سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بداية الاحتكاكات في الأمم المتحدة بشأن مسألة "تعريف الارهاب". مندوبا الولايات المتحدة وبريطانيا : الارهاب لا يبرر بدوافع سياسية مندوب السعودية ومصر : تسوية لفلسطين وعدم زج الارهاب في الاسلام
برز جديد في معركة تعريف الارهاب، ليس كقديمه الذي ارتكز الى التمييز بين الارهاب وبين الحق بالكفاح المسلح للتحرر من الاحتلال والاستعمار، وانما بالاتجاه الى تجريد الارهاب من دوافع سياسية باعتباره ارهاباً، لأنه ضد المدنيين الأبرياء، وبهذا فهو ارهاب صرف بلا جدال. في المقابل برز توجه يخشى من ازدواجية المعايير عند تطبيق صفة الارهاب على أفراد أو منظمات أو دول. وبينهما برزت الحيرة والمخاوف من أجندة سرية لبعض الدول. كذلك، سادت التساؤلات في الأممالمتحدة، داخل الجمعية العامة وعلى هامشها، فيما هي تبحث في بند مكافحة الارهاب، عما اذا كان مجلس الأمن الذي يضم 15 دولة بينها 5 دول دائمة العضوية، هي الفاعلة في نهاية المطاف، قد صادر دور الجمعية العامة التي تضم 189 دولة تقف جميعها على قدم المساواة. اختلفت خطب الدول أمام الجمعية العامة على تفاصيل مكافحة الارهاب المجهول الهوية، لكنها تماسكت في العزم على القضاء "عليه". ولئلا يسقط الاسلام والعروبة ضحية عمليات الطائرات الانتحارية في نيويورك وواشنطن التي تفيد التحقيقات انها من فعل عرب ومسلمين، ظهر التوافق والاتفاق بين جميع الدول التي خاطبت الجمعية العامة الى الآن، على ضرورة الفصل بين الاثنين كي لا يرتبط "الارهاب" بالمسلمين والعرب. قاد حملة الفصل المندوب الأميركي الجديد لدى الأممالمتحدة السفير جان نغروبونتي بقوله ان الولاياتالمتحدة "لها حق الدفاع عن نفسها، لكننا لا نشعر بأننا وحدنا في هذا النضال، ولا نمضي به بمفردنا. ففي هذا البيت العظيم للأمم، لنا اصدقاء كثر. ونحن نعرف ذلك. ونعرف ايضاً ان الحرب التي نشنها ليست معركة ضد الاسلام". وتابع: "ان الارهابيين الذين نواجههم لن يتمكنوا من خداعنا بمحاولتهم لف أنفسهم في عباءة الاسلام الجليل. فما يقوله لنا عظماء قادة وحكماء الاسلام هو عكس ذلك تماماً. وتاريخنا وتجربتنا تقول لنا عكس ذلك. فنحن ساعدنا في الدفاع عن المسلمين في الكويت، وفي البوسنة وكوسوفو، ونحن نبقى في أول قائمة الذين يمدون افغانستان بالمساعدة الانسانية". وزاد ان هناك في الولاياتالمتحدة 1200 جامع ومليوني مسلم "وعقيدتهم هدية نجلها ونوقرها. لذلك علينا أن نكون مستعدين لنكرر مرة تلو الأخرى الحقيقة البسيطة: ليس هناك انقسام بين الولاياتالمتحدة والاسلام. ان الانقسام الواقع هو بين العالم الحضاري والارهاب، بين القانون وفوضى الجريمة، بين عالم في أمان وعالم في خطر". مندوب بريطانيا السيد جيرومي غرينستاك عالج ناحية تعريف الارهاب في خطابه امام الجمعية العامة. وقال "لنكن حكماء" في هذا الأمر "لأن الارهاب في معظم الحالات هو الارهاب. انه يستخدم العنف ليقتل ويدمر بلا تمييز بهدف تسجيل نقطة سياسية أو ثقافية، ومن أجل التأثير في حكومات شرعية والرأي العام بصورة غير عادلة تفتقد الأخلاقية". وأضاف: "توجد أرضية مشتركة بيننا جميعاً في شأن ما هو كنه الارهاب. فما له مظهر ورائحة ويقتل مثل الارهاب هو الارهاب". واعتبر ان مجلس الأمن في قراره 1373 وضع الاجراءات "المقبولة لكل من الدول الأعضاء في الأممالمتحدة للتعاطي مع الارهاب جماعياً وتحت اشراف الأممالمتحدة". وتابع غرينستاك: "هناك ايضاً حروب ونزاعات مسلحة حيث الاجراءات يمكن تصنيفها، لأسباب عائدة لقوى تحولية متبدلة وانشائية، بأنها ارهاب. هذا مثير للجدل الكبير وهو مساحة ذاتية غير موضوعية، لن يمكننا أبداً التوصل الى اجماع حولها، بسبب وجود آراء شرعية مختلفة داخل عضوية الأممالمتحدة". خطاب مندوب مصر السفير أحمد أبو الغيط حاول معالجة التعريف للارهاب كما علاقة الاسلام والعروبة به. كما حرص على ابراز الغرب على أنه هو الذي آوى ارهابيين متجاهلاً الانذار من الدول بذريعة حق المعارضة. قال: "استرعى اهتمامنا وتأييدنا تأكيد القرار 1373 لعدم منح الملاذ الآمن للهاربين المتورطين في الأعمال الارهابية وعدم جواز الاحتجاج بالدوافع السياسية كأسباب لرفض تسليم هؤلاء الهاربين". وحول تفاصيل قرار مجلس الأمن الملزم للدول، قال أبو الغيط: "تبقى لنا تساؤلات مهمة ينبغي أن نتابعها في ما يتعلق بهذا القرار الهام، ومنها على سبيل المثال، عناصر الولاية المنوطة باللجنة التي شكلها القرار لمتابعة تنفيذه، وما هي آلياتها وسلطاتها وصلاحياتها، والحد الفاصل بين دورها في المراقبة وقدرتها على التصرف... وعلاقة القرار بمجموعة القرارات الصادرة عن الجمعية العامة والمجلس ذاته في السابق وكذلك الاتفاقيات الدولية التي تتناول الأمر، وهناك الكثير من النقاط الأخرى التي ستحتاج لتوضيح خاصة بالنسبة للالتزامات التعاقدية السارية بين الدول وفقاً لقواعد القانون الدولي الأخرى والقوانين الوطنية". وتطرق الى قضية فلسطين محذراً بأنها "في مقدمة المشكلات السياسية والانسانية التي تنبغي تسويتها بشكل عادل يتيح للشعب الفلسطيني استعادة حقوقه الوطنية المشروعة. واذا تصوّر البعض في اسرائيل بأن الفرصة متاحة للقضاء على المقاومة الفلسطينية للاحتلال من خلال استغلال هذا الوضع الحالي الذي يواجهه العالم، فإنهم يخطئون خطأ جسيماً لا يعلمون أبعاده أو يقدرون عواقبه". وفي شأن الدين الاسلامي، قال أبو الغيط: "من المؤذي والمؤسف والمزعج حقاً ان تغتنم فئات أو جهات معينة فرصة وقوع هذه الجرائم الارهابية لكي تسرع وتوصم ثقافة أو حضارة بالاسم أو ان تزعم أن هذه الحضارة أو تلك تعلو وتسمو عن الأخريات". السعودية: مؤتمر دولي لتعريف الارهاب وجددت السعودية ادانتها الارهاب بكل أشكاله، محذرة من ان ربطه بدين أو عرق لن يساعد على مكافحته بفاعلية. واكدت ان الوقت حان لعقد مؤتمر دولي لوضع "تعريف محدد للارهاب" يفرق بينه وبين "حق الشعوب في النضال ومقاومة الاحتلال". وأعلنت ان ادانة ظاهرة الارهاب "لابد ان تشمل الارهاب الرسمي على مستوى الدولة الذي تمارسه اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني". جاء ذلك في كلمة المملكة امام الجمعية العامة للامم المتحدة، والتي ألقاها السفير السعودي لدى المنظمة الدولية فوزي شبكشي. وذكر بأن السعودية دانت "الأعمال الاجرامية التي نجمت عنها خسائر فادحة في الأرواح ودمار هائل وأضرار بالغة في الممتلكات"، مشيراً الى ان "العمل الاجرامي يتعارض مع كل القيم الدينية والمفاهيم الحضارية الانسانية". وشدد على "قلق" السعودية ازاء "محاولة بعض وسائل الاعلام ورجال السياسة استغلال المأساة في اميركا لالقاء التهم جزافاً على المسلمين والاسلام، فالإسلام بريء كل البراءة ممن قام بمثل هذه الاعمال الاجرامية التي تعتبر انتهاكاً صارخاً للقيم الدينية والمبادئ الاخلاقية الاسلامية". وزاد ان المملكة "تشعر ايضاً بقلق بالغ من المظاهر المتفشية في بعض المجتمعات، والتي تهدف الى التمييز ضد المعتقدات الدينية، خصوصاً الاسلامية، وكذلك محاولة الربط بين الاسلام وبعض الظواهر السلبية مثل الارهاب والتعصب، متناسين ان الاسلام يدعو الى نبذ الارهاب والتعصب، ويحض على التسامح والتعاون". ونبه الى ان الانضمام الى الاتفاقات المتعلقة بالارهاب "يجب ان يلازمه صدق النيات لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة والقضاء عليها". واكد مجدداً تأييد السعودية كل الجهود التي تبذلها الاممالمتحدة في هذا الاطار، بما في ذلك قرارا مجلس الأمن 1368 و1373، وتأييد الدعوة الى عقد مؤتمر دولي للارهاب" بصفته "حاجة ملحة". ورأى ان الوقت حان لعقد المؤتمر من أجل "وضع تعريف محدد للارهاب، يفرّق بينه كظاهرة خطيرة تهدد أمن المجتمع الدولي واستقراره، وبين حق الشعوب في النضال والمقاومة ضد الاحتلال، وفق ما نص عليه القانون الدولي، وميثاق الاممالمتحدة". وحذر مجدداً من "محاولات آثمة لإلصاق تهمة الارهاب بالعرب والمسلمين"، مشيراً الى "مقولات ظالمة يرددها بعض وسائل الاعلام، مثل الارهاب الاسلامي والخطر الاسلامي والقنبلة الاسلامية، وكأن الارهاب لا يوجد الا من المسلمين، ولم نقرأ ان للقنابل ديانات وللارهاب مذاهب دينية".