واشنطن - أب - لفت حال الهلع من "الجمرة الخبيثة" الانثراكس العالم أمس، لكن أي إصابة لم تُسجّل في أي دولة باستثناء الولاياتالمتحدة حيث بات طفل آخر المصابين بالعدوى، فيما اكدت الشرطة ان الفحوص اكدت احتواء رسالة تلقاها مكتب الكونغرس على الجرثومة. وتتعامل الولاياتالمتحدة مع انتشار المرض باعتباره هجوماً اجرامياً. ولم تستبعد احتمالات وجود صلة بينه وبين الهجمات الانتحارية التي تعرضت لها الشهر الماضي واسفرت عن مقتل نحو سبعة الآف شخص. ويدرس مسؤولون معلومات عن إمكان وجود علاقة لبعض الخاطفين الانتحاريين بالرسائل الحاوية للجرثومة، خصوصاً ان بعضهم عاش في ولايات ظهرت فيها العدوى مثل فلوريدا ونيوجيرسي، وحتى في ماليزيا، مصدر إحدى الرسائل، حيث عاش أحد الخاطفين في عاصمتها كوالالمبور. واكتشف مسؤولون في قطاع الصحة في الولاياتالمتحدة حتى الآن 13 إصابة في ثلاث ولايات ودائرة كولومبيا العاصمة واشنطن. وتوفي واحد من المصابين في فلوريدا. ويبدو من المعلومات المتوافرة ان هذه الإصابات كلها جاءت نتيجة انتقال بكتيريا الانثراكس في رسائل بريدية أُرسل معظمها من داخل الولاياتالمتحدة، في حين أُرسلت واحدة منها من ماليزيا الى مكتب في منطقة رينو في نيفادا. ففي فلوريدا، حيث ظهرت بوادر المرض للمرة الأولى، تُوفي مصوّر يدعى روبرت ستيفنز 63 عاماً بعدما تنشّق مادة الانثراكس، في حين أُصيب سبعة من زملائه الموظفين في مؤسسة صحافية تدعى "أميركان ميديا". وخضع 400 من العاملين في المؤسسة لفحوص طبية، لكن لم تظهر علامات العدوى سوى على سبعة منهم. وأكد مسؤولون ان واحداً من هؤلاء السبعة الموظف في غرفة البريد ارنيستو بلانكو 73 عاماً تنشّق "الجمرة الخبيثة". وتركّزت شكوك المحققين في البدء على رسالة بريدية وصلت قبل اسبوع من اعتداءات 11 ايلول سبتمبر الماضي وموجّهة الى جينيفر لوبيز. وتضمّنت الرسالة مسحوقاً من الصابون وتعويذة "نجمة داوود". لكن ال"اف. بي. آي" نفى ان تكون الرسالة هي مصدر الانثراكس، وأشار الى ان المحققين يعتقدون بان بلانكو لم يمس الرسالة. وفي نيويورك، فُحصت رسالتان وُجهتا الى محطة "ان. بي. سي. نيوز" بعدما اكتُشف ان ارين اوكونور، مساعدة مقدّم البرامج المعروف توم بروكاو، تعرّضت للإصابة بالانثراكس من خلال الجلد وليس التنفس. وهذه الإصابة ليست من النوع المميت عادة. وحملت واحدة من هاتين الرسالتين تاريخ 18 ايلول ومصدرها ترنتون نيوجيرسي. ووُجد فيها مسحوق رملي. أما الرسالة الثانية فحملت تاريخ 20 ايلول ومصدرها بيترسبيرغ فلوريدا. وأظهرت الفحوص ان الرسالة الأولى تحمل مادة الانثراكس، في حين خلت الثانية منها. وظهرت عوارض العدوى أيضاً على موظف آخر في "ان. بي. سي" وعلى شرطي وخبيرين من إدارة الصحة تعاملوا مع الرسالة الناقلة للجرثومة. وأعلن رئيس محطة "أيه. بي. سي. نيوز" ديفيد ويستن مساء الإثنين ان طفلاً يبلغ سبعة أشهر أُسيب بعدوى الأنثراكس من خلال الجلد. وهذا الطفل هو ابن منتج في التلفزيون وزار غرفة الأخبار فيه أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة. وزار محققون مقرات إعلامية عدة بعدما علموا بالإصابة في "ايه. بي. سي. نيوز". ومن بين هذه المقرات: اسوشيتد برس، "سي. ان. ان"، "سي. بي. أس."، "فوكس"، "ديلي نيوز" و"نيويورك بوست". وفي نيفادا، قال مسؤولون في إدارة الصحة انهم عثروا على آثار جرثومة الانثراكس في رسالة غامضة تحوي صوراً فاضحة مصدرها ماليزيا. وبدا ان الصور وُضعت في مادة سائلة. كما تتضمن المغلف شيكاً كانت شركة "مايكروسوفت" أرسلته الى بائع في ماليزيا. ولم تظهر عوارض الإصابة على ستة من موظفي "مايكروسوفت" أُجريت عليهم فحوص طبية. وقال رئيس "مايكروسوفت" بيل غيتس أمس ان شركته ستعزز إجراءات الأمن على موظفيها بعد تلقيها الرسالة الحاملة لبكتيريا "الجمرة الخبيثة". وفي واشنطن العاصمة، أظهرت اختبارات وجود مادة الانثراكس في رسالة فتحها مساعدون للسيناتور توم داشيل. وتضمنت الرسالة مادة من البودرة ممثالة للمادة التي تلقتها "ان. بي. سي. نيوز" وحملت تاريخ 18 ايلول ومصدرها ترنتون نيوجيرسي. وأُرسلت الرسالة الى مقر طبي للجيش الأميركي في فورت ديتريك ماريلاند. وخضع 50 من مساعدي داشيل وعناصر الشرطة ممن يمكن ان يكونوا لمسوا الرسالة الى فحوص طبية لمعرفة هل انتقلت اليهم العدوى. وفي نيوجيرسي، أعلن مفتشو دائرة البريد الإثنين ان ساعي بريد وموظفاً في دائرة البريد في ترنتون من حيث أُرسلت رسالتان تحويان مادة الانثراكس ظهرت عليهما عوارض المرض. منظمة الصحة وفي جنيف، قالت منظمة الصحة العالمية أمس انه يتعين الحذر لا الفزع في اعقاب انتشار حالات الاصابة ببكتيريا "الجمرة الخبيثة" في الولاياتالمتحدة. وقال ناطق باسم المنظمة التابعة للامم المتحدة التي تتخذ من جنيف مقرا لها: "النصيحة هي توخي الحذر... لكن الفزع العام الجماعي ليس رداً ملائماً". وأضاف في مؤتمر صحافي ان الاطباء في الولاياتالمتحدة واوروبا لديهم كافة المعلومات المطلوبة لرصد اي حالة اصابة. وأوضح انه اذا رصد المرض في وقت مبكر يمكن علاجه بالمضادات الحيوية. لكن في اكثر اشكاله خطورة، وهو الاستنشاق، يصعب علاجه لان اعراضه الاولية تشبه اعراض نزلات البرد العادية. وتابع ان المنظمة تحض الناس على عدم تخزين المضادات الحيوية دون استشارة طبيب لانهم قد يأخذون انواعاً لا تعالج المرض. وارتفع الطلب على افضل نوع مضاد حيوي وهو سيبروفلاكسين في الولاياتالمتحدة مع سعي المواطنين الفزعين لحماية انفسهم واسرهم. وحاول الناطق كذلك التقليل من مخاطر هجوم شامل ببكتيريا الجمرة الخبيثة عن طريق نظم التهوية في مترو الانفاق او مبان سكنية. وقال: "قد يكون ذلك ممكناً نظرياً. لكن لكي تصاب يجب ان تستنشق الوف الجراثيم". وفي برلين، أُعلن رسمياً ان فحوصاً على رسالة موجهة الى مكتب المستشار غيرهارد شرودر وتحتوي مسحوقاً ابيض لم تكن حاملة لآثار مادة الانثراكس. وقال ناطق رسمي ان اثنين من العمال اكتشفا الرسالة البريدية وغادرا على الفور مركز البريد في المستشارية الذي أُغلق. وفي باريس، شهدت العاصمة الفرنسية أمس انذارين بوجود مسحوق مشبوه في رسالة، ما ادى الى اقفال مكتب للبريد ومصرف. وافاد وزير الصحة برنار كوشنير ان تحقيقاً فُتح في ثلاث انذارات مماثلة اول من امس كانت نتائجه سلبية. وفي نيقوسيا، قال شهود ان مسحوقاً ابيض عثر عليه قرب مبنى البرلمان القبرصي دفع الشرطة للاسراع الى المكان أمس لتكتشف انه مجرد علامات بالدقيق الطحين وضعها على الارض ناد محلي للعدو. واخذ رجال الاطفاء الذين يرتدون سترات صفراء خاصة كميات من المسحوق الابيض من حدائق بلدية نيقوسيا بعدما عثر عليها المارة في الصباح الباكر وكانت بعض العلامات على شكل اسهم. واستدعى سكان في بلدة لارنكا الساحلية القبرصية الشرطة الاسبوع الماضي بعدما عثروا على مسحوق ابيض على الارصفة. واتضح انها علامات بالدقيق وضعها ناد للعدو. وفي موسكو، ذكرت صحيفة "ازفستيا" الروسية ان 36 شخصا من سكان جمهورية توفا الروسية سيبيريا ادخلوا المستشفى للخضوع لفحوصات اثر احتكاكهم بحيوانات مصابة بمرض الجمرة الخبيثة. وتم تلقيح 203 رأس ماشية في منطقة ارزنسكي على حدود منغوليا اثر اكتشاف اصابة عشرات المواشي بمرض الجمرة الخبيثة. ومُنع نقل الحليب واللحم خارج المنطقة موقتاً. وفي القدسالمحتلة، اصيبت اسرائيل لفترة وجيزة بمخاوف من انتشار بكتيريا الجمرة الخبيثة عندما تلقت صحيفة خطابا يحتوي على مسحوق ابيض. لكن الشرطة قالت انه كان مجرد خدعة. ولم تكن اسرائيل بمنأى عن مخاوف الجمرة الخبيثة. ويفحص خبراء الاسلحة البيولوجية الاسرائيليون اكثر من عشر رسائل مريبة وصلت في الايام القليلة الماضية. وتفحص السلطات كذلك "مادة مجهولة" عثر عليها على طائرة شحن تابعة لشركة "العال" عادت الى اسرائيل من جهة في اوروبا الاثنين. وفي سيدنياستراليا، سعى مسؤولون الى تهدئة مخاوف المواطنين إثر سلسلة من التحذيرات من رسائل تحتوي مادة الانثراكس أدت الى إخلاء العديد من المباني. وقال رئيس الوزراء جون هاوارد ان السلطات تعاملت الإثنين مع 57 تحذيراً من "الجمرة الخبيثة"، لكن الاختبارات أظهرت عدم وجود أثر للبكتيريا في أي منها. وفي لندن، قال مسؤولون في قطاع الصحة ان فحوصاً أُجريت على ثلاثة أشخاص يُخشى انهم مصابون بالانثراكس جاءت سلبية وأظهرت انهم خالون من العدوى. لكن ناطقة باسم الشرطة قالت ان على المواطنين الإبلاغ عن أي رسالة مشبوهة يتلقونها. وفي بكين، قال مسؤولون صينيون انهم لم يسجّلوا أي حالة ل "الجمرة الخبيثة" لكنهم أمروا بتعزيز إجراءات فحص الرسائل والمواد المنقولة بالطائرات من الخارج. وفي هونغ كونغ، نُقلت أربع نساء الى المستشفى إثر احتكاكهن بمادة مشبوهة. لكن الشرطة قالت لاحقاً ان المادة ليست سامة. وفي استوكهولم، قال مسؤولون ان الشرطة أرسلت أربع رسائل وبعض الأغراض المشبوهة الى خبراء الاسلحة البيولوجية لفحصها خشية ان تكون حاوية لبكتيريا "الجمرة الخبيثة".