لا شيء يعلو اليوم في ذهن اطفال تونس على لعبة "بوكيمون" الالكترونية. ولا احد يتفوق على شهرة وشعبية ذلك الحيوان الاصفر "بيكاشو" الذي يعتبر شخصية العام في البلاد من دون منازع. فزمن "أمي سيسي" و"علي بابا والاربعون حرامي" و"ماجد" ولى في خيال اطفال تونس وانتشرت حمى "بوكيمون" وفتنت عقول صغارها وكبارها. وتحقق الفضائىة التونسية "تونس 7" وقناة الشباب "تونس 21" اعلى نسبه مشاهدة في ساعات المساء الاولى حيث تعرض حلقات مسلسل "بوكيمون". وانتقلت العدوى الى قاعات السينما في العاصمة التونسية حيث حقق شريط بوكيمون السينمائي اعلى نسبة من الايرادات وحطم ارقاماً قياسية تجاوزت ال25 ألف متفرج في الاسبوع، ما ذكّر اصحاب صالات السينما بالعهد الذهبي وأفلام الموجة الجديدة التي دشنها السينمائي النوري بوزيد بشريطه "ريح السد" في منتصف الثمانينات. و"بوكيمون" او "وحوش الجيب" شخصيات حيوانية ظهرت في اليابان العام 1996 في شكل لعب فيديو "فام بوي" ثم تحولت الى صور متحركة قبل ان تظهر في اشكال مختلفة: دمى، افلام سينمائية، بطاقات لاصقة. ويبلغ عدد شخصيات البوكيمون 151 شخصية بأنواعها المختلفة: المائىة والنارية والغازية والنباتية... ويتمتع "بيكاشو" من الفصيلة الكهربائية بشهرة كبيرة لدى الاطفال، وهو بوكيمون اصفر صغير يمتلكه المدرب "آش" ويجسد قوى الخير في مواجهة ثنائي الرداء الابيض "جيسي وجيمس" اللذين يجسدان قوى الشر. ويبدو ان عشق اطفال تونس للبوكيمون تجاوز مجرد متابعة السلسلة في القنوات التلفزيونية المحلية والاجنبية بل تجاوزها الى البحث عن كل ما يتعلق بشخصيات البوكيمون واقتنائها. فقد عانى الاهل في تونس مرتين في عيد الفطر المبارك الماضي، الاولى في رحلتهم المرهقة للبحث عن ملابس تحمل صور البوكيمون في شخصياتها المتعددة من "البطل" بيكاشو الى "اربيزار" و"تشارمندا" و"سكوار"، والثانية في عملهم الأعباء المالية الاضافية لملابس عادية اصبحت ذات علامة تجارية رفيعة باضافة البوكيمون. لكن المعركة الحقيقية التي حطمت قلوب الآباء والامهات تكمن في صراعهم اليومي للبحث عن معلبات "اليوغرت" المربى التي تحمل صور البوكيمون. فقد انتبهت احدى المؤسسات الاقتصادية المنتجة للألبان ومشتقاتها الى سحر البوكيمون في قلوب الاطفال ووزعت في الاسواق كتيباً "مجانياً" لصور البوكيمون والطفل السعيد هو الذي يتمكن من جمع 151 صورة من صور البوكيمون. وقد تحولت باحات المدارس التونسية سوقاً حقيقية لتبادل صور البوكيمون بين تلاميذها. وأصبح سؤال الاطفال الأهم لآبائهم بعد التحية "هل حملت لي يا ابي يوغرت البوكيمون". وانتشرت حمى صور البوكيمون على اقلام وكراسات وقبعات الاطفال وأصبحت العلامة المميزة للامتياز عن الآخر وامتلاك القوة. وعمدت الجمعية التونسية للحماية من حوادث الطرقات في حملتها التحسسية الموجهة للأطفال الى استخدام دمى البوكيمون، فحققت اقبالاً لافتاً تجاوز كل اعمالها السابقة. وأصبحت هذه السلسلة بذلك ظاهرة اجتماعية في تونس سواءً لدى العائلات او في المدارس او قاعات السينما او على معلبات المربى. وراح الأطفال يعثرون على صور البوكيمون في أكياس البطاطا وعلب العلكة فزادت من تسويق هذه السلع والإقبال الكثيف على شرائها. ولعل السؤال الذي يطرح: ماذا وراء تعلق خيال اطفال تونس بحيوانات صفر قادمة من اليابان تتصارع في ما بينها في اجل اعلاء راية الخير تجاه اتون الشر وفي غياب البطل الذي لا يقهر.