} بدا أمر القاء القبض على الرئيس اليوغوسلافي المخلوع سلوبودان ميلوشيفيتش محسوماً، في ظل موافقة الرئيس فويسلاف كوشتونيتسا على ذلك، فيما شاع في بلغراد ان تحضيرات جارية لإعداد مكان مخصص لاعتقاله، يكون اما جناح خاص في السجن أو في منزله. ورأى مراقبون في الغرب ان هذه الخطوة ترمي الى تفادي تسليمه الى محكمة جرائم الحرب في لاهاي. أعلن الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا ان سلفه سلوبودان ميلوشيفيتش "يمكن أن يعتقل قريباً". وأوضح في تصريح نشر في بلغراد أمس، ان هذه الخطوة "لن تتخللها أعمال انتقام كالتي تحصل عقب الثورات، ذلك ان العدالة والقانون يحددان المسؤولية عن المساوئ التي جرت في الماضي". وتضمن تصريح كوشتونيتسا استياء شديداً من تناول الكثير من وسائل الاعلام البريطانية للشؤون اليوغوسلافية بشكل قال عنه "يبدو انهم يتعمدون ايقاعي في مشكلات". وأشار الى قضيتين ركزت عليهما وسائل الاعلام البريطانية أخيراً "ولا صحة لهما"، الأولى، ما نشرته عن تقديم يوغوسلافيا معلومات عن الرادارات في العراق، التي قصفتها الطائرات الأميركية والبريطانية، ووصفها ذلك بأنه مبادرة جيدة، مشيراً الى ان "القصف أدى أيضاً الى قتل مدنيين". وأضاف كوشتونيتسا: "قرأت أخيراً في صحيفة "صانداي تايمز" البريطانية ان المحققين القريبين مني ذكروا ان اعتقال ميلوشيفيتش سيكون بسبب تقاضيه رشوة، وهذا ليس صحيحاً لأن اعداد قضايا الاعتقال تتعلق بالجهات المختصة وليس من مهمات رئيس الدولة". وأكد رئيس الوزراء اليوغوسلافي زوران جيجش وهو من جمهورية الجبل الأسود وكان قريباً من ميلوشيفيتش ان اعتقال الرئيس اليوغوسلافي السابق أصبح قريباً "لأن العدالة لن تتجاهل أحداً اذا ارتكب عملاً يحاسب عليه القانون، ولا بد من حسم ما يتعلق بممارسات العهد السابق وعلاقة ميلوشيفيتش بما حدث من أعمال غير شرعية". لكنه أوضح في تصريح نشر أمس، ان ميلوشيفيتش لن يسلم الى محكمة لاهاي "لأن الدستور يمنع ذلك". وذكرت صحيفة "غلاس" الصادرة في بلغراد أمس، والقريبة من عدد من أطراف "الحركة الديموقراطية الصربية" الحاكمة، ان عدد المعتقلين "أصبح 15 مسؤولاً كبيراً في نظام ميلوشيفيتش". والى ذلك، نقلت الصحيفة عن وزير الداخلية الصربي دوشان ميخائيلوفيتش ان ما يجري حالياً "هو غربلة للعهد الماضي، في اطار المساعي الرامية لوضع الأمور في نصابها الصحيح". وفي الوقت نفسه، قال وزير العدل الصربي فلادان باتيتش انه "سيتم بسرعة، كشف الكثير من الأمور التي ظلت خفية، وان اعتقال رئيس جهاز الأمن الصربي السابق راوي ماركوفيتش ضيّق حلقة الوصول الى ميلوشيفيتش". وأصدر "الحزب الاشتراكي الصربي" الذي يتزعمه ميلوشيفيتش، بياناً دان فيه اعتقال رادي ماركوفيتش وقال: "عار على كل من يصدق ان السلطات الحالية في صربيا، تعمل على تحقيق ترتيبات جديدة من العدالة وحكم القانون". لكن البيان لم يتطرق الى ما توافر من معلومات عن قرب اعتقال ميلوشيفيتش. ونقلت صحيفة "داناس" الصادرة في بلغراد أمس، عن الناطقة باسم الادعاء العام لمحكمة جرائم الحرب في لاهاي فلورانس ارتمان، انه "ينبغي على السلطات اليوغوسلافية ان تسمح لمحققي محكمة جرائم الحرب باستجواب ماركوفيتش وغيره من المعتقلين للوقوف على ما لديهم من معلومات، اذا ارادت بلغراد التعاون". ومعلوم ان راوي ماركوفيتش ليس من المسؤولين الصرب الذين اتهمتهم محكمة لاهاي بارتكاب جرائم حرب، على رغم مركزه المهم، كرئيس لجهاز الأمن الصربي، اثناء الحرب في كوسوفو. ويذكر ان روسيا طلبت أخيراً إلغاء محكمة جرائم الحرب الخاصة بيوغوسلافيا السابقة والتابعة للأمم المتحدة، من أجل ما وصفته "باستقرار منطقة البلقان". وقال وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف في تصريح صحافي السبت الماضي، ان هذه المحكمة "شكلت في وقت كانت البوسنة والبلقان في حال حرب، عندما لم تكن هناك مؤسسات ديموقراطية أو قضائية". وأضاف ان المحكمة أصبحت جزءاً من الماضي وان "استمرار عمل المحكمة لن يؤدي إلا الى عدم الثقة وعرقلة حل المشكلات في المنطقة". وقال: "لذا فقد طلبت من مجلس الأمن التفكير في انهاء عمل المحكمة". لكن المحكمة والدول الغربية التي تساندها، تصر على ان تفويضها لا يزال سارياً وانه لا يزال امامها الكثير من الاحكام لفرضها وبحسب رئيسة هيئة الادعاء العام كارلا ديل بونتي، فإن المحاكمات قد تستمر لعشر سنوات". ومعلوم ان متطلبات استمرار أعمال المحكمة تبلغ سنوياً حوالى مئة مليون دولار، تستقطع من المساعدات الدولية المخصصة لإعمار البوسنة واغاثة النازحين عن ديارهم فيها، في حين ان المحكمة أصدرت أحكاماً على 19 شخصاً فقط خلال السنوات الثماني التي مضت منذ تأسيسها عام 1993.