أعرف جارة لنا في أواسط الثلاثينات من عمرها جميلة طيبة وست بيت ممتازة. ولسوء حظها وبعد 15 عاماً لم تنجب على رغم المحاولات الطبية الكثيرة. ومضت السنوات وبدا وكأنه استقر واقتنع بأن هذا نصيبه في هذه الحياة. الى أن جاء يوم ومن دون مقدمات تلقت هذه الزوجة مكالمة هاتفية تخبرها أن زوجها وفي هذه اللحظة يعقد قرانه على فتاة من إحدى المخيمات الفقيرة المجاورة. لا أدري كيف استطاعت السيطرة على أعصابها وعلى رغم الصدمة الشديدة أن تذهب الى العنوان، وتصر على أنه سيتزوج في بيته ومع عروسته الجديدة ململمة أشلاء كرامتها المبعثرة ومتظاهرة بأنها راضية بذلك. ورأيتها مع بعض الجيران الذين أصروا على زيارتها فوراً للوقوف الى جانبها غير عالمين بقرارها احضار العروسين الى بيتها. واتضح لاحقاً أن العروس الجديدة في مطلع الثلاثينات يتيمة الأبوين وتعمل خياطة بسيطة في المخيم لتعيل زوجة أبيها، وأخوتها ويعيشون في دوامة من الفقر. وكان الزواج هو المخرج الوحيد لها من حياتها التعيسة، خصوصاً ان العريس ميسور الحال ومن الممكن أن ينفق عليها وعلى أهلها. وبعد ثلاث سنوات من المشاركة بين الزوجتين في البيت والزوج وكل شيء كانت خلالها الزوجة الأولى صاحبة الرأي والقرار. إلا أن العروس الجديدة لم تنجب فأجبرته الزوجة الأولى على الفحص الطبي الذي أكد أنه لا يستطيع الانجاب. انفجر البركان، ليعتصر الاثنتين. الأولى تصر على تطليق الثانية والجديدة اليتيمة لا تدري أي مصير مجهول ينتظرها من زوجة أبيها ومن محيطها البائس ومن المسؤولية المادية التي تنتظرها لإعالة اخوتها. وطلقها زوجها رضوخاً واحتراماً لرغبة زوجته الأولى. والسؤال لماذا لا نسمح بالتبني. وهو أرقى ما تصل اليه النفس البشرية حين تتخلى عن الأنانية وتعطي اسمها ولقبها لطفل معدوم تخلى عنه والديه لأي سبب من الأسباب أو ابقاء اسم العائلة الأصلية. أنادي صارخة بأنه آن الأوان لتطوير وتعديل القوانين بما يتناسب مع روح العصر ومتطلباته... ومن أجل بناء مستقبل أفضل. أحلام عميرة أكرم - ناشطة في حقوق الانسان