أول الكلام: لشاعر "اللافتات" العراقي المغترب/ أحمد مطر: في مطار أجنبيْ حدّق الشرطي بي قبل أن يطلب أوراقي ولمّا لم يجد عندي لساناً أو شفَهْ زمّ عينيه، وأبدى أسفَهْ قائلاً: أهلاً وسهلاً... يا صديقي العربي!!
أخطأت الصحف والاذاعات والفضائيات العربية حين خلعت على رحلة الكولونيل/ كولين باول الى بعض الأقطار العربية وصف: زيارة تشاور واستمزاج رأي السياسة العربية!! ذلك لأن أميركا أولاً هي: لا تعترف بقيمة أية دولة، ولا أية منطقة ترفعها الى مستوى وقيمة أميركا العظمى، حتى تتخذها: نِداً، وتتشاور معها... ولا نظن ان الادارات الأميركية السياسية التي تعاقبت بعد زرع الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية: تقيم اعتباراً لمصالحها الحيوية داخل الوطن العربي... فإدارتها السياسية بغرور وعنجهية الكاوبوي الأميركي تعتقد انها قادرة على اخضاع وتركيع العرب لتنفيذ اطماعها. وثانياً: لأن الكولونيل/ باول، قد جاء بتصور مسبق، وبرؤية عمياء عن كل حق عربي... وجاء فقط ليعرف: كيف يبدأ حوار المراوغة في البدء والتجمّل الدبلوماسي، ثم... كيف يفرض بعد ذلك الأوامر الأميركية؟!!
وعندما يأتي الجنرال/ باول الى منطقة "الشرق الأوسط" بحسب تسمية كيسنجر لها فانه يعود وقد خلع بذلة الحرب والعسكر، وارتدى مسوح الديبلوماسية... وتأتي عودته الى حكومات: بعضها يعتبر "الوحدة": كارثة، وبعضها يرتدي "الوحدة" شعاراً للخُطب، وبعضها يتحدث عن واقعية مغموسة في الوجع العربي الذي يستغرق حتى الحلم العربي... وتأتي عودته الى شعوب عربية، هي: شعب واحد مزّقه الاستعمار القديم، وسوّسه الاستعمار الحديث... وما زال يندفع الى أكل "الهامبورغر"، وشرب الكولا!! عشر سنوات: غابها الجنرال/ باول عن المنطقة، ليرجع اليها دبلوماسياً/ حربياً، إن جاز التعبير... يصرخ، ويبتكر قاموساً من مفردات تختلف عن مفردات الحدباء/ أولبرايت، و... يفيق العرب على جملة أقوال نفثها الجنرال/ باول، لتتحول الى: حصاد عربي من أول زيارة يتفضل بها علينا!! وجاءت تصريحات الجنرال: مباشرة تخلو من أية مجاملة حتى لأصدقاء أميركا العرب، وربما جساً لنبض العرب، فقال أهم مقولتين حرّاقتين لمعاليه، وهما: القدس: عاصمة اسرائيل، وسننقل سفارة أميركا اليها. عرفات: رجل متشدد... أما شارون، فهو: متفاهم!! قالهما في ختام جولته، وآخرها: الكيان الصهيوني... ولكن وزير الخارجية الأميركي الجديد، أضرّ به مكتبه ومعاونوه حين لم يضعوا له في الملف كلمة الأمير/ عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي التي أعلنها في القمة صريحة واضحة فقال: الدول العربية مطالبة بقطع علاقاتها مع أية دولة تنقل سفارتها الى القدس!!
وقد كتبنا حتى بُحّ صوت أقلامنا: ما في فايده من أميركا... لا في فرض نفسها: راعية للسلام، وهي ترغم العرب على سلام للكيان الصهيوني واستسلام للعرب... ولا في إذعانها: الديموقراطية والحرية، وهي تنحاز الى بطش وعدوان واحتلال الكيان الصهيوني للأراضي الفلسطينية، واللبنانية والسورية... فيأتي الجنرال/ باول ليؤكد عنصرية أميركا واستخفافها بقيمة العرب، وبكلمتهم، وبدورهم، وبحقوقهم المشروعة. و... ما زالت السلطة الفلسطينية، وبعض العرب، يتحدثون عن: إحياء مفاوضات السلام تحت إبط ورعاية سيدة القوة/ الكوبرا، المنحازة للصهيونية، وفي عُهر سياسة شارون السفاح!!