القضاء على جميع سجناء معتقل قلعة جانغي من مقاتلي "طالبان" في مزار الشريف، غالبيتهم من العرب، وفي ظروف غير إنسانية مؤشر خطير إلى انتهاك حقوق الإنسان وبنود اتفاق جنيف الخاص بمعاملة أسرى الحرب، ودليل على البربرية والفظائع التي ترتكب في أفغانستان هذه الأيام ويتم السكوت عنها لغياب منظمات الأممالمتحدة عن ساحة المعركة، وعدم توافر رقابة من أطراف محايدة، فضلاً عن عدم تمكن وسائل الإعلام المستقلة من نقل ما يجري. ما حدث في مزار الشريف وقع في أماكن أخرى من أفغانستان خلال الأيام الماضية، والخشية من المعارك التي ستجري في قندهار، وإذا استمر غياب الأممالمتحدة وسكوت دول العالم التي لها رعايا في صفوف "طالبان" فإن الأيام المقبلة ستشهد مجازر في صفوف الأسرى من الأفغان الأجانب، وعمليات انتقامية ضد العرب منهم الذين يشير بعض المصادر الى أن استهدافهم متعمد من جميع الأطراف. إن الاعتراض على موقف هؤلاء الشباب المغرر بهم يجب ألا يكون مبرراً للسكوت على المعاملة الوحشية وغير الإنسانية التي يلقونها، والواجب يقتضي أن تتحرك الدول العربية من خلال جامعة الدول العربية، والمنظمات الإنسانية الدولية لحماية هؤلاء الأسرى، وضمان محاكمات عادلة لهم وعدم الاكتفاء بالرد التقليدي بأن الاتصالات صعبة، وليس بالإمكان عمل الكثير، وبأن الأوضاع في أفغانستان لا تسمح الآن بمراجعة الأسماء والتعرف الى الجنسيات. إن تأمين سلامة هؤلاء الأسرى من همجية الانتقام التي تجري رحاها في أفغانستان هذه الأيام، وضمان معاملتهم بطرق إنسانية، وتأمين محاكمات عادلة لهم لن تكون كافية إلا إذا حوكم وحوسب بعض رموز التيار الإسلامي في البلاد العربية الذي جعل هؤلاء الشباب نهباً للغلو والتطرف والإرهاب، وزج بهم في الحرب الأهلية الأفغانية وسهّل دخولهم في إشكالات الفصائل الأفغانية المتناحرة، ووصولهم إلى تنظيم "القاعدة". فهؤلاء الشباب هم ضحايا فكر سياسي متطرف سمحت له الظروف الاقتصادية والسياسية العربية بأن ينمو ويتحول إلى منهج للضياع والقتل المجاني.