بدأت قوات "طالبان" اخلاء قندوز، امس، بعدما حاصرتها قوات تحالف الشمال طوال اسبوعين. وافادت مصادر مختلفة ان مئات من المقاتلين غادروا وسلموا اسلحتهم، وافيد ان المقاتلين "الاجانب" ولاسيما العرب وجّهوا الى مزارالشريف قبل ان يننقلوا الى وجهة اخرى ذُكر انها قد تكون جزيرة غوام الاميركية في المحيط الهادئ.. وفيما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" امس، نقلاً عن قادة في المعارضة الافغانية" ان طائرات سلاح الجو الباكستاني استخدمت لاجلاء باكستانيين قاتلوا في صفوف "طالبان" في قندوز، نفت السلطات الباكستانية هذه المعلومات نفياً قاطعاً. ونقلت الصحيفة عن القادة ان خمس طائرات باكستانية حطت في افغانستان في الايام الماضية لاجلاء مقاتلين، وقالت ان المصادر الاميركية لم تؤكد ولم تنفِ هذه المعلومات. في غضون ذلك، قالت القوات المسلحة الاميركية رويترز انها ربما تستخدم جزيرة غوام غرب المحيط الهادئ لسجن اعضاء شبكة القاعدة بزعامة اسامة بن لادن الذين يتم اعتقالهم في افغانستان. وقالت ناطقة باسم القيادة الاميركية في المحيط الهادئ في هاواي انه لم يتم اتخاذ قرار نهائي في شأن المكان الذي سيأوي عناصر القاعدة او السجناء الآخرين من افغانستان قبل ان يواجهوا اتهامات رسمية. وقالت: ان "غوام احد الاقتراحات التي تدرس، ولكنها الان ليست سوي اقتراح. ولا يمكن ان نناقش كل العمليات المستقبلية". ووسط هذه التطورات وتتالي الانتصارات ضد "طالبان" دعا الرئيس الاميركي جورج بوش مجدداً مواطنيه الى الاستعداد لحرب طويلة وشاقة ضد الارهاب الدولي. وقال في حديثه الاذاعي الاسبوعي، محذراً "نحن مقبلون على اوقات عصيبة". موضحاً ان "اعداءنا يختبئون ويحيكون المؤامرات في العديد من البلدان. انهم منافقون وقساة لكن لدينا ثقة في عدالة قضيتنا. سنظل نحارب طالما الوضع يتطلب ذلك وسوف ننتصر في النهاية". وهدد بوش الدول التي تأوي منظمات الارهابية بأن الولاياتالمتحدة ربما تشن عمليات وقائية ضد منظمات محددة فيها. باكستان تعتقل 92 من "الافغان العرب" وكشفت مصادر باكستانية الى "الحياة" أمس ان سلطات الحدود الباكستانية اعتقلت 29 من الأفغان العرب الذين حاولوا اجتياز الحدود الباكستانية - الأفغانية، 22 منهم من طريق القبائل عند نقطة كرم إيجنسي شمال غربي باكستان، و7 في تشامان المعبر الباكستاني الى قندهار. وأكدت المصادر أن الأفغان العرب عبروا الحدود هرباً من القصف الأميركي المتواصل على مناطق بكتيا الأفغانية على الحدود مع أفغانستان حيث يعتقد أن بعض العرب ما يزالون يتحصنون هناك. وتجري السلطات الباكستانية تحقيقاً معهم لتحديد مدى علاقتهم بتنظيم "القاعدة". وفي هذا الاطار، أكد الرئيس الباكستاني برويز مشرف أمس في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء البلجيكي غي فيرهوفشتات الذي تترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، تحريك باكستان لبعض وحداتها العسكرية على الحدود مع أفغانستان، من أجل ضبط الأوضاع الأمنية ومراقبة التحركات على طول الحدود. وكانت مصادر قبلية أبلغت "الحياة" من المناطق المحاذية لأفغانستان أن موقعين للمليشيات الباكستانية شبه النظامية، دمرا من جراء قصف أميركي طاول تلك المنطقة صباح أمس. الاستسلام وبعد حصار استمر اسبوعين، بدأت قوات حركة "طالبان" أمس اخلاء قندوز، آخر معاقلها شمال افغانستان، بعدما استسلمت قواتها مع الدبابات والشاحنات وسيارات الجيب العسكرية الى قوات "تحالف الشمال". وأعلن القائد الحاج محمد محقق من التحالف ان حوالى 600 مقاتل اجنبي كانوا يقاتلون في صفوف الحركة استسلموا للتحالف قرب مدينة مزار الشريف التي تسيطر عليها قوات الجنرال الاوزبكي عبدالرشيد دوستم. واستسلم قرابة الفي مقاتل من طالبان ومن الاجانب خلال بضع ساعات. وفي كابول، اعلن محمد هابيل الناطق باسم وزير دفاع تحالف الشمال الجنرال محمد قاسم فهيم ان "الجلاء بدأ في الساعة 00،11 صباحاً 30،6 توقيت غرينتش. واكد وجود "اتفاق بين طالبان وقادة التحالف في مزار الشريف يقضي باستسلام جميع الطالبان في قندوز بمن فيهم غير الافغان"، من شيشانيين وباكستانيين وعرب. ورفض بعض عناصر الأفغان العرب والباكستانيين الاستسلام إلى قوات التحالف الشمالي وتعهدوا القتال حتى الموت. وجددت باكستان تحذيرها من مغبة التعرض للأسرى وطالبت معاملتهم بحسب القانون الدولي الذي يحظر إعدامهم. وتواصلت عملية الاستسلام الطالباني في جبهة ميدان شهر قرب كابول أيضاً إذ استسلم أكثر من 2000 من مقاتلي الحركة الذين سلموا أسلحتهم الثقيلة وسمح لهم بالعودة إلى منازلهم من دون التعرض لهم وكانت المنطقة شهدت اشتباكات عنيفة خلال الأيام القليلة الماضية وتكمن أهميتها أنها تقع على بعد 20 كلم إلى الجنوب من العاصمة كابول. ووصفت وكالة "فرانس برس" استسلام مقاتلي "طالبان" فقالت انهم وصلوا عبر الطريق الترابية على متن دبابات وسيارات نقل، او راجلين انهكهم التعب ولكن الارتياح كان بادياً عليهم. وقد سلم حوالى 1300 عنصر اسلحتهم امس السبت الى اعدائهم في تحالف الشمال، ويتوقع ان يلحق بهم الاخرون غدا الاحد. وكانت قوات النخبة انسحبت وتحصنت في قندز، المركز الصناعي والتجاري السابق، بعدما فقدت "طالبان" كل مواقعها السابقة في الشمال. وقد استقبل عناصر "طالبان" من جانب اعدائهم الطاجيك في قوات تحالف الشمال بالابتسامات والمصافحات. وكاننت الاسلحة التي سلموها: بنادق هجومية وقاذفات صواريخ ورشاشات ومدافع هاون. وستسلم المدفعية الثقيلة والدبابات في وقت لاحق. وبدا ان مقاتلي "طالبان"، المقدر عددهم بحوالي تسعة آلاف في قندوز صمدوا طويلاً امام القصف والهجمات، استسلموا غير آسفين. وقال احدهم ويدعى محمد: "يوجد عدد كبير من الاجانب مع حركة طالبان الان". واضاف: "لا اريد ان احارب معهم. على العكس، انا على استعداد للقتال الى جانب التحالف". وبينما كان المقاتلون الافغان ل "طالبان" يستسلمون في شرق قندوز، توجه المتطوعون الاجانب الى الغرب بموجب اتفاق استسلام لتسليم انفسهم الى قوات التحالف بالقرب من مزار الشريف، عاصمة اقليم بلخ، والقريبة من قندوز. وقال ناطق باسم تحالف الشمال ان هؤلاء الاجانب، باكستانيون وعرب وشيشانيون، سيسجنون و"يعاملون طبقاً للشريعة". أميركيون في كابول وافاد بعض سكان العاصمة الافغانية أمس ان عشرات الجنود الاميركيين او البريطانيين تمركزوا في مبنى في حي سكني في كابول. وقالوا انهم شاهدوا جنوداً غربيين يدخلون الى المبنى ويخرجون منه ليلاً وهذه هي المرة الاولى التي يشاهد فيها جنود اميركيون او بريطانيون في كابول منذ الحملة الاميركية التي بدأتها واشنطن في السابع من تشرين الاول اكتوبر الماضي. وقال رجل يقيم في الحي: "شاهدت 30 او 40 جندياً غربياً مسلحاً مساء أول من أمس"، مضيفاً ان الاجانب لا يخرجون من المبنى الا في الليل. وقال آخر: "يوجد اجانب غير انهم لا يخرجون مراراً من المبنى". وأعلن مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون ان قوات اميركية خاصة كانت موجودة على بعد بضعة كيلومترات من كابول لدى دخول قوات تحالف الشمال الى العاصمة قبل 10 أيام. ونشر حوالى مئة عنصر كوماندوس بريطاني في قاعدة باغرام الجوية على بعد حوالى 50 كيلومتراً من كابول وهم مكلفون تحضير القاعدة الجوية لوصول الرحلات الانسانية. ولكن حتى الوقت الحاضر لم تعط اي معلومات حول وجود قوات اميركية او بريطانية في كابول. في غضون ذلك، أكدت مصادر باكستانية مطلعة ل"الحياة" نبأ مقتل 35 كوماندوز أميركي خلال إسقاط طائرتهم "سي 130" قرب قندهار. وأوضحت المصادر أن الجثث تم نقلها إلى قاعدة يعقوب أباد في اقليم السند قرب كراتشي. ونفت وزارة الدفاع الاميركية الخبر، واعتبرته مجرد أكاذيب. خيول بن لادن وأعلن أحد قادة تحالف الشمال في مدينة جلال آباد أمس ان أسامة بن لادن يتحصن في مكان قريب من المدينة الواقعة شرق افغانستان. وقال هزارة علي انه تلقى تقارير تفيد ان بن لادن يتحرك ليلاً ضمن قافلة من الخيول، ونهاراً يختبئ في كهوف المنطقة. وأوضح ان زعيم تنظيم "القاعدة" شوهد قبل ثلاثة أيام في معسكر "بوراتورا" التابع للتنظيم على بعد 60 كيلومتراً جنوب غربي جلال آباد. وأكد ان موكب بن لادن الذي كان عديده يصل الى نحو ثلاثة آلاف شخص انخفض الى بضعة اشخاص، ويقتصر على المقربين جداً. مؤتمر بون وفي برلين، أعلنت وزارة الخارجية الألمانية امس ان طليعة الوفود الافغانية ستصل الى العاصمة الألمانية السابقة اليوم. وأضافت الوزارة في بيان لها انه سيكون بامكان الوفود التي ستصل مبكراً الالتقاء في ما بينها لاجراء محادثات ثنائية والاجتماع مع مفوض الأممالمتحدة الخاص الأخضر الابراهيمي. وذكر البيان ان المؤتمر لن يفتتح رسمياً الا بعد وصول كل المشاركين فيه الى قصر الضيافة الحكومي "بيترسبيرغ". وعلمت "الحياة" من مصدر مطلع ان المؤتمر قد يفتتح مساء الثلثاء في حال وصول جميع الوفود او صباح الأربعاء اذا تعذر على البعض الوصول الى مكان المؤتمر. وصرح مصدر ديبلوماسي ان كلام الرئيس الافغاني المخلوع برهان الدين رباني امس عن استعداده للتخلي عن منصبه في حال توصل مؤتمر بون الى تكليف شخصية وطنية قيادة البلاد بدلاً منه سينعكس ايجاباً على المؤتمر.