} ما هي العلاقة بين فيراري ومرسيدس وبي ام دبليو وهوندا من جهة، والزمول والجذاع والجذاع بيكار والثنايا والثنايا بيكار والسودانيات من جهة اخرى؟ وما هو الرابط بين آل شوماخر وهاكينن وباريكيللو وفيلنوف وكولثارد، وبين المركبية؟ الاجابة عن السؤال الأول تؤكد ان العلاقة وطيدة جداً لأن كلاً منهم يتنافس على احراز لقب مهم من ألقاب رياضة السباقات حتى لو اختلفت انواعها. والاجابة عن الثاني توضح ان كلهم يقود وسيلة تجري من اجل تحقيق الانتصارات واحداً تلو الآخر، وان اختلف الزمان والمكان... وطبعاً الوسيلة ذاتها. لكن الاكيد، ان ما يجمع بين كل هؤلاء هي ملايين الدولارات التي تنفق ببذخ ما بين سباقات الهجن والسيارات! تلعب الرياضة، ومنذ زمن بعيد دوراً بارزاً في الدورة الاقتصادية لمجتمعات عدة... والامثلة على ذلك كثيرة خصوصاً بعدما بات الاحتراف وتهافت شركات الاعلانات الكبرى على رعاية احداثها من بين اهم سماتها. واذا كانت سباقات السيارات بمختلف انواعها تجذب ملايين المشاهدين لمتابعتها كل عام، وتصب في فعالياتها ملايين الدولارات... فان سباقات الهجن باتت هي الاخرى محط الانظار ان على الصعيد الجماهيري او الدعائي! وفي اطار حرص العرب الدائم على احياء تراث الاجداد والحفاظ على التقاليد العربية العريقة والاصيلة، تولي الدول العربية عموماً والخليجية خصوصاً اهتماماً بالغاً وملموساً برياضة سباقات الهجن لأنها تحمل في طياتها تراث الآباء والاجداد. وتحظى هذه الرياضة في وقتنا هذا برعاية كبيرة واهتمام خاص من كبار المسؤولين والقيمين على الاجهزة الرياضية المعنية من الناحيتين المالية والمعنوية. ومع هذا الاهتمام اكتسبت سباقات الهجن رونقاً خاصاً جعلها تضيف الى رصيدها التاريخي المزيد من الشعبية والعشق، فشقت طريقها مهددة مباريات كرة القدم ومنافسات الراليات التي تقام في منطقة الخليج تحديداً... وليس غريباً ابداً ان تجد الجماهير تتسابق من اجل الوصول الى منطقة اقامة السباقات لتستمتع بأحداثها. ولعل ابرز مظاهر هذا الاهتمام هو تركيز السلطات الرياضية في مختلف الدول العربية، وخصوصاً في منطقة الخليج على انشاء لجان خاصة وأندية متخصصة في هذه الرياضة، وهي تقوم بتنظيم المهرجانات واقامة السباقات التي يحرص على حضورها كبار رجالات الدولة. وكشأن عالم سباقات السيارات، لا يخلو عالم سباقات الهجن من الغرابة وله اعرافه وتقاليده وحكاياته التي لا تخلو من طرافة، بدءاً من شراء الهجن واختيار الأنسب منها الى متابعتها وتدريبها واعدادها لخوض المنافسات. وكما تنقسم سباقات السيارات الى انواع وفئات، تتنوع سباقات الهجن ما بين المسافات الطويلة والمتوسطة والقصيرة وقوة التحمل، وما بين كبار السن وصغارها... وكما ان هناك سيارات من طراز فيراري ومرسيدس ماكلارين وليامس بي ام دبليو وبار- هوندا وغيرها تتنازع المراكز الاولى في عالم فورمولا واحد... فان الهجن موزعة ايضاً الى انواع اشهرها: الزمول والجذاع والجذاع بيكار والثنايا والثنايا بيكار والسودانيات، وتصل اسعار بعضها الى ملايين الدولارات! ومن ضمن غرائب عالم الهجن ان هناك هجيناً لا يتعدى دورها تحفيز زميلاتها المتسابقات الى الانطلاق وقيادتها الى السرعة المطلوبة قبل ان تتركها لتكملة السباق، ويطلق على هذا النوع القلايص. وهناك ايضاً الهجن الحلابة وتقتصر مهمتها على ارضاع الهجن الصغيرة التي ستخصص لخوض السباقات، وتزويدها بالحليب الطبيعي لتغذيتها. وتوجد في كل دولة خليجية منطقة خاصة تمثل المعقل الرئيسي للهجن، ففي المملكة العربية السعودية توجد الجنادرية، وفي قطر الشحانية، وفي الامارات الوثبة... وهكذا. ولا يزال للهجن وقع خاص عند سكان الصحراء اذ حافظت على مكانتها المميزة عبر العصور في قلوب ابناء الجزيرة العربية، تماماً مثلما حافظت على تراثها عبر صفحات التاريخ... بل انها راحت الى ابعد من ذلك الآن، اذ اصبح اقتناؤها حالياً دليلاً على الوجاهة والمكانة الاجتماعية العالية لدى الاسر العربية العريقة... ويكفي ان نعرف ان هناك انواعاً منها يصل ثمن الواحدة الى نحو عشرة ملايين دولار! والسؤال المطروح دائماً على بساط رياضة السيارات: ايهما اهم السيارة ام السائق؟... يبرز ايضاً في عالم الهجن: ايهما اهم الناقة ام المركبي؟ ويرى المراقبون والمتابعون للرياضتين ان الاثنين مهمان في الرياضتين، وعادة ما تبدأ رحلة تدريب الهجن واعدادها للسباقات منذ شرائها حديثة الولادة، اذ يقوم المولعون بهذه الرياضة بشرائها من السودان ومصر غالباً... وبمجرد وصولها الى منطقة الخليج يعهدون بها الى مدربين اختصاصيين يقومون بتدريبها لمدة ثلاثة اسابيع لاعدادها مبدئياً ولترغيبها في الجري لأنها لا تحبه بطبيعتها. وفي المرحلة الثانية من الاعداد التي تأتي عادة بعد فترة راحة، تكون التدريبات ولمدة شهرين اكثر مشقة، وتصبح الهجن بعدها مؤهلة لخوض السباقات للمرة الاولى. وطبعاً لا ينتظر منها نتائج جيدة في سباقاتها الاولى، اذا انها تكتسب الخبرة بالمشاركة في السباقات شأنها في ذلك شأن اي رياضي في اي لعبة اخرى. وكما تدلل شركات السيارات الاخوان شوماخر وروبنز باريكيللو وميكا هاكينن وديفيد كولتارد وجاك فيلنوف وغيرهم من ابطال فورمولا واحد وتغدق عليهم بالاموال، يدلل المهتمون باللعبة هجنهم ايضاً... ويكون ذلك عبر توفير غذاء خاص جداً ومسيل للعاب يحتوي على التمر والعسل والحليب والدهن اضافة الى البرسيم ولا شيء غيره. وأكثر ما يبرز في هذه الرياضة ان ابطالها، الى جانب الهجن طبعاً، هم من الاطفال المدربين جيداً، وعادة ما تتراوح اعمارهم ما بين 10 و14 سنة فقط... ويسمى الواحد منهم "المركبي"، والسبب في ذلك يرجع الى ان سرعة الناقة تزيد كلما خف وزن الحمولة فوق ظهرها. ويتم اختيار هؤلاء الصبية بمعرفة "المضمر" وهو اللقب الذي يطلق على المدرب في هذه الرياضة... وعادة ما ينتقيهم من بين اولاده او ابناء المحيطين به. واللافت ان هؤلاء الاطفال يرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالهجن التي يمتطونها، لأنهم يقضون وقتاً طويلاً معها ويقيمون بالقرب منها لمدة شهرين على الاقل قبل بدء موسم السباقات الذي يستمر لمدة ستة اشهر، وهو يبدأ عادة في تشرين الاول اكتوبر وينتهي في نيسان ابريل من كل عام. وتخصص جوائز مالية ضخمة جداً للفائزين تصل الى مئات الآلاف من الدولارات الى جانب جوائز عينية قيمة تتمثل غالباً في سيارات من ذوات الدفع الرباعي القادرة على السير في الصحراء، ومن احدث الطرازات واشهر الماركات العالمية. وخلال السباق يتابع المضمر الناقة التي يشرف على تدريبها من خلال سيارة تسير الى جانبها خارج المضمار، ويقوم بتوجيه المركبي ويزوده بما يجب ان يفعله تماماً كما يحدث في اي رياضة اخرى بين اللاعب ومدربه. ولا يغيب اصحاب الهجن المشاركة في السباقات، وهم عادة من اصحاب الجاه والمال، عن المنافسات ابداً ويحضرون دوماً في المنصات الشرفية يتابعون ملايينهم من الدولارات وهي تجري على الارض. ومع انتشار اللعبة في منطقة الخليج، والاهتمام التلفزيوني بنقل وقائعها على الهواء مباشرة... سعت شركات الدعاية والاعلان الى الدخول بقوة في هذا المجال، وباتت الشركات الكبرى في عالم السيارات والدخان والادوات الكهربائية والمواد الغذائية وغيرها من اشهر الرعاة لهذه المنافسات... وذلك كله طبعاً في مقابل ملايين اخرى من الدولارات.