ما الذي يراه نجوم الغناء في الدراما التلفزيونية من إغراء يجتذبهم إليها؟ في ذروة صعود السينما العربية عرفنا ظاهرة المطرب الممثل، وكانت تقوم على «استثمار» صوت مطرب ما وشعبيته من أجل ضمان «نجم شباك» له رصيده وجمهوره ولو في فن آخر، ناهيك عن أن فن الغناء ذاته كان مطلوباً في السينما تماماً مثلما كان قبل ذلك مطلوباً في المسرح، وأنتجت له عشرات الأعمال المسرحية الغنائية. التلفزيون هو «نافذة» العائلة على الفنون كلها (وعلى السياسة والرياضة طبعاً)، ولأنه كذلك بات نقطة ضوء تجتذب نجوم الغناء العرب للمشاركة في مسلسلات تلفزيونية يطمحون من خلالها إلى التواصل مع جمهورهم وحتى كسب جمهور جديد. لكنّ أعمال المطربين العرب الدرامية لا تشبه تلك التي حققها أسلافهم من المطربين في السينما، فهي لا تقوم على فن الغناء ولا يحتاج خلالها المطرب لتقديم أغنيات ينتظرها جمهوره ويصفق لها. هو هنا ممثل فقط، ممثل لا تسنده ألحان ولا صوت عذب يجعل المشاهدين يغفرون ضعف أدائه التمثيلي، خصوصاً أنه محاط بممثلين محترفين لا بد أن يقارن المشاهدون بينه وبينهم. إنهم يأتون للدراما كممثلين فقط، فما الذي يدفعهم للهجرة من فنهم الأصلي ولو موقتاً من أجل بناء علاقة جديدة مع جمهور مختلف وعبر وسيطة تواصل مختلفة؟ هو بحث عن «حياة» أخرى مختلفة بالتأكيد: هنا يجد الممثل نفسه في علاقات اجتماعية وإنسانية متشابكة مع الآخرين. هو ليس الصوت المنفرد الذي يقدم لمتلقين بمقدار ما يشارك مجموعة يتقمص كل من أفرادها دوراً يلعبه ويشبه دوراً ما في الحياة الواقعية. وفيما يحلق فن الغناء في التجريد حتى حين يتحدث عن الحب والحبيبة، نجد التمثيل يجتهد لمحاكاة الواقع واقتباس صوره وأحداثه وناسه. التمثيل عبر الدراما التلفزيونية مساحة أخرى تمنح المطرب – الممثل فرصة التعبير عن نفسه من خلال «حكاية» تزداد جاذبيتها في موسم الدراما العربية الرمضاني الذي يعرف الجميع أنه بات نوعاً من عكاظ يحظى بمشاهدات جماهيرية كثيفة، كما بجدالات فنية وعائلية لا تقلُ عنها، بل باتت نافذة لمزيد من الشهرة والتواصل مع جمهور عريض لا يتحقق في أية وسيلة أخرى كما يتحقق عبر الشاشة الصغيرة.