"إمضاءات" كتاب جديد للشاعر العراقي شوقي عبدالأمير صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت - عمان وهو أشبه بدفتر الأسفار والأحوال التي يحياها الشاعر المسافر ويدوّنها أو يكتبها نصوصاً نثرية وتأملات... وضمّ الكتاب ترجمات شعرية لشعراء من العالم. ويقدم الشاعر كتابه قائلاً: "هي، هذه البحار والمدارات التي أطوف، أجوسُ، وأكتب فيها، عنها ومنها وبها... ولي عينٌ في الأبد وأخرى على الأرض، صفحتا كتاب لم يُكتب قط، إنه يتشكل في لحظة ذوبان الجسد في محيطه قطرةً، قطرةً كمن يعصر كينونةً في بُرهة طارئة. إلا انني اعتدت ان أستجوب البرهة والطارئ قبل ان ينفلت ليسقط خارج الديمومة، أن أستوقف رمل الاندثار وهو يتراكمُ زائغاً بين اصابع اللحظة، ان أنقل مشاهد هذا الاشتباك العاشق بين مضارعةِ الجسد ومضاءِ الزمن... أن أترك "إمضائي" توقيعاً ثم امضي في شهادة أنا المحو والامّحاء فيها... هكذا أختنق بقشعريرة لغة تعرف كيف تكسر حياديتها لتتلبّس بالمعنى مثل سيدة تكسر مرآتها لتتوحد بها شكلاً ومضموناً... صوتاً ودلالة... في كهف الأبجد العربي ينام عبقري مجهول، يدلقُ بلسانه بوجه كل الشعراء العرب. إنه "الإمضاء" والمضيّ يقودان الكتابة لديّ... هما، مصباحي المتقد ليل نهار، لا لأنه يشبه مصباحَ ديوجين الاغريقي، بل وبكل بساطة لأنه معلق دائماً في سقف عتمات الداخل. إنني امضي في لحظة ولي امضاء بها ولها، ذِكرٌ، صورٌ، صمتٌ، صراخٌ لأمكنة وظلال وشخوص تتجمع لديّ في دفاتر وقصاصات "أوراق من اطلس شخصي" تركت جزءاً منها في الفصل الأول من هذا الكتاب... نثر تسجيلي أو سرد توثيقي، دخانٌ مجفف من ثلاجة الحاضر لمشاهد وحرائق المكان والدم والحبر في تُرع وبقاع اختلطت بي. وفي هذا الكتاب ايضاً وعلى مرأى أقرب الى تدوين الشهادة والرأي من زاوية شعرية انشر بضعة كتابات ك"ناصية ونص" لمقاربات وأطروحات في شؤون الحياة والأدب من منطلق محاورة النسغ الخفي ابداً بين ما يكتبُ النص ومن يكتُبُ الناصية. هذا الكتاب إذن هو شكل من انتشار النص عندي خارج الحدود "العُرفية" لما يُسمّى ب"الفن الشعري" لعله يلقي الضوء على المسارات والمهارب التي يلجأ إليها شاعر خارج ميادين القصيدة وأسوارها، أو هي مدارات خروجه عن متون النصوص التأسيسية لديه ليقول أي شيء آخر. وأخيراً فإنه يرتبط، بالنسبة لي، بالعودة الى العالم العربي، هذه العودة التي تتكرّس منذ ست سنوات بعد أن قضيتُ ربع قرن في فرنسا... هي عودة لبيروت، ومن بيروت الى اللغة والعالم العربي ....