بغداد - أ ف ب - تنظم احدى المكتبات في شارع المتنبي وسط العاصمة العراقية كل اسبوع مزاداً علنياً لبيع الكتب القديمة التي كان يملكها مثقفون عراقيون شغلتهم الهموم الحياتية الناجمة عن الحظر. ومن ابرز رواد المزاد هواة جمع القطع النادرة و"تجار الحصار" وقلة من المثقفين المقتدرين. نعيم الشطري صاحب المكتبة التي تنظم المزاد يوم الجمعة من كل اسبوع قال: "البيع بالمزاد العلني من اختصاص مكتبتنا، ويبدأ عادة صباح كل جمعة، حين يجتمع مثقفون وهواة يسعون الى النادر من المؤلفات". وأوضح ان المشاركين في المزاد هم "عادة قلة من الأدباء والمثقفين، وكثرة من حديثي النعمة وتجار الحصار" الذين يريدون تزيين مكتباتهم الحديثة بهذه الكتب القيمة. وذكر الشطري 65 سنة ان المزاد "يبدأ بمبلغ ألفي دينار نحو 5،1 دولار بعد التعريف بكل كتاب وبقيمته العلمية الى ان يصل ثمنه الى خمسين الف دينار نحو 31 دولاراً او اكثر"، موضحا ان الكتب التاريخية والعلمية هي الاكثر رواجا. وما زال المثقفون العراقيون بعد مرور عشر سنين على الحظر الذي فرض على العراق في آب اغسطس 1990، يعرضون كتبهم للبيع في شارع المتنبي، لكن عرضها أصبح اقل زخماً من السنوات السابقة، كما قال بائع الكتب مهدي جاسم شذر. وأوضح ان معظم الذين يبيعون الكتب الآن هم "ورثة مكتبات عامرة بمؤلفات لا يعرفون قيمتها، لأنهم اصحاب اهتمامات او حرف غير ثقافية من جهة، ولحاجتهم الى المال من جهة ثانية" وعزا قيس سامي الذي يعمل في بيع الكتب وشرائها منذ سنوات، المزاد في هذا الشارع الذي لا يتجاوز طوله مئتي متر الى انشغال المثقفين بهموم الحياة اليومية بسبب الحظر. واوضح ان المثقفين العراقيين "باتوا منشغلين بسبل توفير الطعام لعائلاتهم اكثر من تخصيص الاوقات للقراءة والاطلاع والمتابعة". واضاف ان "الكتب الانسانية والتاريخية والدينية" هي الاكثر رواجاً في السوق الآن مع "تراجع الاقبال على الكتب الادبية". واشار الى "اقبال طلاب كليات الطب والعلوم على المراجع المتعلقة بدراساتهم ومناهجهم، والتي يصل سعر بعضها الى ثلاثين الف دينار نحو 18 دولاراً او اكثر، لتعذر الحصول عليها في كلياتهم". ورأى الامين العام لاتحاد الادباء والكتاب العراقيين عبدالمطلب محمود ان "المثقفين العراقيين يأتون في مقدم الشرائح التي تأثرت بالحصار، ولا يمكن احداً ان يتصور كيف تبقى بغداد التي يعود تاريخها الى اكثر من الف سنة وكانت عاصمة الثقافة ومركز الاشعاع الفكري، عقداً كاملاً بعيدة عن حركة النشر في كل ما يخص الثقافة والآداب والعلوم في أنحاء العالم". واستدرك ان "الوضع يتحسن الآن عن طريق الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين الذي يجري اتصالات لتأمين الحصول على الكتب"، الى جانب تنظيم المعارض في بغداد او طباعة اعمال الادباء والشعراء العراقيين في الخارج. ولفت الى ان "سورية والاردن وتونس وفلسطين والامارات تأتي في مقدم الدول التي ساهمت في كسر الحصار الثقافي المفروض على العراق، عن طريق طبع الكتب العراقية او ارسال مطبوعاتها الينا". وتشهد العاصمة العراقية الآن معرضاً للكتاب لمناسبة انعقاد المؤتمر العام لاتحاد الكتاب والأدباء العرب، يضم نحو ستة آلاف عنوان، الى جانب معارض فرعية في كل المحافظاتالعراقية. وكان مجلس الوزراء عقد أول من امس جلسة برئاسة الرئيس صدام حسين، خصص جزءاً منها "لمتابعة الاجراءات المتخذة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لتأمين المصادر العلمية الحديثة لأساتذة الجامعة والطلاب والدارسين". واصدر المجلس "التوجيهات اللازمة لتوفير هذه الكتب بما يضمن تحديث مكتبات الجامعات وتأمين احتياجاتها".