يشكل السعي الى تطوير مطار هيثرو وبناء محطة خامسة جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً تقوم بها بريطانيا من أجل ضمان تفوقها في السوق الدولية للنقل الجوي، في وقت تبدو أوروبا مرشحة لهيمنة ثلاثة تكتلات جوية، تقود احدها "الخطوط البريطانية" التي تتخذ من هيثرو مقراً لعملياتها. ويعتبر مطار هيثرو أكبر مطار للرحلات الدولية في العالم وثاني أكبر مطار للشحن الجوي، إذ تستقبل محطاته الأربع القائمة فوق 12 كلم مربع 1،64 مليون مسافر تنقلهم 93 شركة طيران إلى 160 وجهة حول العالم، كما تتعامل مع 80 مليون قطعة من الأمتعة. ويؤمن المطار الذي تقلع منه 1250 رحلة يومياً، وظائف في بريطانيا لقرابة 250 ألف شخص، منهم 68 ألفاً في المطار نفسه، ويدر دخلاً سنوياً يبلغ 3،7 بليون دولار. ويُعتبر تطوير المطار الدولي الذي بدأ بناؤه عام 1946، مسألة حيوية لصناعة النقل الجوي البريطانية، في وقت بات أغلب المطارات الأوروبية عاجزاً عن زيادة حصته من النمو في معدلات النقل الجوي التي تدور في حدود تسعة في المئة سنوياً. وكانت الحكومة البريطانية بدأت عام 1996 إعداد دراسة لبناء المحطة الجديدة. وتولت لجنة فنية طوال20 شهراً تقويم الدراسة، قبل إعطاء موافقتها. وأعلنت الحكومة البريطانية نيتها أمس تنفيذ المشروع الذي يُنتظر أن يكلف 3،3 بليون دولار، وأن يزيد القدرة الاستيعابية للمطار بمقدار 16 مليون مسافر سنوياً، ويضمن 5،16 ألف وظيفة ويدر عائدات بقيمة 1،7 بليون دولار. ومن المنتظر أن يتم أيضاً انفاق بليون دولار لتمديد خطوط النقل السريع التي تربط المطار ومحطاته بالعاصمة البريطانية. ويعاني مطار هيثرو من خلل بنيوي سببه نمط توسعه المتواصل، إذ لم يتم بناؤه منذ البداية ليكون مطاراً لرحلات المتابعة الدولية، كما هي الحال في مطار سخيبول، في ضاحية امستردام، الذي يتميز بانسياب يتيح للمسافرين التنقل من بوابة دخول الى بوابة أخرى في دقائق معدودة، علاوة على تسهيل نقل الأمتعة بسرعة من دون الحاجة الى الانتظار ساعتين على الاقل، إذا كانت رحلة المتابعة تنطلق من مبنى محطة ثانية، كما هي الحال في هيثرو. كما أن اقتصار المدارج على مدرجين اثنين سيفاقم الضغط على شركات الطيران ويؤخر الرحلات، لأن عدم وجود مدرج ثالث يفقد المطار المرونة المطلوبة ويؤدي إلى تأخير بعض الرحلات، في حال فاتها الموعد المحدد لوصولها أو اقلاعها، وهو تأخير ينجم عن ظروف لها علاقة بالأحوال الجوية أو قيود الصيانة أو أي أمور طارئة أخرى غير متوقعة. وقالت مصادر في "شركة المطارات البريطانية" التي تملك المطار وستة مطارات أخرى في بريطانيا، إن تصميم المطار الجديد سيراعي استقبال طائرات "ايرباص 380" العملاقة ذات الطابقين، وطائرات "دلتا" الأسرع من الصوت التي تبنيها "بوينغ".