وصف وزير الخارجية المصري احمد ماهر الكلام الذي تعلنه اسرائيل عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بأنه كلام خطير للغاية وقال "إن اسرائيل بإعلانها ذلك تكون قد ابتعدت عن طريق التفاوض ومحاولة التوصل الى تفهم للموقف واختارت طريق استمرار العدوان وتعميقه وضرب الشعب الفلسطيني". وقال إن الجانب الاسرائيلي يحتفظ لنفسه كما يقول بالحق و"هو حق باطل اساساً ولا قيمة له في ان يدخلوا المنطقة أ ويقبضوا على الفلسطينيين وهو أمر مرفوض ولا يمكن إلا أن يُدان"، وشدد ماهر على أن مصر تطالب العالم كله بالتدخل العاجل، مؤكداً ضرورة ان تدرك الحكومة الاسرائيلية ان سياستها الفاشلة والعدوانية لن تؤدي الى اي نتيجة. وقال: "ان كل هذه السياسات لم تحقق لإسرائيل أمنها والأمن لا يتحقق الا بالتوصل الى تسوية عادلة مع الشعب الفلسطيني تضمن له حقوقه وتحقق له أمنه كما تحقق أمن اسرائيل"، معرباً عن اعتقاده بأن هذه هي الوسيلة التي ستدركها الحكومة الاسرائيلية مهما أمعنت في العدوان ولكن السؤال متى تدرك اسرائيل هذا وكم من الضحايا سيسقطون من الجانبين وكم من المآسي ستترتب على ذلك؟. وأشار ماهر الى تناقض اسرائيلي في محاولات إضعاف السلطة وفي الوقت نفسه مطالبتها باتخاذ اجراءات ضد من يقومون بانتهاك وقف النار. وتساءل: "كيف تقوم اسرائيل بمنع سلطات الأمن الفلسطينية من التحرك وتقصف مواقعها وتقتل اعضاءها ثم تطالب السلطة الفلسطينية بتفعيل وقف اطلاق النار؟". وقال إن هذا يمثل تناقضاً مقصوداً يحمل سوء النية ويحمل عدم الرغبة في التوصل الى تسوية وهو موقف بالغ الخطورة. ورداً على سؤال عن قطع الاتصالات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية اعرب ماهر عن أسف مصر لهذه الخطوة، مشيراً الى أن مصر تلقت بكل أسف البيان الصادر عن الحكومة الاسرائيلية بشأن قطع جميع اتصالاتها مع السلطة الفلسطينية واعادة احتلال المناطق والمدن الفلسطينية ومصادرة سلاح الشرطة الفلسطينية. وقال ماهر إن "مصر ترى ان قرار حكومة إسرائيل هذا يعد دليلاً قاطعاً على النية المبيتة لدى رئيس وزرائها بالتخلص من عملية السلام والتنصل من كل التعهدات والتفاهمات المبرمة بين الجانبين، مشيراً الى أن مصر تتفهم وتقدر الجهود التي قام وما زال يقوم بها الرئيس عرفات لتخفيف حدة العنف. مأزق وأكد ماهر على أن هذا التطور السلبي الجديد من الجانب الإسرائيلي يستوجب رد فعل فورياً وحازماً من جانب المجتمع الدولي وعلى رأسه الولاياتالمتحدة. واوضح أن الحكومة الاسرائيلية وضعت جميع الاطراف ونفسها ايضاً في مأزق وعلى من يحرصون على الأمن والسلام في المنطقة ان يتدخلوا ليخرجوا اسرائيل من هذا الوضع الذي وضعت نفسها والمنطقة فيه. وزاد: "ان على الذين يتحدثون عن حقوق اسرائيل في الدفاع عن النفس ان يدركوا أنها تتجاوز مثل هذا المفهوم بكثير جداً وتلجأ للعدوان وليس للدفاع عن النفس بل تحاول تقويض السلطة الفلسطينية وهي تعلم ان هذه السلطة التي انتخبها الشعب الفلسطيني هي القادرة على أن تقود الشعب الفلسطيني على طريق السلام الآمن والعادل والشامل". وأكد ماهر أن الدول العربية جادة في العمل على وقف هذا العدوان الاسرائيلي، مشيراً الى أن وزراء الخارجية العرب سيقررون الاسلوب الامثل للتحرك في الظروف التي تمر بها. وعما اذا كانت هناك عناصر فلسطينية تعارض الرئيس عرفات قال ماهر: "لا اتصور أن تكون هناك أية عناصر تعارض موقف الرئيس عرفات اذا كانت جادة في العمل على تحقيق رفاهية الشعب الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية". وقال ان "هناك أفراداً أو منظمات لا شك خالفت تعليمات الرئيس عرفات بوقف اطلاق النار وهو يتخذ الاجراءات ازاءها"، مشيراً الى أن التصرفات والمواقف الاسرائيلية تضعف قدرة الرئيس عرفات. وتابع ماهر: "نحن نتوقع ان يكون هناك موقف اميركي اكثر تفهماً لضرورة التدخل الحازم مع الطرفين، خصوصاً مع اسرائيل لوضع حد لهذا الوضع المؤلم والمؤسف والمأسوي والذي يضر باحتمالات السلام في المستقبل". ورداً على سؤال عن طرح فكرة وجود قوات اردنية للفصل بين الفلسطينيين والاسرائيليين نفى ماهر علمه بوجود تلك الفكرة، وتساءل: "ما هو الهدف من وجود تلك القوات الاردنية او العربية"، وقال: "من المفروض ان يوجد مراقبون دوليون هناك". مشيراً الى أنه سمع من شارون أنه لا يعارض وجود عدد قليل من المراقبين الاميركيين. وتساءل وزير الخارجية قائلاً: "ماذا سيفعل المراقبون بعد كل هذا الخراب والدمار وقتل الفلسطينيين، فالمشكلة ان الجريمة قد ارتكبت بالفعل". من جهة أخرى استبعد الامين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى عقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة أو لجنة المتابعة وأعلن أن اجتماع لجنة المتابعة سيتم في موعده يومي 4 و5 كانون الثاني يناير المقبل. موسى وأعلن موسى أن اتصالاته مع عرفات وعدد من وزراء الخارجية أسفرت عن طلب عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن. وحذر من نتائج التصعيد الاسرائيلي المستمر ضد الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية. وقال ان الاوضاع تتدهور بصورة مخيفة مما ينذر بنهاية مفجعة لعملية السلام بكل ما يترتب على ذلك من آثار. وأوضح موسى في رده على اسئلة الصحافيين حول قرار الحكومة الاسرائيلية بوقف الاتصالات مع السلطة الفلسطينية انه يرى أن الأجدر هو أن تتخذ القيادة الفلسطينية هذا القرار نفسه اذ لا فائدة من أي حديث عن السلام مع المؤسسة السياسية الاسرائيلية، وأن النوايا الاسرائيلية الحقيقية ازاء إقرار السلام في الشرق الأوسط اصبحت معروفة لمن كان لا يعرفها. واضاف موسى: "اذا كان هناك من يشك في أن الحكومة الاسرائيلية الحالية يمكن أن تقدم على اتخاذ الخطوات اللازمة للسير نحو السلام، فإن هذا القرار الأخير هو بمثابة توضيح لما تريده هذه الحكومة للمنطقة". مؤكداً أن "الحكومة الاسرائيلية قالت كلمتها والآن علينا جميعاً أن نقول كلمتنا". وقال موسى إن هذا القرار الذي صدر في ظل وجود مبعوثي السلام الاميركيين في المنطقة هو في حقيقة الأمر بمثابة قرار اسرائيلي منفرد بإنهاء الجهود نحو اقرار السلام في المنطقة بما في ذلك الجهود الاميركية، وعلى الولاياتالمتحدة ايضاً ان تقرر كيفية انقاذ هذه الجهود اذا أرادت أو اذا كانت هناك فائدة من ذلك. وأشار موسى الى أن هناك اعترافاً اميركياً بأن السلطة الفلسطينية تبذل جهداً للسيطرة على الأوضاع في الاراضي التابعة لها وانها تقوم بذلك على رغم التهديدات والاعتداءات التي تتعرض لها بصورة مستمرة من اسرائيل. لكن من الواضح ان الحكومة الاسرائيلية "عقدت العزم على تدمير اي فرصة لتطبيق الافكار الايجابية التي كان وزير الخارجية الاميركي كولن باول قد طرحها لإنهاء النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي من خلال تسوية عادلة وشاملة". وقال الامين العام إن استمرار الاعتداءات الاسرائيلية العنيفة ضد الشعب الفلسطيني "لن يثنيه عن المطالبة بكل حقوقه المشروعة" ولن تدفع اي دولة عربية على قبول الأفكار الاسرائيلية المعوجة للسلام". واشار في هذا الإطار الى ما صرح به عدد من القادة العرب ومن بينهم الرئيس حسني مبارك والامير عبد الله بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي عن استحالة ان يقبل أي حاكم أو حكومة أو شعب عربي بالمساس بالحقوق الفلسطينية والحقوق العربية في المقدسات الاسلامية والمسيحية في الاراضي الفلسطينية المحتلة.