تحولت الأزمة بين وزير الثقافة المصري السيد فاروق حسني والمثقفين بعد إقالة عدد من المسؤولين عن إدارة النشر في هيئة قصور الثقافة، في مقدمهم رئيس الهيئة الناقد علي أبو شادي، الى معركة "كسر عظم" بين الطرفين. ففي حين بدأ حسني اجراءات لإعادة صياغة اسلوب العمل في الهيئة، خصوصاً في مجال النشر، قرر عشرات المثقفين مقاطعة نشاطات الوزارة بما فيها معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي سيفتتح في 24 الجاري. علمت "الحياة" أن وزير الثقافة المصري فاروق حسني أصدر قراراً أمس بتنحية الناقد علي أبو شادي من رئاسة "المهرجان القومي للافلام الروائية" الذي يعقد في نيسان ابريل من كل عام. وجاء القرار في إطار ما اعتبره المثقفون حملة يقودها الوزير على أبو شادي وآخرين من العاملين في هيئة قصور الثقافة، بينهم المسؤولون عن سلسلة "أصوات أدبية" الذين حملهم الوزير المسؤولية عن نشر ثلاث روايات "تحوي عبارات تخدش الحياء والآداب وتخالف تقاليد المجتمع". وكانت الأزمة تفجرت إثر تقديم نائب "الاخوان المسلمين" في البرلمان محمد جمال حشمت طلب إحاطة الى الوزير رأى فيه ان ثلاث روايات صدرت عن سلسلة "اصوات أدبية" "تحوي خدشاً للحياء العام وخروجاً على الآداب العامة"، وطالب بمحاسبة المسؤولين عن نشرها، وأُخضع أبو شادي ومدير النشر في الهيئة محمد كشيك ورئيس تحرير السلسلة محمد البساطي ومدير تحريرها جرجس شكري للتحقيقات من جانب المستشار القانوني للوزير انتهت الى إقالة أبو شادي، مما دفع البساطي وشكري الى الاستقالة احتجاجاً على الاجراء في حين أُبعد كشيك عن موقعه. وعلى رغم أن حسني نفى أن يكون للقرار علاقة بطلب الإحاطة وأكد أنه اطلع على الروايات الثلاث التي كتبها كل من ياسر شعبان ومحمود حامد وتوفيق عبدالرحمن، وانه وفوجىء "بكم الإباحية وامتهان الدين والعادات والتقاليد فيها"، إلا أن المثقفين عبروا عن رفضهم للقرار وأصدروا أمس بياناً حمل عنوان: "المثقفون ضد القمع والمصادرة" دانوا فيه "السلوك القمعي ضد حرية التعبير الذي يقوم به وزير الثقافة ويدعمه بمصادرة الاعمال الإبداعية واجراء تحقيقات مع بعض المبدعين في مكتبه وعزل القيادات الثقافية من دون اخطارها ومحاولة تفريغ الخطاب الثقافي والفكري من رموزه المحترمة"، ووقع البيان عشرات المثقفين البارزين، بينهم اسامة انور عكاشة وعبدالمنعم رمضان ويوسف ابو رية وعادل السيوي ويوسف القعيد وسعيد الكفراوي وجمال الغيطاني وفريدة الشوباشي وعبلة الرويني ومحمود الورداني وعزت القمحاوي وفاروق عبدالقادر وابراهيم عبدالمجيد وعبدالعظيم أنيس. واستنكر هؤلاء "كل اجراءات البطش المادي والمعنوي والتنكيل الفكري الذي يقوم به الوزير حسني في الحياة الثقافية"، وأعلنوا "مقاطعة انشطة الوزارة كافة من معارض وندوات وأمسيات وبينها معرض الكتاب الدولي وانشطة المجلس الاعلى للثقافة والتعاطي الجماهيري" وكذلك الاصدارات كافة التي تنشر عبر الاجهزة المختلفة للوزارة. وفي حال تنفيذ القرار الأخير سيمثل ضربة شديدة للوزير الذي يعد معرض الكتاب بالنسبة له مناسبة احتفالية مهمة. وبدا أن القرارات المتلاحقة من كل طرف ضد الآخر حولت الأزمة مواجهة من الوزير والمثقفين خصوصاً في ظل حرص جماعة "الاخوان المسلمين" على ان تنأى بنفسها أن تكون طرفاً أساسياً في القضية. إذ نفت مصادر في الجماعة ان تكون توجيهات صدرت من قادة "الاخوان" الى النائب حشمت لتقديم طلب الاحاطة حول الروايات الثلاث. اما حشمت الذي وصل الى الدوحة أمس للمشاركة في برنامج تلفزيوني ستبثه قناة "الجزيرة" مساء غد الاربعاء فاستغرب الضجة التي اثارها طلب الإحاطة، وحذر من معالجات صحافية تصور الأمر على أنه صراع بين "الاخوان" والحكومة، مشيراً الى أنه قدم أربعة طلبات إحاطة اخرى الى وزراء مختلفين في الحكومة عن مشكلات جماهيرية ملحة "لم تلتفت اليها الصحف". وكان حسني سعى إلى تنظيم مؤتمر عام للمثقفين الشهر الجاري لاستثمار المناخ الذي أوجدته ازمة رواية "وليمة لأعشاب البحر" للاديب السوري حيدر حيدر التي تفجرت العام الماضي حين تلاقت مواقف الطرفين للدفاع عن نشر الرواية في مصر، في مواجهة الحملة التي تبناها حزب "العمل" وصحيفته "الشعب". لكن اقدام بعض المثقفين المعارضين لتوجهات حسني على مقاطعة المؤتمر دفع الوزير الى تأجيل عقده إلى موعد لاحق. وتوقعت أوساط المثقفين اقدام حسني على اتخاذ اجراءات أخرى لتصفية خصومه من العاملين في اجهزة الوزارة ممن تربطهم صلات قوية بشخصيات عامة رشحتها شائعات لتولي حقيبة الثقافة في تعديل وزاري متوقع.