بدأ عرض الفيلم الياباني "بوكيمون" في ثلاثة آلاف صالة أميركية، ويتوقع ان تبلغ ايراداته رقماً قياسياً بين افلام الرسوم المتحركة. اذ قدرت ايرادات الأيام الأولى بنحو 50 مليون دولار. وفي موازاة الفيلم خرجت ايضاً العاب وكروت ال"بوكيمون" في اكثر من 8 آلاف مطعم "بيرغر كينغ". وفي الوقت نفسه أُعلن عن التوصل الى اتفاق بشأن افتتاح "ديزني لاند" جديد في هونغ كونغ، وهو أحد أنجح المشاريع التجارية الثقافية التي تسوّقها الولاياتالمتحدة دولياً وتصل ايراداتها الى عشرات بلايين الدولارات. وفي الحالين، يتبوأ الفأران، "بوكاتشو" الياباني و"ميكي ماوس" الاميركي، موقع الصدارة باستهداف قلوب الأطفال. "بيكاتشو" هو الفأر المدلل من بين "البوكيمون" او "وحوش الجيب" الذي يبلغ عددهم اكثر من 150، وهو قريب من مدرب الوحوش "آشى"، الشخصية المركزية في لعبة "بوكيمون" والفيلم. عملياً لا بد لآشى أن يصطاد وحوشاً ويدربها لكي يفوز على مدربين آخرين وينال المزيد من النياشين والمساعدين ومن الوحوش الذين يعملون سوية في نهاية كل مرحلة ومع بداية كل معركة جديدة. وهكذا ففي عالم خرافي من الوحوش أمثال "سكورتول"، الضفدعة التي تحارب بالماء و"شراماندار" الذي يحارب باطلاق النار من ذيله و"بيلباصور" الذي يطلق أوراق الشجر، وحتى "بيكاتشو" الذي يكهرب اعداءه... هناك مئات اللاعبين وعشرات المراحل من التخطيط والتفكير الجماعي والتدريب والمثابرة لشخصيات غريبة الأطوار والأسماء على الأقل لمن ليس يابانياً تخوض جميعها معارك يفوز فيها القادر على رسم استراتيجية جماعية وتنفيذها بتركيز وصبر وذكاء، وبتقاسم وظائفي بين المجموعة التي يديرها المدرب الأفضل، الذي ربما يكون "آشى" نفسه. هذا ما انتجه عالم الثقافة اليابانية، مثلما شكل "ميكي ماوس" مشروعاً ثقافياً تجارياً اميركياً. فإذا كان ميكي يعمل على طريقة الفرد الأميركي المنقذ الذي يعمل وحده وينال اعجاب الآخرين لمقدراته الشخصية، فإن "آشى" و"بيكاتشو" يعتمدان في لعبة "البوكيمون" على المجموعة والتخطيط ومعرفة الآخر والتركيز على نقاط ضعفه سلاح سكورتول المائي ضد وحش ناري مثلاً... مثلما هو الأمر في التربية والثقافة اليابانيتين. ولكن هل تقف المسألة عند هذا التعريف الحضاري المبسّط؟ لا، ليس الأمر بهذه البساطة. تبدأ في هذه الفترة محاكمة "بوكيمون" في مدينة سانت دييغو الاميركية مع افتتاح العروض السينمائية، بتهمة التشجيع على القمار. وكانت مجموعة من الأهالي والمربين الأميركيين رفعت دعوى ضد شركة "بوكيمون" بتهمة تشجيع الأطفال على القمار، اذ يشترون مجموعات من كروت الوحوش املاً في الحصول على بعض الصور النادرة حتى يكتمل البوم "البوكيمون" الذي يمكن ان تبلغ كلفته اكثر من 2000 دولار يدفعها الأطفال من مصروفهم او الأهالي من مصروف البيت. وهناك في "سوق الأطفال" حيث المقايضة والعرض والطلب يصل ثمن "البوكيمون" النادر الى مئة دولار، في حين ان الأقل ندرة يصل سعره الى 60 دولاراً في دكاكين الألعاب. انها لعبة قمار خاسرة للأطفال وللأهالي يقول البعض، وهي كما يدّعون، تؤدي الى الادمان. و"البوكيمون"، مثل "ميكي ماوس"، صرعة الموسم ومواسم مقبلة، باعتبار ان الفيلم الثاني ل"بوكيمون" بدأ يعرض في اليابان وسيعرض في اميركا خلال الصيف، اي انه أصبح صناعة ترفيهية كاملة للأطفال، عدا انه تجارة ثقافية، اذ ان صور "البوكيمون" و"بيكاتشو" تسوّق مختلف أنواع البضائع والمستهلكات مثل الألبسة والحقائب والساعات والأدوات المنزلية والمفكرات والألعاب وهي التي اجتاحت كل المتاجر الاميركية في عيد "الهالوين" وعشية اعياد الميلاد ورأس السنة. ومثل صناعة "ميكي ماوس" تتعدى صناعة "بوكيمون" الأطفال والتربية والثقافة... الى ديناميكية السوق حيث التنافس والعرض والطلب. وهناك أحرز "ال"بوكيمون" وفأره المفضل "بيكاتشو" تقدماً على ميكي هذه السنة، حتى انه اصبح اللعبة المفضلة للأطفال على الانترنت.