قال السفير الايطالي لدى السعودية توركواتو كورديللي ان الضجة التي اثيرت حول اعتناقه الاسلام قبل ثلاثة اسابيع كانت بسبب تداعيات الهجمات التي تعرضت لها نيويورك وواشنطن في 11 ايلول سبتمبر الماضي وبدأت على اثرها حملة اعلامية غربية واميركية معادية للاسلام. وكان كورديللي اعتنق الاسلام رسمياً منتصف الشهر الماضي - قبل يوم من بدء شهر رمضان المبارك - حين توجه بنفسه الى مكتب الدعوة والارشاد في منطقة البطحاء - وسط الرياض - لينطق بالشهادتين، وبعد عشرة ايام قابل الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والمفتش العام الذي بارك له خطوته وأهدى اليه نسخة من القرآن الكريم وقطعة قماش من كسوة الكعبة. وتوجه مساء اليوم ذاته الى روما لاسباب شخصية، وليس بناء على دعوة من حكومته كما بث بعض وكالات الانباء. وتعود قصة كورديللي مع الاسلام الى عام 1964 حين زار القدس التي كانت تحت حماية الاردن، وأراد السفير حينها زيارة المسجد الاقصى فقال له اصدقاؤه الفلسطينيون انه لا بد ان يكون مسلماً لدخول المسجد او يشهر اسلامه بنطق الشهادتين. وقال ل"الحياة" انه حين نطق بالشهادتين "احس بشعور غريب يملأ قلبه بالايمان" ومن وقتها بدأ اهتمامه بالاسلام والقراءة عنه وعن الحضارة والثقافة الاسلامية والتاريخ الاسلامي وكان عمره 22 عاماً. وعندما كان عمره 18 عاماً فكر بدراسة هندسة التعدين ليعمل مع شركة "ايني" البترولية التي كان لها مشاريع في بعض الدول العربية، ولكي يضمن عملاً في هذه الشركة فكر بأن يتعلم العربية، ومن هنا بدأ اهتمامه بمعرفة العالم العربي. وحين تخرج من كلية الهندسة عاد ودرس العلوم السياسية في جامعة نابولي للالتحاق بوزارة الخارجية والعمل كديبلوماسي مختص بالعالم العربي، وبالفعل منذ 1969 حتى 1982 خدم كورديللي في سفارات بلاده في الخرطوم ودمشق وبغداد وطرابلس الغرب. وعلى رغم انقطاع علاقته المباشرة مع العالم العربي حتى عودته للعمل سفيراً لايطاليا لدى السعودية قبل 13 شهراً، الا انه بقي مهتماً بمتابعة قراءاته عن العرب والاسلام، خصوصاً ان زوجته فانا متخصصة بالدراسات الاسلامية. وفي لقائه مع "الحياة" اكد كورديللي انه عندما بدأ عمله في الرياض في 7 تشرين الثاني نوفمبر العام الماضي، وجد ان الظروف مناسبة له للتأمل ليحقق رغبته الدفينة باعتناق الاسلام، وقال: "تغيير ديني من المسيحية الى الاسلام، لم أكن أراه أمراً سهلاً لأنه يحتاج الى تأهيل نفسي وثقافي، وساهم وجودي في السعودية بازدياد قناعتي بالدين الاسلامي". وحين سألته "الحياة" هل هناك احد دفعه او شجعه على اعتناق الاسلام، نفى ذلك بشدة واضاف: "كما تعلم فإنه ليس هناك وسيط بين الانسان المسلم وربه في الدين". وكورديلي، الذي يتكلم اللغة العربية، قرأ القرآن الكريم وهو ينوي ان يؤدي فريضة الحج في الموسم المقبل وهو يصلي ويصوم، ويقول: "ان اركان الاسلام أمور اساسية بالنسبة إليّ الآن لكي اكون مسلماً صالحاً، وأنا اصلي حالياً واقرأ سورة الفاتحة باللغة العربية اما بقية السور والآيات فأقرأها باللغة الايطالية، ولكن حين اجيد العربية سأقرأ القرآن بالعربية لان قراءته باللغة الام يعطي شعوراً اكبر بالايمان". وأثار اعتناق السفير الايطالي لدى السعودية الاسلام ضجة في روما، وهو يقول: "انها ضجة اعلامية اثارتها بعض اجهزة الاعلام الايطالية التي يقف وراءها اليهود ومؤيدو اسرائيل، الذين حاولوا خلال الاسابيع الماضية تشويه صورة الاسلام والربط بينه وبين الارهاب في حين ان الاسلام دين التسامح والعدل ولا توجد في القرآن أية آية تحض على العنف او تحبذه". ويرى كورديللي انه لولا احداث 11 ايلول في الولاياتالمتحدة لما اثيرت هذه الضجة الاعلامية وان كان اعتناقه للدين الاسلامي لن يثير ارتياح بعض اليهود في ايطاليا، خصوصاً في وزارة الخارجية. وأكد ان الاسلام لا يمكن ان يقبل بالهجمات التي شهدتها الولاياتالمتحدة لان ما حدث هو ارهاب والارهاب ليس له دين ولا جنسية، فهل يمكن ان نربط بين الارهاب الذي تشهده ايرلندا واسبانيا واقليم الباسك، والدين المسيحي، بالطبع لا. واحترمت عائلة السفير كورديللي خياره باعتناق الدين الاسلامي وقال ان ابنه كارلو 32 عاماً وابنته داريان 31 عاماً ابلغاه احترامهما رغبته وكذلك زوجته فانا التي يأمل ان تعتنق مثله الدين الاسلامي بعد اكتمال قناعتها بذلك. وحين كان في روما قبل عشرة ايام ابلغ مسؤوليه في وزارة الخارجية باعتناقه الدين الاسلامي، وحين سألته "الحياة" هل وجد لديهم معارضة قال بحدة: "لا احد يستطيع ان يعارض خياري لان الدستور الايطالي يكفل حرية الاديان". وفي وزارة الخارجية الايطالية اصبح هناك الان خمسة مسلمين و40 يهودياً. ويأمل السفير ان يساهم اعتناقه الدين الاسلامي في نجاحه في توطيد علاقات بلاده مع العرب عموماً والسعودية خصوصاً.