كابول، طهران - رويترز، ا ف ب - سقطت العاصمة الافغانية كابول في ساعة مبكرة من صباح امس في ايدي قوات "تحالف الشمال" المعارض بعد خمسة أعوام من سيطرة حركة "طالبان" عليها. وشهدت المدينة حوادث سرقة ونهب شملت الصيارفة ومستودعات الاممالمتحدة مع انسحاب قوات الحركة منها. ودخل مئات من المقاتلين ورجال الشرطة التابعين للتحالف الى العاصمة عبر الطريق القديمة المقبلة من الشمال على متن شاحنات وسيارات عسكرية او سيراً على الاقدام، لاحقين بالطلائع التي ناهز عددها ال60 شخصاً الذين دخلوا الى المدينة فجراً بسيارات جيب. ونقل التلفزيون الايراني مظاهر فرح وبهجة بين سكان العاصمة، خصوصاً لدى وصول قائد قوات التحالف الجنرال محمد قاسم فهيم برفقة وزير الخارجية في حكومة التحالف عبدالله عبدالله. وفي وقت كانت العناصر الاولى للقوات المعارضة المسلحة برشاشات كلاشنيكوف وقاذفات قنابل تدخل المدينة بسيارات ازدانت بصور القائد الراحل احمد شاه مسعود من جهة الشمال، كان عناصر "طالبان" يفرون منها من جهة الجنوب. وأشارت الاذاعة الايرانية الى "اطلاق نار متقطع" في المدينة وتحدثت عن "صفوف طويلة من سيارات طالبان" تغادر. وتدفق المئات من سكان العاصمة على المواقع الامامية التي تبعد نحو كيلومترين من المدينة للترحيب بالمقاتلين وغالبيتهم من الاقلية الطاجيكية والخزر. وشوهدت على الطريق المؤدي الى هذ المواقع دبابات "طالبان" وقطع من المدفعية المحترقة من جراء القصف الاميركي. كما شوهد ما لا يقل عن ست جثث لمقاتلين من "طالبان". وقال يونس قانوني وزير الداخلية في التحالف: "نحن هنا الان لضمان أمن المدينة والحؤول دون تعرض المجرمين للمواطنين". وأوضح ان "طالبان اخلت كل المناطق المحيطة بالعاصمة وربما ايضاً ولايتي لوغار جنوب العاصمة وميدان شار عاصمة ولاية وردك في غرب كابول. وتولى سكان المنطقة السيطرة على الولايتين". وافاد مراسل لوكالة "فرانس برس" ان عمامات سوداً ترمز الى حركة "طالبان" علقت على شرفة مقر قيادة الشرطة في العاصمة الافغانية حيث رددت الحشود "الموت للإرهابيين" وهي تطلق النار عليها. وخلع الرجال الموجودون في الشوارع عماماتهم وارتدوا قبعات تقليدية لانصار التحالف من اشارة الى ولائهم للاخير. وفي الشوارع، تمكن رؤية سيارات الاجرة فقط. وتجنب مالكو السيارات التنقل في هذه الظروف خوفا من تعرضهم للسرقة. واستأنفت اذاعة كابول بثاً موسيقياً للمرة الاولى منذ خمسة أعوام، كما افاد بعض سكان العاصمة الافغانية. وروى شهود ان ستة عرب قتلوا اثر تبادل لاطلاق النار، وكانت جثثهم ملقاة في منتزه شار ناو حيث كانت توجد احدى صالات السينما الاكثر شعبية في كابول قبل استيلاء "طالبان" على المدينة. وكان هذا الحي يستقطب الكثير من المقاتلين العرب من مناصري اسامة بن لادن. وقال الشاهد ان مئات الاشخاص احتشدوا حول الجثث ورددوا آيات التكبير و"الموت لباكستان" و"الموت للارهابيين". وراح محمد اجمل وهو احد السكان في شمال كابول يهتف وقد بدت عليه علامات الفرح "طالبان انسحبوا، طالبان انسحبوا". وقال آخر متحدثا عن قوات التحالف التي دخلت كابول من الشمال: "لقد وصلوا". وأشار مراسل "فرانس برس" الى ان مجموعات صغيرة من السكان تجمعت على امتداد الشوارع لاستقبال قوات التحالف وهي تهتف مع المقاتلين الذين كانوا على متن سيارات الجيب "الله أكبر". ولم يشاهد اي من جنود "طالبان" في شوارع كابول باستثناء مجموعة من الاسرى كان يواكبها مقاتلون من المعارضة. وكان يمكن مشاهدة ثلاث او اربع جثث لعناصر من الحركة سقطوا على الارجح ضحية القصف الاميركي. وأكد سجين سابق يدعى عصمة الله انه أفرج عن 360 معتقلاً من مقر قيادة الشرطة في كابول. وقال: "حين وصلت المعارضة هذا الصباح أطلقت سراح جميع الناس". وبث التلفزيون الايراني نقلاً عن مراسله في كابول ان "مقاتلي تحالف الشمال استولوا على مقر الرئاسة وأهم المباني العامة، لا سيما مقر وكالة بختار" للأنباء. مضيفاً ان "قوات التحالف يضمنون اعتباراً من امس الثلثاء امن السفارات الاجنبية". ونشر تحالف الشمال قواته في ارغندي 10 كلم الى شمال المدينة وفي سانجي نويشتا 5 كلم الى الجنوب وفي بولي شرقي 10 كلم الى الشرق، على ما ذكرت وكالة الانباء الاسلامية. واضافت الوكالة: "ليس هناك اي مقاومة والوضع هادئ. كما انه ليست هناك اشارة تدل على تحرك من جانب طالبان". سرقات واقتاد مقاتلو "طالبان" الذين غادروا كابول ثمانية محتجزين غربيين متهمين بالتبشير بالمسيحية الى معقلهم في قندهار جنوب شرق كما اعلن والد احد المحتجزين في اسلام آباد امس. وأوضح جون مرسر والد الاميركية هيثر مرسر بعد لقاء مع مسؤولين من "طالبان" في سفارة افغانستان في اسلام آباد: "علمت من مصدر غير رسمي ان المحتجزين الثمانية في صحة جيدة واقتيدوا الى قندهار". وكان العاملون الثمانية في منظمة "شلتر ناو" الدولية، وهم اربعة المان وأميركيان وأستراليان، اتهموا بالتبشير بالمسيحية كما كانت محاكمتهم جارية رسمياً في كابول. وسرقت ملايين الدولارات امس من سوق الصرف الرئيسة في كابول، فيما كان مقاتلو "طالبان" يغادرون المدينة ومقاتلو تحالف الشمال يدخلون اليها، كما أبلغ صرافون "فرانس برس". وقال حجي امين خوستي المسؤول عن سوق الصرف شرا - شاه زادا: "كل رأسمالنا، حتى الكومبيوترات والسجاد وأباريق الشاي ذهبت. انها جريمة ضد بلادنا، ضد الافغان وضد الاسلام". لكنه لم يوضح الجهة التي تقف وراء هذه السرقة. وفي نيودلهي، اعلنت مفوضة الاممالمتحدة العليا لحقوق الانسان ماري روبنسون ان مخازن المساعدات الانسانية نهبت في كابول. وقالت للصحافيين اثناء زيارتها لنيودلهي: "سبق ووردت معلومات حول نهب المساعدات الانسانية ونخشى ان تزداد الحال سوءاً. وفي ذلك مأساة شاملة للسكان المدنيين". وكانت الاممالمتحدة اعلنت ان مستودعاتها ومخازن الاغذية التابعة لها نهبت على ايدي عناصر "طالبان" في الاسابيع الاخيرة. "الجزيرة" وأعلنت قناة "الجزيرة" الفضائية ان مكاتبها في كابول اصيبت بقذائف اثناء دخول قوات تحالف الشمال الى العاصمة الافغانية. وقال مراسل القناة في قندهار نقلاً عن زملائه في كابول ان "قذائف سقطت على مكاتب المحطة القطرية في كابول ولكن من دون سقوط ضحايا". ولم توضح "الجزيرة" مصير فريقها بمن فيه الصحافي تيسير علوني الذي ذاعت شهرته لوجوده في كابول منذ بدء الازمة الافغانية وتفرده بالتغطية من الاراضي التي كانت خاضعة لسيطرة "طالبان". وأضاف مراسل الجزيرة في قندهار ان مراسلي الصحافة الاجنبية موجودون في فندق "انتركونتننتال"في كابول بطلب من "طالبان".