البارزة، والمرشح الاشتراكي المغمور برتران ديلانوي الذي اكتشفه سكان العاصمة خلال الحملة هذه. وخاض ديلانوي حملة مريحة نسبياً، مستفيداً من إجماع الاشتراكيين على ترشيحه على رغم اضطراره الى تكريس معظم وقته لتعريف الباريسيين بنفسه. وفي المقابل جاءت حملة سيغان معقدة وشائكة، لعدد من الأسباب أولها اختيار حزبه "التجمع من اجل الجمهورية" له، بعد طول تردد بين عدد من الأسماء الأخرى لقيادة معركة باريس، ما أحاطه بأجواء من الشك والحذر. وبخلاف ديلانوي، فإن سيغان المعروف جيداً من الفرنسيين، بدا مطالباً بإقناع ناخبيه بأنه تغير شخصياً وأنه عازم مواصلة مهمته حتى النهاية. في الوقت نفسه، توجب على سيغان ان يتوجه في إطار حملته، الى الناخبين عموماً في مواجهته مع ديلانوي، وإلى ناخبي اليمين التقليديين تحديداً في مواجهته مع رئيس البلدية الحالي جان تيبيري الذي ترشح مستقلاً. والواضح ان هذه العناصر مجتمعة ستقلل من فرص فوز سيغان. وفي ضوء نتائج الدورة الأولى للانتخابات، فإن الجهد منصب في وسط اليمين على تدارك ما أمكن من خسائر في الدورة الثانية. وكان تيبيري دعا الى الاندماج بين المرشحين على لوائحه والمرشحين على لوائح سيغان لقطع الطريق على تقدم اليسار. وسأل: "هل يعقل ان تكون أغبى من المرشحين الاشتراكيين وأنصار البيئة الذين يدمجون لوائحهم في الدوائر المختلفة؟ مؤكداً ان عدم الاندماج "يعني اننا سنخسر باريس". لكن سيغان رفض قطعاً هذا الاحتمال لأنه مخالف للنهج الذي بنى عليه حملته وهو "نهج القطيعة مع أسلوب تيبيري"، في محاولة لتمييز نفسه عن رئيس البلدية الملاحق وفضائح مالية متعددة. الى ذلك، بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات ظهر امس 5،16 في المئة، وهي أكثر ارتفاعاً من تلك التي سجلت في انتخابات عام 1995، وفقاً لوزارة الداخلية الفرنسية. وشارك في عملية الاقتراع للمرة الأولى الأوروبيون المقيمون في فرنسا، والتزمت الأحزاب المختلفة في إطارها قانون المساواة بين الرجل والمرأة ، فتوزعت اللوائح مناصفة بينهما.