عادت رحلات الطيران وخدمات القطارات الدولية شيئا فشيئا إلى طبيعتها في أجزاء من أوروبا امس لكن أثر الجليد والثلوج التي أحدثت فوضى واسعة لايزال واضحا على جداول المواعيد. وكان تعطل رحلات الطيران والقطارات فائقة السرعة في أوروبا وتلك التي تربط بريطانيا ببقية أنحاء القارة بمثابة كابوس عانى منه عشرات الآلاف منذ مطلع الأسبوع عندما تساقطت ثلوج كثيفة في وقت كانوا يخططون فيه لتمضية عطلة عيد الميلاد. وأثار ذلك أيضا نداءات بإقرار تشريع يجبر المطارات على التعامل مع الثلوج والأحوال الجوية السيئة بشكل أكثر كفاءة. وقال سيم كالاس مسؤول النقل بالاتحاد الأوروبي إنه يبحث فكرة إجبار المطارات على توفير حد أدنى من الدعم للبنية التحتية خلال الأحوال الجوية السيئة. وقال مطار هيثرو -أكثر المطارات الدولية ازدحاما في العالم- ومطار فرانكفورت -أكبر مطار في أوروبا- على موقعيهما على الإنترنت إن العمليات تعود إلى طبيعتها بعد أن تعطلت بشدة حركة الطائرات فيهما. وقال مطار هيثرو إنه أعاد فتح مدرجه الثاني الثلاثاء مما أعطى بصيص أمل لآلاف الركاب المنتظرين في صالات المغادرة والذين أمضى بعضهم أياما في الموقع في أوضاع شبهتها الصحف البريطانية بما هو عليه الحال في مخيمات اللاجئين. واستؤنفت الرحلات من وإلى مطار فرانكفورت صباح الثلاثاء بعد إغلاق المطار لعدة ساعات خلال الليل. أعداد هائلة من المسافرين مصطفين لركوب قطار (يورو ستار) وقالت شركة لوفتهانزا الألمانية إن الوضع في مطار فرانكفورت "يعود تدريجيا إلى طبيعته" وإنها "ترى إمكانات طيبة للعودة لعمليات الطيران المعتادة". وقالت شركة يوروستار المشغلة للقطارات الفائقة السرعة بين لندن وبروكسل وباريس إنها ستستأنف خدماتها المعتادة لكنها طلبت من المسافرين عدم الحضور إلا قبل ساعة واحدة من موعد المغادرة "لتجنب الازدحام والانتظار دونما داع". ووسط أجواء شديدة البرودة انتظر الآلاف الثلاثاء لساعات حول محطة سانت بانكراس في شمال لندن على أمل اقتناص أي مقعد متاح على قطارات يوروستار. وقالت يوروستار إنها ستلغي رحلات تسعة من قطاراتها البالغ عددها 52 قطارا الأربعاء لكنها قالت إن ركابها "سيعاد تخصيص مقاعد لهم في أحد القطارات المتاحة خلال الفترة القادمة." ورغم أن حدة الزحام بدأت تخف يشعر كثير من الركاب بالغضب. وقال راكب في مطار هيثرو كان يعتزم السفر مع زوجته "كانت هذه رحلة عمرنا... لكنها تحولت إلى كابوس." وتسبب الصقيع في شمال اوروبا في مزيد من الخسائر الثلاثاء عندما عجزت بعض المطارات عن مواجهة سقوط مزيد من الثلوج وكافحت متاجر التجزئة لتعويض المبيعات التي لم تتحقق في ايام التسوق القليلة الباقية قبل عيد الميلاد. وأقلع عدد أكبر من الطائرات اليوم مقارنة مع الاثنين لكن بالنسبة لالاف المسافرين الذين يأملون بالعودة الى بلادهم أو السفر بعيدا في عطلة عيد الميلاد كان تأخير أو الغاء الرحلات الجوية واسع النطاق. وقالت هيئة يوروكونترول التي تشرف على الحركة الجوية في انحاء 38 دولة انها تتوقع تشغيل مزيد من الخدمات بعد الغاء نحو 3000 رحلة جوية في انحاء اوروبا الاثنين. وكان لمتاعب الطقس في اوروبا عواقب بعيدة الاثر حيث حذرت كينيا من انها لن تحقق على الارجح توقعاتها السياحية لعام 2010 نتيجة لارتباك حركة الطيران. ومع توقع سقوط مزيد من الثلوج انحسرت بهجة العطلة بالنسبة للذين اقاموا مخيمات في مطار هيثرو بلندن الذين ينتظرون رحلات جوية أو يصطفون بحثا عن مقعد في قطارات يوروستار لعبور القنال الانجليزي في درجات حرارة تقل عن الصفر خارج محطة سان بانكراس بوسط لندن. وبدا مطار هيثرو مثل مخيم لاجئين يضم مسافرين غاضبين مصابين بالاحباط يقيمون في صالات المغادرة في انتظار معلومات عن رحلاتهم التي تأجلت أو ألغيت. وقالت هيئة المطارات البريطانية التي تمتلكها فيروفيال الاسبانية والتي تدير هيثرو أكثر المطارات ازدحاما في العالم انها تعمل بطاقة أصغر بكثير لان المدرج الجنوبي بقي مغلقا. غير ان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي تعرضت حكومته الائتلافية لانتقادات بسبب طريقة تعاملها مع الطقس القارس قال في مؤتمر صحفي ان المدرج سيعاد فتحه. وقال وزير النقل فيليب هاموند ان هيئة المطارات البريطانية رفضت عرضا بتلقي مساعدة من الجيش لازالة الثلوج. وقالت شركة الخطوط الجويةالبريطانية انها تتوقع الغاء عدد كبير من الرحلات من مطار هيثرو. ويعتقد محللون ان الغاء رحلات الطيران بسبب الثلوج يسبب خسائر في ارباح شركة الخطوط الجوية البريطانية بنحو عشرة ملايين جنيه استرليني (15.5 مليون دولار) يوميا. وسيعاد فتح مطار غاتويك بلندن لكن تم ابلاغ المسافرين بتوقع مزيد من التأخير والالغاء. واستؤنفت الرحلات الجوية من مطار فرانكفورت وهو أكبر مطار في القارة الاوروبية بعد اغلاق المطار بضع ساعات السابقة. وقالت شركة الطيران الالمانية لوفتهانزا انها تتوقع استئناف جدول الرحلات الجوية المعتاد الاربعاء حيث ستقلع كل الرحلات الدولية باستثناء تلك الرحلات المتجهة الى مطار هيثرو البريطاني. وبينما تتم معظم عمليات التسوق في الاسبوعين السابقين على عيد الميلاد فان شركات التجزئة الاوروبية تشعر بالقلق من ان الوقت ينفد لتعويض الخسائر التي منيت بها.