اصدرت منشورات "الزمن" في اطار سلسلة "ضفاف" للترجمة كتاباً تحت عنوان "التحليل النصي" وهو يضم تطبيقات تحليلية على نصوص من التوراة والانجيل والقصة القصيرة، من تأليف الناقد الفرنسي الراحل رولان بارت وترجمة عبدالكبير الشرقاوي. يحتوي الكتاب على مقاربة لنصين دينيين احدهما من الانجيل والثاني من التوراة ونص ثالث عبارة عن قصة قصيرة للكاتب الامريكي ادغار الن بو. تناول بارت بالتحليل تلك النصوص لاكتشاف خصوصيتها وفرادتها الجمالية، فهو لا يبحث عن البنية باعتبارها ذات طابع تجريدي صوري، بل يعنى بالبنية تلك الحركةالدائبة التي تشتغل بموجبها النصوص. إنه يهتم بفتح هذه النصوص على تفاعل مستديم مع أنساق اخرى، مما يجعل النص فضاء تتوالد فيه المعاني في شكل لا نهائي، وهذه البنية يسميها بارت "الدلالية". إن مقاربة بارت لهذه النصوص تنم عن فهم معين للقراءة، ليس باعتبارها قراءة تطبيقية تطبق خلالها آليات و مقولات نظرية محددة من أجل إثبات إجرائية هذه النظرية و صوابيتها، بل تتقدم بوصفها قراءة انتاجية تفجر كثافة النص وانغلاقه ووحدته لتفتحه على التفاعل مع الانساق الثقافية المختلفة، وذلك بالنظر اليه كنص متشكل من الما سلف أي ما سلفت قراءته وكتابته ومشاهدته في المجتمع، فالقارئ متعدد في مقروءاته ومصادر ثقافته ، وذاكرته ثرية بالما سلف من نصوص وأنساق لانهائية. على ضوء هذه الخلفية المعرفية يفكك بارت النصوص الثلاثة من خلال تقسيمها الى وحدات قرائية، ودراستها عبر استكناه الانساق المختلفة التي تفجرها تلك النصوص، كل ذلك في كتابة بارتية مرنة ومتحررة ،الامر الذي عكسته بدقة ترجمة عبدالكبير الشرقاوي. ولعل من ميزات هذا الكتاب أنه، بفضل عمق التحليل وإبداعية توظيف مختلف المنجزات النظرية، البنيوية واللسانية والسردية، يختبر النظريات على مستوى التطبيق، مما يسفر عن قراءة جدية وجمالية مع احتفاء خاص باللغة الواصفة، مما يجعلها لغة منفتحة ومغرية تعلم القارئ كيف يمكن ان يكون مبدعا في قراءته ليكشف من خلالها ذاته كقارئ بقدر اكتشافه النص المقروء. يقع كتاب "التحليل النصي" في 137 صفحة، وهو من الحجم المتوسط، ويضم تقديماً للمترجم وملحقاً ومعجماً للمصطلحات.