قالت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان وزارة الاعلام السورية تسلمت اكثر من 70 طلباً تتضمن "الرغبة" في اقامة دوريات خاصة بموجب المرسوم الجديد الذي اصدره الرئيس بشار الأسد وسمح بتأسيس صحف خاصة بعد مرور 38 سنة على "التأميم الاعلامي" في سورية. لكن الوزارة لم تتسلم الى الآن سوى ثلاث موافقات من "الجهات الخاصة" المسؤولة عن ذلك من اصل عشرة طلبات رسمية قدمت الى الحكومة بعد صدور التعليمات التنفيذية للمرسوم الرئاسي، بينها طلبان لاصدار صحف سياسية. وبعدما أكد خبراء وجود "توجه رسمي" بعدم اعطاء رخص الى صحف سياسية كبيرة وإلى غلبة الصحافة الاعلانية والفنية والاجتماعية على الطلبات، اشاروا الى احتمال ان يكون "الاستثناء" السماح للنائب باصيل دحدوح باصدار صحيفة "الشام" لتكون ناطقة في شكل غير مباشر بلسان "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، في اطار طي صفحة الماضي مع الحزب السوري بعد عقود من الجمود والقطيعة بسبب وجود اعتقاد بأن "القوميين الاجتماعيين" كانوا وراء اغتيال الضابط "البعثي" عدنان المالكي. وهناك معلومات عن حصول الصحافي رياض نجيب الريس على "ضوء اخضر" لاعادة اصدار صحيفة "القبس" التي أسسها والده، بطبعتين في بيروت ودمشق. لكن مصادر وزارة الاعلام تؤكد انه "لم يتقدم إلى الآن بطلب ترخيص رسمي" لإعادة اصدار الصحيفة التي اوقفت قبل 43 سنة، على رغم صدور التعليمات التنفيذية للمرسوم الرئاسي الذي سيصبح قانوناً بعد إقراره من البرلمان في الاسابيع المقبلة ليحل محل القانون الحالي الذي يتجاوز عمره 52 سنة. وتقصد خبراء وزارة الاعلام الذين ساهموا في صياغة هذه التعليمات عدم الاشارة في شكل مباشر الى موضوع الرقابة على الصحف السورية او غير السورية، لكنهم كانوا متشددين لجهة علاقة الصحف مع الجهات الخارجية، اذ نصت التعليمات التي من المقرر ان يقرها مجلس الوزراء في الايام المقبلة على ان "لا يكون صاحب المطبوعة بأي صورة كانت في خدمة دولة أجنبية". وكررت التعليمات ما جاء في المرسوم الرئاسي من عدم جواز سؤال الصحافي "عن مصادر معلوماته الصحافية باستثناء ما يسنده الى مصدر مسؤول"، مؤكدة على ان لوزير الاعلام "صلاحية سحب بطاقته المراسل/ الصحافي الصحافية في حال امتناعه عن التعريف بهذا المصدر المسؤول". واستند صدور المرسوم والتعليمات التنفيذية الى وجود "توجيه رئاسي" بان يكون القانون المرجعية الاساسية لعمل الصحافيين السوريين ومراسلي وسائل الاعلام العربية والاجنبية على اساس قرار القيادة القطرية لحزب "البعث" السماح بتأسيس صحف خاصة وصحف ناطقة باسم كل من احزاب "الجبهة الوطنية التقدمية"، ما ادى الى صدور صحيفتي "الدومري" و"الاقتصادية" بموجب "توجيه سياسي" لتكونا أول دوريتين خاصتين تصدران منذ وصول حزب "البعث" الى الحكم في العام 1963، عندما الغيت جميع الصحف واقتصر الاعلام المطبوع على ثلاث صحف قومية هي "الثورة" و"تشرين" و"البعث" وعدد من الصحف المحلية الرسمية. ولاحظ خبراء مدى تأثر المرسوم والتعليمات بالنقاشات في الأشهر الأخيرة في المنتديات الثقافية - السياسية، حيث استهدفت التعديلات التي طرأت على الحسم في مواضيع "الامن الوطني" و"وحدة المجتمع" و"أمن الجيش وسلامته" و"الوحدة الوطنية" و"هيبة الدولة"، في اطار حديث المرسوم الرئاسي الرقم 50 عن "ما يحظر نشره" و"الجرائم" التي يحاسب عليها الصحافيون. وتكررت عقوبة السجن في مرات عدة عقابا على جرائم يرتكبها الصحافيون. وعلى عكس القانون القديم، فان المرسوم جعل جرائم "الذم والقدح والتحقير" من صلاحيات قانون المطبوعات بحيث تكون العقوبة من شهرين الى سنة والغرامة المالية من الفي دولار اميركي الى اربعة آلاف، و"جرائم الافتراء" من صلاحيات قانون العقوبات العام، مع الطلب بانزال اقصى العقوبة "اذا تم ذلك عن سوء نية او سبب اقلاقا للراحة العامة وتعكيرا للصلات الدولية او نال من هيبة الدولة او مس من كرامتها او مس الوحدة الوطنية او معنويات الجيش والقوات المسلحة او الحق ضرراً بالاقتصاد الوطني وسلامة النقد ما لم ينطبق الفعل على عقوبة أشد"، ذلك بعدما "حظر" المرسوم في بداية نصه "نشر المقالات والاخبار التي تمس الامن الوطني ووحدة المجتمع وكذلك التي تتعلق بأمن الجيش وسلامته وبحركاته وعدده وتسلحه وتجهيزه ومعسكراته باستثناء التي تصدر عن وزارة الدفاع". واعطى المرسوم صلاحيات اضافية لوزير الاعلام بحيث اصبح له الحق في السماح او منع المطبوعات الاجنبية وفقاً لتقديراته، إذ نصت المادة 10 على "انه يحق للوزير ان يمنع دخول او تداول المطبوعات الخارجية اذا تبين انها تمس السيادة الوطنية او تخل بالأمن او تتنافى مع الآداب العامة". ويتوقع محللون ان يتجه الراغبون في اصدار صحف خاصة الى الصحافة الالكترونية، ذلك ان المرسوم لم يتناول الاذاعات والتلفزيونات والصحافة الالكترونية والانترنت. كما انه لم يشر الى الرقابة المسبقة على المطبوعات المحلية وغير السورية لانها من اختصاص قانون الطوارئ والاحكام العرفية الصادر في العام 1962.