قوبلت عمليات المتشددين الألبان في كوسوفو وجنوب صربيا بادانة دولية واقليمية، ودعت يوغوسلافيا مجلس الأمن الى عقد جلسة عاجلة للبحث في "الوضع الخطير"، في حين تصاعد التوتر مع اعلان مقدونيا "حال تأهب" على الحدود مع كوسوفو، وتزايده في بلغراد إثر محاولة الاغتيال التي تعرض لها وزير الداخلية في الحكومة الصربية أول من أمس. عززت قوات حفظ السلام الدولية كفور دورياتها المدرعة على الطرق الرئيسية في اقليم كوسوفو. وأكدت الناطقة باسم الأممالمتحدة في الاقليم سوزانا مانويل وقوع هجومين بمتفجرات تم التحكم بها عن بعد، على قوافل الحافلات التي تنقل المسافرين الصرب بحراسة جنود "كفور" أول من امس أحدهما شمال الاقليم والآخر جنوبه، وذهب ضحيتهما ما لا يقل عن 11 قتيلاً وأكثر من 40 جريحاً. وكانت قافلة حافلات تعرضت قبل ذلك بيومين، جنوب كوسوفو، لهجوم بالأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية، اسفر عن قتل شخص وجرح ثلاثة آخرين من ركابها الصرب. واستمر التوتر الشديد في كوسوفو أمس، وظلت الطريق الرئيسية الى العاصمة بريشتينا مقطوعة بسبب حواجز ونيران اشعلها محتجون صرب على الهجمات التي تعرضت لها الحافلات الوافدة من صربيا. وتوجهت الاتهامات المحلية والدولية الى متشددين البان في هذه الحوادث التي اعتبرت الأكثر دموية خلال عام. وتسود توقعات بأنها ستؤدي في صورة أكبر الى تقويض جهود قوات حفظ السلام التي تسعى الى استقرار أوضاع الاقليم، منذ تولي حكومة ديموقراطية الحكم في بلغراد، أعلنت انها ترغب في تحسين العلاقات مع الألبان. واعتقلت قوات حفظ السلام مواطنين البان قرب موقع الحوادث التي وقعت للاشتباه في وجود علاقة لهم بها. ودان سياسيون في بلغراد الحوادث التي وقعت في كوسوفو ووصفوها بالعمل "الارهابي". وحض الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا الصرب على عدم الوقوع في مصيدة من وصفهم بالارهابيين الالبان، والرد على جرائمهم باستخدام القوة. ودعا حلف شمال الأطلسي الى الحيلولة دون تحول اقليم كوسوفو مكاناً "يتحكم فيه الخوف والاضطهاد". وناشد المجتمع الدولي وضع حد لأولئك الذين يمنعون تحقيق الاستقرار في كوسوفو والبلقان. وأكد "ضرورة حماية السكان من جميع الأعراق، وعودة النازحين الى ديارهم في الاقليم". وادرجت وسائل الاعلام في منطقة البلقان هذه الحوادث "ضمن محاولات المتشددين الألبان إرهاب الصرب والاعراق الأخرى غير الألبانية، وارغام من تبقى منهم على الرحيل الى خارج الاقليم". وفي جنوب صربيا، تصاعدت المواجهات بقذائف المدفعية والأسلحة الرشاشة بين المسلمين الألبان والقوات الصربية. وأفاد المركز الصحافي الصربي في مدينة بويانوفاتس جنوب صربيا ان أربعة مدنيين صرب ثلاثة رجال وامرأة واحدة خطفهم "ارهابيون البان". وفي المقابل أكد طاهر دليتي احد قادة "جيش تحرير بريشيفو وبويانوفاتس وميدفيجا" في تصريح صحافي نشر في بريشتينا أمس ان المقاتلين الألبان "يرفضون التسهيلات التي ينوي حلف شمال الأطلسي تقديمها الى القوات الصربية لدخول المنطقة المنزوعة السلاح". وأوضح ان الألبان جميعاً "سيلبون نداء التعبئة العسكرية العامة للدفاع عن بلادهم وشعبهم"، وسيدافعون عن مواقعهم ويتصدون لكل من يحاول ازاحتهم عنها "سواء كان صربياً أم دولياً". ودعت يوغوسلافيا مجلس الأمن الى عقد جلسة عاجلة "للبحث في الأوضاع الخطيرة في كوسوفو وجنوب صربيا، التي اثارها ارهابيون البان". وبعثت الزعيم الديني- السياسي لصرب كوسوفو المطران ارتيميا برسالة الى الادارة الأميركية، طلب فيها "العمل على وقف المجازر ضد الصرب ومحاسبة القائمين بها بتهم جرائم حرب". وواجهت الحوادث المأسوية الأخيرة في كوسوفو وجنوب صربيا، ادانة دولية واسعة. ففي بلغراد أعرب الناطق باسم السفارة الأميركية لدى يوغوسلافيا عن "وقوف الادارة الأميركية ضد هذه الممارسات الخطيرة". وفي بروكسيل ندد مسؤول الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي خافييرسولانا بمرتكبي الجرائم في كوسوفو وبعث بتعازيه الى أهالي الضحايا. بلغراد الى ذلك، اتخذت السلطات في بلغراد اجراءات حراسة مشددة لحماية كبار المسؤولين السياسيين والحكوميين، بعدما تعرض وزير الداخلية الصربي دوشان ميخائيلوفيتش لمحاولة اغتيال وسط العاصمة، أول من أمس. وأعلنت وزارة الداخلية الصربية، اعتقال خمسة اشخاص من الذين شاركوا في المحاولة "اثنان منهم سبق ان عملا في أجهزة الشرطة والأمن". لكن الوزارة التي اكدت وجود علاقة لمنفذي العملية بعصابات "المافيا"، أوضحت ان التحقيقات جارية "لمعرفة ارتباط هؤلاء الأشخاص، سواء مع مؤسسات النظام السابق أو مع جهات أجنبية". ومعلوم ان الوضع لا يزال غير مستقر في بلغراد والمدن الصربية الأخرى، على رغم الحزم الذي وعدت به السلطة الجديدة بقيادة "الحركة الديموقراطية الصربية" التي اطاحت الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش. وعقب محاولة اغتيال الوزير الصربي، قتل شخصان في بلغراد، الليل ما قبل الماضي، وأدت موجة العنف التي تجتاح بلغراد والمدن الصربية الأخرى، الى اشاعة الخوف والذعر، وانزواء غالبية السكان في بيوتهم مع حلول الظلام.