تأتي الإجراءات اللبنانية الرسمية لمكافحة الأفيون زراعة وتصنيعاً وتهريباً وتجارة بدعم ميداني من وحدات الجيش السوري المتمركزة في البقاع في إطار سياسة عدم فسح المجال للمجتمع الدولي، وتحديداً الولاياتالمتحدة الأميركية، لفتح ملف الإرهاب من خلال زراعة المخدرات، لما بينهما من ترابط، خصوصاً بعدما نجحت الحكومة في تجنب المواجهة مع الإدارة الأميركية في شأن طلب تجميد أرصدة "حزب الله". وقررت الحكومة اللبنانية حزم امرها، لا سيما في منع زراعة الأفيون، الذي يبدأ موسمه في مطلع شباط فبراير المقبل، بعد ان تبلغ رئيسها رفيق الحريري دعم دمشق وقرارها وضع امكانات الجيش السوري في البقاع بتصرف الأجهزة الأمنية اللبنانية. وعليه باشر وزير الداخلية والبلديات الياس المر الذي ترأس أول من امس اجتماعاً موسعاً لقادة الأجهزة الأمنية والقضائية اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة، ليس لمنع زراعة الأفيون فحسب، وإنما لقطع الطريق على احياء زراعة حشيشة الكيف والتشدد في ملاحقة المزارعين والتجار والمهربين ومعاقبتهم، بمن فيهم الذين يؤمنون التسليفات المالية للمزارعين في مقابل شراء محاصيلهم من المخدرات. وأكدت مصادر المر ل"الحياة" ان لا عودة عن مكافحة المخدرات، مبدية ارتياحها للموقف السوري الداعم ولتجاوب الفاعليات البقاعية من نواب وزعماء عشائر ورؤساء بلديات ومخاتير في مساندة خطة الإتلاف وتعقب التجار والمهربين. وأشارت الى أن الحريري يتولى شخصياً في اتصالاته الخارجية موضوع توفير المساعدات المالية اللازمة لإقامة مشاريع تنموية في البقاع. وعن المستجدات التي دفعت الدولة الى التشدد هذه المرة في مكافحة المخدرات، بعدما حال السجال الذي دار في العام الماضي من دون توفير الغطاء السياسي لإتمام ذلك، قالت مصادر رسمية ل"الحياة" ان الحكومة بدأت بالتعاطي مع مرحلة ما بعد 11 ايلول سبتمبر على أنها تختلف عن المرحلة السابقة بسبب تداعياتها التي تستدعي عدم الاستلشاق بالقرار الدولي الرقم 1373 الذي ينص ايضاً على مكافحة المخدرات. ورأت ان السماح بزراعة المخدرات او التغاضي عنها اخذ يهدد صدقية لبنان في الخارج وبالتالي لا يجوز التساهل مع من يتسبب بذلك، مشيرة الى نجاح الحكومة في التهدئة من "فورة الغضب" الأميركية حيال رفض طلب واشنطن تجميد أرصدة "حزب الله" ما يحتم عليها عدم فتح الباب للإدارة الأميركية للولوج الى الساحة اللبنانية بضغوط جديدة من خلال المخدرات. ورأت ان نجاح الحكومة على هذا الصعيد يتطلب تضامناً رسمياً وسياسياً وشعبياً لإنجاح الحملة التي ستبدأ قريباً وتشمل مناطق اخرى غير البقاع، وهذا ما عبّر عنه نواب بعلبك - الهرمل الذين سارعوا الى تأييد الدولة في حملتها. ولفتت المصادر الى عدم ربط مكافحة زراعة المخدرات بتقديم البرامج الزراعية البديلة، خصوصاً ان للبنان مصلحة في ان يتقدم من المجتمع الدولي بشهادة "حسن سلوك".