عاد ممثلو الملك الافغاني السابق محمد ظاهر شاه من اسلام اباد الى روما حيث مقر اقامته، لاستكمال المشاورات التي بدأوها في العاصمة الباكستانية في شأن تشكيل مجلس انتقالي للحكم في افغانستان تنبثق عنه حكومة موسعة. وتزامنت عودة الوفد مع استقبال الملك السابق مندوباً لقائد الميليشيات الاوزبكية الجنرال عبدالرشيد دوستم هو ملا عبدالباقي تركستاني لاجراء محادثات تتركز على الموضوع نفسه، وذلك بعد الزيارة التي قام بها دوستم لتركيا في اطار المشاورات مع القوى الاقليمية. وبدا ان المحاولة التي قام بها وزير الخارجية في حكومة "طالبان" ملا وكيل احمد متوكل لاقناع الاميركيين بوقف النار باءت بالفشل بعدما رفضت واشنطن الدخول في اي مفاوضات مع الحركة. واكدت مصادر باكستانية مطلعة ل"الحياة" امس ان متوكل زار باكستان عشية وصول كولن باول وزير الخارجية الاميركي بهدف اقناع لاميركيين بوقف الضربات على ان يتولى بعد ذلك اقناع زعيم "طالبان" ملا محمد عمر بالتراجع عن موقفه الرافض تسليم اسامة بن لادن. وعزت المصادر نفسها فشل المحاولة الى تمسك واشنطن برفض التفاوض فيما سرّبت مصادر امنية باكستانية الى بعض الصحافيين كلاماً مفاده ان الادارة الاميركية لا تبدو راغبة في رؤية بن لادن يحاكم في دولة ثالثة محايدة بل تفضّل مطاردته وتصفيته. وابلغ مصدر باكستاني رفيع المستوى "الحياة" في اسلام آباد أمس أن متوكل كان يعد للسفر الى دولة صديقة في المنطقة، لكنه تراجع عن هذه الخطوة بعدما ادرك ان الضربات لن تتوقف وهو بالتالي لن يستطيع استكمال مبادرته، فعاد إلى قندهار خالي الوفاض. وكان وزير خارجية "طالبان" اتفق مع مسؤولين في الاجهزة الامنية الباكستانية على امرين: اولاً، وقف الضربات لاطلاق مفاوضات على تسليم بن لادن، وثانياً، الحصول على ضمانات من الولايات المتحد بوقف الهجمات التي يشنها "التحالف الشمالي" المعارض على مواقع الحركة في الشمال الافغاني والحد من دور هذا التحالف مستقبلاً. واتفقت المراجع المعنية، بما في ذلك قيادة "طالبان"، على التكتم في شأن زيارة متوكل لباكستان، وذلك حرصاً منها على انجاح المفاوضات، لكن عودة الاخير الى قندهار ونفيه الانباء في هذا الشأن دليل على ان المحاولة باءت بالفشل. ويبدو ان الملك السابق استعاد زمام المبادرة في شأن المساعي لتشكيل حكومة افغانية موسعة في المنفى، اذ واصل مساعدوه اتصالاتهم مع شخصيات افغانية من اجل الاتفاق على مجلس تمثيلي يضم 120 شخصية من قادة قبائل البشتون والاعراق الاخرى، ويضم ايضاً اشخاصاً قريبين الى "طالبان" وان كانوا لا يعرفون بولائهم لها علناً. ويبدو ان هذه المبادرة تحظى برضى باكستاني كونها تفضي الى اشراك نسبة كبيرة من الشخصيات البشتونية في المجلس، مع الاحتفاظ بتمثيل للطاجيك والاوزبك والاعراق الاخرى، يتناسب مع التوزيع العرقي في افغانستان حالياً. ويتولى التنسيق في هذا الشأن سيد احمد جيلاني الزعيم الافغاني الموالي للملك. واجرى جيلاني مشاورات مع مندوب دوستم، واطلع كذلك على حصيلة المحادثات التي اجراها في باكستان وفد يمثل الملك السابق برئاسة هدايت امين ارسالا. ويتوقع ان يسافر جيلاني الى باكستان في الايام القليلة المقبلة لاستكمال البحث في تركيبة المجلس العتيد. ولوحظ ان الاتصالات بين اسلام اباد وممثلي الملك السابق كانت محصورة، اذ لم يقابلوا سوى الرئيس برويز مشرف ووزير خارجيته عبدالستار ونائب الاخير عزيز خان المكلف متابعة الملف الافغاني. لكن العلاقات بين الجانبين تعززت نتيجة مصلحة مشتركة لديهما، وهي الحد من نفوذ قادة "التحالف الشمالي" واقناع الولاياتالمتحدة بالتمهل في اعطاء التحالف الضوء الاخضر لتوسيع اطار عملياته العسكرية في انتظار ارساء دعائم حكومة تكون بمثابة مرجعية سياسية وراء اي تحرك عسكري لاطاحة "طالبان".