استعاد المقاتلون الشيعة معقلهم في ولاية باميان وسط افغانستان لبضع ساعات أمس، قبل ان تنجح حركة "طالبان" في طردهم مجدداً . وقالت مصادر الحركة في قندهار ل"الحياة" أمس، أن قواتها نفذت انسحاباً استراتيجياً خوفاً من نزوح الأهالي بسبب اندلاع المعارك في الولاية، ثم عادت وسيطرت على المدينة بعد قتال بسيط أرغم قوات المعارضة على الانسحاب. في غضون ذلك، أمرت "طالبان" بإغلاق مكتب الاممالمتحدة في العاصمة كابول، رداً على إغلاق مكتبها في نيويورك أول من امس. وكانت قوات حزب الوحدة الشيعي الموالي لطهران بزعامة عبدالكريم خليلي المشاركة في التحالف العسكري للمعارضة الأفغانية بقيادة الجنرال أحمد شاه مسعود، استولت على المدينة التي تبعد 240 كلم عن كابول. وأعلنت مصادر المعارضة ان مئة من مقاتلي "طالبان" قتلوا، فيما أسر العشرات منهم، الأمر الذي نفته الأخيرة. وتسعى قوات المعارضة الأفغانية من خلال المعارك في باميان الى قطع الطريق الرئيسية المؤدية من كابول الى مزار الشريف عاصمة الشمال الأفغاني، ما يهدد قوات "طالبان" في الربيع المقبل الذي يتوقع المراقبون ان يكون ساخناً. وتعتقد بعض الأوساط العسكرية انه في حال نجحت قوات حزب الوحدة بالسيطرة على باميان فإن ذلك سيعزز صورته امام القوى الدولية الداعمة للمعارضة، والتي ستكسب دعماً متنامياً في المستقبل أملاً في هزيمة "طالبان" المغضوب عليها من جانب أطراف دولية وإقليمية عدة. وربطت مصادر باكستانية مطلعة بين هذه التطورات العسكرية المتلاحقة وبين اللقاءات التي يجريها مدير مكتب آسيا في الخارجية الروسية الكسندر الكسييف مع كبار المسؤولين الباكستانيين وفي مقدمهم وزير الخارجية عبدالستار ووكيل الخارجية انعام الحق وكذلك مدير مكتب أفغانستان في الخارجية الباكستانية عزيز خان، اذ تحدثت المصادر عن بحث معمق للأزمة الأفغانية وتداعياتها، كما أثار الوفد الروسي قلقه من "الإرهاب الأصولي المتنامي في أفغانستان والذي يمتد الى دول آسيا الوسطى وكذلك الشيشان". ويعتقد مراقبون أفغان أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على حركة طالبان بسبب رفضها تسليم أسامة بن لادن المطلوب اميركياً بتهم نسف السفارتين الاميركيتين في افريقيا الوسطى عام 1998، ستفاقم حدة الصراع الأفغاني - الأفغاني، وستدفع الأطراف المتحاربة الى التشدد في مواقفها، الأمر الذي يعني تصعيداً في المعارك. وتجلى ذلك في معارك باميان الأخيرة الأمر الذي سيفاقم من أزمة المدنيين اذ سيرغموا على ترك بيوتهم بسبب المعارك. وكانت مصادر الإغاثة الدولية في هراة أعلنت امس، عن وصول عدد النازحين من مناطق الجفاف والبرد الى المدينة الى أكثر من مئة ألف شخص، وتتوقع المصادر ان يتزايد العدد اكثر في المستقبل. وحملت مصادر في حركة "طالبان" ايران وطاجيكستان مسؤولية تجدد المعارك في الشمال الأفغاني، واضافت هذه المصادر ل"الحياة" أن الدعم العسكري والمادي المتنامي في الفترة الأخيرة لقوات المعارضة، دفعها الى شن هذه الهجمات العسكرية ضد "طالبان".