ما زالت تلك الفتاة القروية البسيطة العفوية التي تحب ان تفترش الأرض وتمشي حافية القدمين في البيت، ولا تحب المظاهر لكنها تفتقد الصداقات الحقيقية، وتتألم لفقدان الحب في حياتنا، هكذا تقدم الفنانة هناء نصور نفسها. برزت هناء في كوميديا "جميل وهناء" وتألقت في دور البدوية في "الثريا" وهي الى اجادتها التمثيل تملك صوتاً "فيروزياً" وحنجرة ذهبية. وهي ترفض أن تصبح مطربة، لأن التمثيل مهنتها، لكنها لا تمانع في أن توظف هذه الموهبة الاضافية في سياقها الطبيعي. برزت في المسرح عبر الكثير من الأدوار المتميزة ومن بينها "خارج السرب" عن نص الشاعر محمد الماغوط، ثم غادرت الى التلفزيون. ما الذي قدمه لك المسرح، وماذا تتوقعين من التلفزيون؟ - عندما يوجه إلي سؤال يتعلّق بالمسرح، أشعر وكأن غصّة في حلق الصحافي الذي يوجه السؤال وفي حلقي كممثلة، لأننا جميعاً نشعر بالنقص الموجود. فأنا فنانة لدي رغبة بالتفرغ للمسرح، لكن هذه الكلمة ليست واقعية، بل تكاد تكون خيالية، لأن التفرغ للمسرح في ظروفنا، يعني أن أصبح ممثلة موضوعة على الرف، أو ممثلة بالية تنزل فقط عندما يبدأ موسم المسرح. قد يطلبني عشرون مخرجاً مسرحياً في البلد لدور ما، ولكن كيف يمكنني أن أورّط نفسي كممثلة في العمل مع هؤلاء اذا كنت أعرف أنهم قدموا تجارب تافهة مثلاً، أنا لا أستطيع وحدي أن أصنع مسرحاً، بل يجب أن تتوافر أولاً جهة، أو جهات منتجة صحيحة، ومسرح حقيقي في البلد وبشر مهتمون حقيقة في المسرح، حتى أقدّم موهبتي على خشبته. مشاركتي في مسرحية "خارج السرب" حققت لي هذه الشروط لذلك شاركت بها باحترام، وافتخرت بهذه التجربة على رغم ما قيل من "أنه مسرح خاص" ويوجد فلوس الخ... لكن كل هذه المسائل لم تمهني، ما كان يهمني انني أعمل على نص للشاعر محمد الماغوط وهو علم من أعلام المسرح، ومع المخرج جهاد سعد وهو أيضاً علم من أعلام المسرح، ومع زملائي المشاركين في العمل وهم من نجومنا المعروفين... لكن للأسف صُدمت بأننا دائماً نخطو الخطوة الأولى ثم نتوقف. لأن أبسط حقوق الممثلين لم تتوافر. هذه مشكلة حقيقية لأننا مهما نظّرنا عن المسرح فنحن في النهاية أمام مسرح فقير في أدواته، وفقير في الجهات المسؤولة عنه. على رغم موهبتك الملموسة من خلال مشاركاتك المسرحية والتلفزيونية إلا أنك لم تحظي بأدوار البطولة في الأعمال التلفزيونية، إلا أخيراً مع المخرج هيثم حقي، ما هي أسباب هذا التجاهل برأيك؟ - لكي لا أتهم الآخرين، هناك جزء من الخطأ أتحمل مسؤوليته، وجزء آخر له علاقة بالقائمين على هذه الأعمال، الآن صار المنتج هو المتحكم باختيار الممثلين. وبالتأكيد عندما يختار المنتج الممثلين فهو للأسف لن يسعى وراء الموهبة، بل يسعى وراء أشياء تخصه، يراها تسوِّق عمله. ربما لست عنصر تسويق مهماً بمقاييس العرف القائم للمنتجين. لكن من ناحيتي أفتخر بالقول انني أشارك بالبطولة المطلقة في ثالث عمل لي مع المخرج هيثم حقي، ذلك لأن هيثم حقي مخرج له رؤية، ويختار ممثليه بنفسه ويرفض أن يأتي منتج ويفرض عليه ممثلين معينين. لا بأس أن أشتغل عملاً واحداً في السنة مع مخرج اختارني، لأنني على الأقل أعلم أنه اختارني لموهبتي وليس لشيء آخر. إذاً شكل اختيار هيثم حقي لكِ لبطولة مسلسله "الأيام المتمردة" نوعاً من إعادة الاعتبار؟ - بالتأكيد... شكل لي اعادة اعتبار قوية جداً، لأن هذا يتيح لي أن أثبت لنفسي، ولزملائي الذين كان يراودهم الشك، انه لن يصح الا الصحيح في نهاية الأمر. لو أردنا المقارنة السريعة بين التمثيل في التلفزيون والتمثيل في المسرح، هل يختلف الأمر بين الحقلين من حيث المواصفات أم أن هناك تقاطعات مشتركة بين المجالين؟ - بصراحة هناك خلاف بين المخرجين على مسألة اللغة المسرحية واللغة التلفزيونية، البعض يقول ان هناك لغة مشتركة بين الحقلين، بالنسبة لي كممثلة، العمل في المسرح يختلف كلياً عن العمل في التلفزيون. عند العمل في المسرح يجب أن تكون في قمة أحاسيسك، حركة اليدين، الشفاه وتعبيرات الوجه كلها يجب أن تكون واضحة. هذا شيء إذا عملته في التلفزيون فستبدو مبالغاً وممثلاً سيئاً، بل ستبدو وكأنك مهرج. أنا أحب العمل في المسرح لأن الأحاسيس تكون صادقة. أما في التلفزيون، وبحكم تقطيع المشاهد وظروف العمل التي لا يستطيع أحد أن يعرفها، فالأمر مختلف، كأن تمثل مشهد حب تعبر فيه للحبيب برومانسية عن جمال الجو وروعته فيما درجة الحرارة في الاستديو تصل الى الخمسين درجة، وتكاد تموت من الداخل بسبب تلك الحرارة. هناك صدق في المسرح وهناك معاناة أكبر في التلفزيون. القريبون منك يقولون ان لديك صوتاً جميلاً في الغناء، ويقال لديك صوت "فيروزي" لماذا لم يستثمر هذا الصوت في أعمالك؟ - ربما كان ذلك رد فعل على موضة الممثل الشامل، فالكل صار يمثل ويغني، لذلك حرقت هذه الموهبة في داخلي وطويتها وقلت: لا بد أن يأتي وقت أغني فيه في المكان الصحيح. أنا لست مطربة لكن سعيت لأن أوظف صوتي بالتمثيل. جاءتني فرصة الغناء في مهرجان "الأغنية" فقلت لهم: اعطوا هذه الفرصة لغيري، فهناك الكثيرون من الشباب الذين يسعون لأن يكونوا مطربين. أنا اجتهدت ودرست لأكون ممثلة وأحب أن أغني ضمن هذا السياق، أما ان اصبح مطربة فهذا لن يحدث.