} تحتفل الأوساط الفكرية الاسلامية والاستشراقية بمرور ستين سنة على بدء اشتغال عميدة الاستشراق الالماني آنا ماري شيمل بالمسائل الاسلامية المختلفة، من مخطوطات وفنون وعمارة الى جانب الاعمال الفكرية المتنوعة باللغات الالمانية والانكليزية والتركية والعربية وغيرها. وفي هذه المناسبة، تنشر "الحياة" هذا الملف الذي يلقي أضواء ساطعة على حياة وأعمال واحدة من أهم الباحثات والباحثين اللواتي عرفهن القرن العشرون. الأستاذة الصديقة أنّا ماري شيمل وهبت حياتها للعلم، وكرّست رسالتها لخدمة الإنسانية، وسعت دائما إلى إقامة الجسور بين حضارة الإسلام والحضارة الغربية. كرّمها كثيرٌ من دول العالم المتقدّم، ولم يمنحها العربُ حتى الآن ما تستحقُ من تقدير واحترام وتكريم. في السطور التالية نريدُ أن نلقي بعض الضوء على محاسن هذه العالمة الفاضلة، ونبيّن ما تميّزت به عن الآخرين. فبماذا يا ترى تتميّزُ أنّا ماري شيمل عن الآخرين؟ المذكور في ما يلي هو ما استطعت حصره حتى الآن، منذ توثقت علاقتي بها سنة 1995م. الميزة الأولى: فهم حقيقي للإسلام. تختلف شيمل اختلافاً جوهرياً في معالجتها للإسلام عن الغالبية العظمى من المستشرقين. فهي بدأت عملها الأكاديمي في دولة إسلامية، هي تركيا. وسعت منذ البداية إلى الاقتراب من المسلمين، والاستماع إليهم، ومعايشتهم، والتحدث معهم. أرادت أن تفهم حقيقة الإسلام من المسلمين أنفسهم، فكان لها ما أرادت. وبعكس عدد كبير من المستشرقين، من أمثال نولدكه الذي عاش ومات من دون أن يرى أي بلد عربي أو إسلامي واحد، فإنّ صلات شيمل بالعالم الإسلامي، ورحلاتها إليه، وثيقة منتظمة لم تنقطع للحظة واحدة. الميزة الثانية: التواضع. من أهم أخلاق العلماء التواضع، والبعد عن الغطرسة والغرور آفة العلماء الغرور. وهكذا كانت شيمل وما زالت متواضعة، خافضة الجناح، بعيدة عن الكبر. الميزة الثالثة: الواقعية. شيمل لا تعيش في أبراج عاجية مثل عدد كبير من زملائها المستشرقين الألمان، بل تعيش في الواقع، وتتعامل معه بإتقان. واقعيتها هذه انعكست أيضاً على أسلوبها في الكلام وفي الكتابة. فعندما تتحدث أو تكتب، لا تبتعد عن الواقع، ولا تحوم في أبراج عاجية، فيفهمها المستمع والقارئ بلا عسر ولا صعوبة. الميزة الرابعة: النقد الذاتي. على نقيض كثير من المستشرقين الذين يرفضون مبدأ النقد الذاتي، ويأبون مراجعة آراء أساتذتهم وتصحيحها، تقوم شيمل دائماً بممارسة النقد الذاتي مع نفسها، ومع الغربيين المشتغلين بالحضارة الإسلامية. فكيف نستطيع أن نتحدث عن تفاهم بين الإسلام والغرب من دون تصحيح الآراء المغلوطة، والمواقف السلبية، والأحكام المتحيزة القروسطية؟ الميزة الخامسة: الحب. شيمل إنسانة عاشقة، رسالتها هي رسالة حب وتفاهم وليس رسالة كراهية أو حقد أو شتم. والمسألة مسألة مواقف ثابتة، حيث نلاحظ أنّ الحب يحتل جزءاً كبيراً من حياتها، فهي تحب مادة تخصصها: الإسلام، وهي تحبّ رسول الإسلام، وتكتب عن حب المسلمين له، وهي تنبهر بالعشق الإلهي لأنها إنسانة مؤمنة بالله تعالى، وهي تترجم كل ما له علاقة بالحب. انها تشعر بانجذاب شديد إلى الشاعر الإيراني الكبير جلال الدين الرومي لأنّ موضوع العشق الإلهي يمثل محور أشعاره. وهي لم تدخر جهداً من أجل ترجمة أشعار الرومي في الحب والعشق إلى لغات أوروبية عدة. الميزة السادسة: رغبة حقيقية في إصلاح المسلمين. مَن يستمع إلى محاضرات شيمل ويقرأ كتبها يتخيل أحياناً بأنّها مبعوثة لإصلاح أحوال المسلمين في عصر الانحطاط هذا. فهي لا تكف عن الإشارة إلى شاعرها المفضل محمد إقبال الذي طالب المسلمين باستخدام العقل من أجل استرجاع أمجادهم، وإصلاح حاضرهم. وكثيراً ما أعلنت شيمل عن أملها في تأليف كتاب لمسلمي عصرنا توضح لهم فيه إسهامات أجدادهم في الحضارة الإنسانية، من أجل حثهم على النهوض والاستيقاظ وإصلاح أنفسهم وأحوالهم. الميزة السابعة: احترام النفس. كثير من الألمان يهاجمون شيمل بسبب مواقفها الإيجابية من الإسلام. هذا مع انها تحرص كلّ الحرص على احترام نفسها، وعدم توجيه أي نقد جارح إلى الحضارة الغربية. الميزة الثامنة: عشقها للفن الإسلامي. ورثت شيمل عشق الفن الإسلامي عن أستاذها العلامة الألماني إرنست كوينل، فراحت تدرس عمارة المساجد والمقابر، وفن الخط، وفنون الزخرفة الإسلامية، والمنمنمات، والتصوير الإسلامي. وسعت دائماً إلى تقديم الإسلام للغربيين من خلال زاوية الفن، فقدمت بذلك خدمات جليلة للثقافة الإسلامية، وساهمت مساهمة عظيمة في إفهام الغربيين جوانب خالدة منَ الحضارة الإسلامية، وذلك من خلال كتبها عن فن الخط العربي، ووسائل التعبير الفني في الإسلام، فضلاً عن محاضراتها المتواصلة. الميزة التاسعة: صلتها الوثيقة بالإسلام في شبه القارة الهندية. درّست شيمل مادة "الإسلام في الهند" في جامعة هارفارد لسنوات طويلة. وكان لها دور ريادي في تعريف الغربيين بهذا الموضوع شبه المجهول لهم، كما أنها سعت أيضا الى لفت نظر العرب إلى هذا العالم المنسي بالنسبة اليهم. ونقلت شيمل للغربيين عدداً ضخماً من أشعار مسلمي الهند، وآدابهم، وتاريخهم في لغات أوروبية عدة. وسعت سعياً مخلصاً إلى تعريف العرب بتراث مسلمي الهند. الميزة العاشرة: الجهاد في سبيل العلم والتنوير.على رغم بلوغها العقد الثامن من عمرها، ما زالت شيمل لا تكل ولا تهدأ في إخلاصها للعلم، وجهودها التنويرية لتحقيق التفاهم بين الإسلام والغرب لم تتوقف للحظة واحدة. كثيراً ما يكون برنامجها الأسبوعي مشحوناً بالمحاضرات التي تلقيها في مدن أوروبية عدة، وأحياناً خارج أوروبا. وفي خطابها السنوي الذي تبعثه لأصدقائها المقربين في نهاية كل عام غالباً ما تستعرض حصاد السنة من المحاضرات. كتبت قبل سنوات تقول إنّها ألقت في العام المنصرف أكثر من خمسين محاضرة!! هذا بالطبع ناهيك عن الكتب التي فاق عددها المئة. الميزة الحادية عشرة: تقدير القرآن. انطلاقاً من احترامها للإسلام، وحبها لرسوله، كان طبيعياً أن تنظر شيمل إلى القرآن نظرة اجلال واحترام. وكان طبيعياً أيضاً أن ينتج عن موقفها الإيجابي هذا من القرآن أن تهاجم ترجمة رودي بارت الألمانية الركيكة لمعاني القرآن، وتمتدح ترجمة العملاق فريدريخ رويكرت. الميزة الثانية عشرة: أبطالها عظماء مصلحون يدعون لخير الإنسانية. مَن هم أبطال شيمل الذين تنظر إليهم نظرة اجلال وإعجاب؟ إنّهم: رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وجلال الدين الرومي، ومحمد إقبال، وغوته، ورويكرت. جميعهم يدعو إلى الحب والتفاهم بين البشر كافة. ورسالتهم هي الآية القرآنية الكريمة: "يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم" الحجرات: 13. الميزة الثالثة عشرة: الذاكرة القوية. تفاجيء شيمل محدثيها بذاكرتها العجيبة. فهي عندما تتحدث عن مكانة المرأة في الإسلام، تقول لك "إنّ الآية الثالثة من سورة النساء تقول كذا وكذا، والآية الواحدة والثلاثين من سورة النور تقول كذا وكذا". فإذا انتقلت للحديث عن إقبال أو الرومي أو محمد عبده أو غوته، تذكر لك بالتحديد سنة الوفاة، وكأنّها منقوشة في ذاكرتها. وكثيراً ما تفاجئني شيمل بخطاب يصلني في يوم عيد ميلادي بالضبط، فتجعلني أخجل من نفسي لنسياني عيد ميلادها في السابع من نيسان ابريل، في حين أنّها لا تنسى أبداً عيد ميلادي في العاشر منه. الميزة الرابعة عشرة: الفصاحة والبلاغة. غالباً ما تلقي شيمل محاضراتها من دون استخدام أوراق. فهي تقف أمام الجمهور، وتغلق عينيها، وإذا بالكلمات تنساب منها كالماء الهادر من شلالات جبال الألب السويسرية. وفضلاً عن ذلك فهي تتميز بأنّها تكتب بالعذوبة نفسها، والسلاسة نفسها. ولا يعني هذا أنها لا تستعد جيّداً لإلقاء محاضراتها. قبل سنوات كانت منشغلة بإعداد محاضرة باللغة العربية في أكاديمية الملك فهد في بون. قلت لها مازحاً، عندما لاحظت انهماكها في العمل: "لستِ بحاجة لتجهيز نفسك!! فأنت تقفين أمام الجمهور، وتغلقين عينيك، فتنساب الكلمات منك، دون سابق إعداد أو تجهيز!!". فقالت متوعدة: "يا ويلك مني!!". الميزة الخامسة عشرة: غزارة الإنتاج. على نقيض زملاء لها دخلوا السلك الجامعي وخرجوا منه من دون أن يتركوا خلفهم إلا كتاباً أو اثنين، فقد فاقت أعمال شيمل المئة كتاب، ناهيك عن مئات الدراسات وآلاف المحاضرات. الميزة السادسة عشرة: حب الرسول. عبّرت شيمل في مواضع كثيرة عن حبها لرسول الإسلام صلى الله عليه وسلّم دون أن تبالي بنقد الناقدين أو اعتراض المعارضين. وقد خصّت هذا الموضوع بكتابها القيم: "... ومحمد رسول الله" بالألمانية والانكليزية. يقول المستشرق بيرغل عن هذا الكتاب: "... وتتصدّر هذا الكتاب رباعية باللغة الأوردية كتبها شاعر هندوسي، يقول فيها: "قد أكونُ كافراً أو مؤمناً. ولكن هذا شيء علمه عند الله وحده. أودُّ أن أنذر نفسي كعبد مخلص لسيّد المدينة العظيم، محمّد رسول الله". ولا تعبّر هذه الرباعية عمّا تعالجه شيمل في كتابها هذا من تبجيل المسلمين لمحمّد صلى الله عليه وسلّم وحبّهم إياه فحسب، بل تعبّر أيضاً عن تقدير المؤلفة الشخصي لرسول الإسلام صلى الله عليه وسلّم. وقد واجهت ملاحظات النقّاد عن هذا الموضوع، قائلة بحزم: "إنّني أحبّه". الميزة السابعة عشرة: دفاعها عن مكانة المرأة في الإسلام. على نقيض بعض زملائها من المستشرقين، مثل المستشرقة ÷يبكا ÷التر Wiebke Walter، ممن يهاجمون مكانة المرأة في الإسلام، تتميز معالجة شيمل لهذا الامر بالموضوعية والحياد. فهي لا تنفي اضطهاد المرأة في المشرق الإسلامي، ولكنها لا تنسب هذا الاضطهاد إلى الإسلام، بل إلى العادات البالية والتقاليد المتخلفة. ورأيها هذا ينطبق مع رأي المرحوم الشيخ محمد الغزالي، وكذلك رأي أستاذها الألماني فريدريخ هايلر، أستاذ تاريخ الأديان. الميزة الثامنة عشرة: اتساع دائرة التخصص. انطلقت شيمل منذ البداية تكتشف ميادين جديدة، وتبحث في موضوعات شبه مجهولة. فهي لم تتوقف عند حدود تخصصها في التصوف الإسلامي. بل تعدت ذلك إلى معالجة الفن الإسلامي، والخط العربي، والشعر الفارسي، والشعر التركي، والشعر العربي، وتراث المسلمين في شبه القارة الهندية، ومكانة المرأة في الإسلام، والأسماء الإسلامية، وأسرار الأعداد، وتاريخ المغول، والآيات الإلهية، وتفسير الأحلام في الإسلام. هذا فضلاً عن اهتمامها بتراث العملاق الألماني فريدريخ رويكرت، وشاعر ألمانيا العظيم غوته، ناهيك بالطبع عن اهتمامها بالترجمات الألمانية لمعاني القرآن. الميزة التاسعة عشرة: تعريف الألمان بالحضارة الإسلامية. ما تقوم به شيمل بمفردها من أجل تعريف الألمان بالحضارة الإسلامية، وتصحيح المفاهيم والتصورات الخاطئة عن الإسلام، يفوق ما يقوم به مسلمو ألمانيا جميعاً. بالطبع هذا شيء مؤسف، ولكنها الحقيقة المرة. فمن خلال محاضراتها المتواصلة في شتى المدن الألمانية، ومن خلال أنشطتها في مختلف وسائل الإعلام الألمانية، ومن خلال كتبها، ومن خلال ترجماتها الغزيرة للآداب الإسلامية إلى اللغة الألمانية، ساهمت شيمل إسهاماً عظيماً في تنوير الألمان، ومحاربة الأوهام، وفي تصحيح صورة الإسلام في عقولهم. الميزة العشرون: تسخير العلم لخدمة الإنسانية والمجتمع. على نقيض عادات بالية ما زالت متفشية في أوساط واسعة بين علماء ألمانيا تحتم عليهم الابتعاد عن وسائل الإعلام، والاستعلاء على طبقات المجتمع، وحصر العلم في دوائر النخبة الضيقة، حرصت شيمل دائما على إيصال رسالتها إلى كل فئات المجتمع، بهدف نشر العلم والتفاهم بين الشعوب. فهذا هو الطريق الوحيد الذي يمكن للشعوب من خلاله أن تتعايش بسلام، وتتعاون باحترام. الميزة الحادية والعشرون: الصدق والبعد عن النفاق والازدواجية. شيمل لا تراعي إلا الحق في كلامها، فهي تخاطب المسلمين والغربيين بلغة واحدة، لا نفاق فيها ولا رياء. الميزة الثانية والعشرون: اقتفاؤها أثر رويكرت. كان رويكرت وحيد عصره، وأعجوبة زمانه عن حق. فقد بلغت موهبته اللغوية حداً جعله يتمكن من اتقان أي لغة أجنبية في غضون أسابيع يقضيها معتكفاً في منزله. ويكفيه فخراً أنّه صاحب أحسن ترجمة ألمانية غير كاملة لمعاني القرآن. كما أنّه قام بترجمة مقامات الحريري إلى مقامات ألمانية في غاية الروعة والجمال. هذا بالطبع فضلا عن ترجماته للأشعار الفارسية. كان رويكرت بالنسبة الى شيمل مثلاً أعلى وقدوة حسنة. وسارت على خطاه، فترجمت الكثير من الأشعار الإسلامية إلى شعر ألماني، بإتقان بالغ وحس مرهف. الميزة الثالثة والعشرون: روح الفكاهة والبعد عن التزمت. شيمل لا تحب التكلف والتزمت وتمقت التمثيل والنفاق. هي دائماً على سجيتها، وحبها للفكاهة مرتبط بالطبع بسرعة بديهتها، فهي تجد دائماً الكلمة المناسبة في الوقت الصحيح. الميزة الرابعة والعشرون: عشق باكستان. كثيرٌ منا يعشق الأندلس، وغرناطة بالذات، دون أن يعلم أي شيء عن الإسلام في آسيا. أمّا شيمل، فقصتها مع الباكستان عجيبة طريفة. فقد ارتبطت روحانياً بهذا البلد المسلم منذ طفولتها المبكرة، قبل أن تراه. ولما توثقت علاقتها به، بادلها المسلمون هناك حباً بحب، وتقديراً بتقدير، فأطلقوا اسمها على أحد الشوارع، ومنحوها أرفع أوسمة البلاد، وسارعت هي بشراء قطعة أرض طالبة تخصيصها مدفناً لها هناك!! وفضلاً عن ذلك فإنّ رئيسة وزراء الباكستان السابقة بينظير بوتو كانت تلميذة لها في جامعة هارفارد. وعندما تزور شيمل سويسرا، فهي دائماً ضيفة شرف عند السفير الباكستاني. الميزة الخامسة والعشرون: متخصصة وليست هاوية. بعض الغربيين الذين أسلموا، أو كانت لهم مواقف إيجابية من الإسلام، ترك لنا مؤلفاتٍ جيدة عن الإسلام. بيد أنّ هذه المصنفات لا ترقى إلى المستوى الأكاديمي لكتب شيمل. نتج عن ذلك أن أعمال شيمل لا تحظى باحترام الغربيين فحسب بل فاق أثرها ايضاً الأعمال أخرى. الميزة السادسة والعشرون: الإسلام لم ينتشر بحد السيف. سعت شيمل دائماً إلى تنوير الغربيين بحقيقة أنّ الحروب التي تمت في التاريخ الإسلامي لم يكن لها علاقة بالرغبة في نشر الإسلام، ولم تكن حروباً دينية مثل الحروب الصليبية مثلاً، بل كانت حروباً سياسية في المقام الأوّل. الميزة السابعة والعشرون: الإسلام هو سبب تقدم المسلمين، ولا علاقة له بتخلفهم. على نقيض موقف الكثير من الغربيين من قضية التقدم والتأخر في الإسلام، اذ يدّعون أنّ الإسلام دين متخلف، وأنّ المسلمين تخلفوا عن الحضارة، بسبب الإسلام، تعلن شيمل بوضوح وقوة أنّ الإسلام يحث كلّ مسلم ومسلمة على طلب العلم وإعمال الفكر، فكيف إذن يمكن الادعاء بأنّه دين متخلف؟ الميزة الثامنة والعشرون: رائدة دراسات تأثر غوته بالعالم الإسلامي. أكبر مرجع عن غوته والعالم الإسلامي قامت بتأليفه الباحثة الألمانية Katharina Mommsen بعنوان: Goethe und die arabische Welt، وقد ترجم الأستاذ عدنان عباس علي هذا الكتاب ترجمة غير كاملة، ونشره ضمن سلسلة عالم المعرفة في الكويت سنة 1995 بعنوان: "غوته والعالم العربي". تقول كاترينا مومزن عن فضل شيمل: "كما رحتُ أطلبُ، بينَ الحين والحين، النصحَ من لدن الأستاذة الدكتورة أنّا ماري شيمل، من جامعة هارفارد، فأحصل عليها بلطف لا يوصف، ونبل وكرم لا نظير لهما. فلها مني أجزلُ الشكر، وأحرُّ آيات العرفان". الميزة التاسعة والعشرون: ناسكة، عابدة، عالمة. يقول بعض الصوفية: "ينبغي على المرء أن يقلل من ثلاثة أشياء: الأكل، والنوم، والكلام". ويبدو أن شيمل تطبق هذا القول على نفسها إلى حدٍّ بعيد. فهي لا تأكل إلا أقلّ من القليل. ومقلة جدا في نومها. أمّا الكلام، فهي تبتعد عن الإكثار منه دائماً. تحيا حياة العلماء، وينطبق عليها عن حق القول بأنّ: "العمل عبادة"، وبأنّ "العلماء ورثة الأنبياء". الميزة الثلاثون: المترجمة. لا يمكن تحقيق التفاهم والسلام بين الشعوب بلا ترجمة. وهنا أيضاً أثبتت شيمل انتماءها لطبقة فطاحل العلماء. وسعت منذ البداية إلى نقل أشعار الحب من اللغات الشرقية إلى أكثر من لغة أوروبية. العيب الوحيد: عدم نيلها ما تستحق من تكريم من قبل العرب. نحنُ - العربَ - مقصّرون جدّا في حقّ أصدقائنا الغربيين. يقيناً إنّ تأخرنا يعني، ضمن ما يعني، أنّنا نعيش في شبه غيبوبة. لا نتحرك - إن تحركنا - إلا متأخراً جداً، وأحياناً بعد فوات الأوان. شيمل لم يلتفت أحدٌ في العالم العربي لتكريمها إلا في السنوات الأخيرة فقط، وتحديداً بعد حصولها على جائزة السلام للناشرين الألمان في خريف 1995م. الدول المتقدمة منحتها بعض ما تستحقه من تكريم منذ سنوات طويلة. وكان لباكستان وتركيا السبق في تكريمها من بين دول العالم الإسلامي. أمّا نحن العرب فلم نحرك ساكناً إلا بعد عام كامل من حصول شيمل على جائزة الناشرين الألمان. كرّمتها مصر سنة 1996م، ثم كرمّها الأردن سنة 1998م. بيد أنّ هذا لا يكفي. نريد أن نبعث برسالة حبّ إلى شيمل، نعبّر لها فيها عن امتناننا وشكرنا لما قامت به من جهود جبارة من أجل التفاهم بين الشعوب، ومن أجل تصحيح صورة الإسلام في الغرب، ومن أجل الدفاع عن الثقافة الإسلامية، ومن أجل تنوير الغربيين والشرقيين جميعاً بكنوز الإسلام الحضارية والفنية والثقافية. نريد أن نعطيها قليلاً بعدما أعطتنا هي الكثير: ستين عاماً في خدمة الثقافة الإسلامية. * باحث مصري مقيم في زوريخ - سويسرا. قائمة غير كاملة لأعمال شيمل - الخليفة والقاضي في مصر في القرون الوسطى المتأخرة، في: WI، لايبزع 1943م بالألمانية. - فهرست لتاريخ ابن إياس، 3 أجزاء، استنبول 1945م، بالعربية. - لغة المجاز عند جلال الدين الرومي، فالدورف 1948م بالألمانية. - الترجمة الألمانية لكتاب يعقوب قدري، نور بابا، الفراشة واللهيب، جومرباخ 1948م، طبعة ثانية منقحة كولونيا 1986م بالألمانية. - أغنية قصبة الناي، غزليات ألمانية، هاميلين 1948م بالألمانية. - فصول مختارة من مقدمة ابن خلدون مترجمة عن العربية، تيوبنجن 1951م بالألمانية. - الأشعار الوجدانية الشرقية، نشر بالمشاركة، ميونيخ 1952م، وطبعات كثيرة لاحقة بالألمانية. - سيرة ابن الخفيف الشيرازي، نص فارسي محقق من مخطوطتين فارسيتين، مع مقدمتين ألمانية وتركية، أنقره 1955م بالفارسية والتركية والألمانية. - مقدمة في تاريخ الأديان، أنقره 1955م بالتركية. - محمد إقبال، كتاب الخلود ترجمة شعرية ألمانية لكتاب محمد إقبال الفارسي جاويد نامه ميونيخ 1957م بالألمانية. - جاويد نامه، ترجمة نثرية تركية لكتاب محمد إقبال جاويد نامه، أنقره 1958م، وطبعات أخرى 1990 - 1999 بالتركية. - نشر وتقديم ترجمة ماكس هينينغ الألمانية لمعاني القرآن، شتوتغارت 1960، وطبعات متتالية منقحة آخرها 1991 بالألمانية. - الجوانب الروحانية للإسلام، روما 1962 بالانكليزية والايطالية. - نشر وتقديم ترجمات فريدريخ رويكرت الشعرية للأشعار الشرقية، بريمين 1963 بالألمانية. - جناح جبرائيل، دراسة في الفكر الديني عند محمد إقبال، ليدن 1963، طبعة ثانية لاهور 1989 بالانكليزية. - رسالة الشرق، ترجمة ألمانية شعرية لكتاب محمد إقبال: بيامي مشرق، فيسبادن 1963 بالألمانية. - جلال الدين الرومي، ترجمة ألمانية شعرية لمختارات من ديوان الرومي، شتوتغارت 1963 بالألمانية. - باكستان، قصر بألف باب، زيوريخ 1965 بالألمانية. - فريدريخ رويكرت، ترجمات أشعار فارسية، اختيار وتقديم، فيسبادن 1966 بالألمانية. - مزامير فارسية، ترجمة ألمانية شعرية لمنتخبات من قصائد محمد إقبال، كولن 1967 بالألمانية. - هاردر - شيمل، كتاب صغير لتعليم العربية، إصدار جديد لكتاب: - هاردر - باريت، النحو العربي هايدلبرغ 1968 بالألمانية. - الحلاج، شهيد الحب الإلهي، كولن 1968 بالألمانية. - قلب مجرّد مفكر، ترجمة ألمانية شعرية لقصائد جون دون، كولن 1969 بالألمانية. - فن الخط العربي، أيقونات الأديان، ليدن 1970 بالانكليزية. - مولانا... مجموعة دراسات لطلبة جامعة هارفارد، نشر، 1971 بالتركية. - الآداب الإسلامية في الهند، في: جوندا، تاريخ الآداب الهندية، فيسبادن 1973 بالانكليزية. - من الكأس الذهبية، أشعار تركية من القرن الثالث عشر حتى القرن العشرين، أنقره 1973، الطبعة الثالثة 1989، طبعة جديدة منقحة وموسعة: كولن 1992 بالألمانية. - الأدب السندي، في: جان جوندا، تاريخ الآداب الهندية، فيسبادن 1974 بالانكليزية. - يوسف هامر بورجشتال، دراستان عن الصوفية والسحر في الإسلام، نشر وتعليق، فيينا 1974 بالألمانية. - الأدب الأوردي الكلاسيكي، في: جان جوندا، تاريخ الآداب الهندية، فيسبادن 1975، بالانكليزية. - الأبعاد الصوفية للإسلام، تشابل هيل 1975، بالانكليزية، الترجمة التركية سنة 1982، الترجمة الألمانية 1985، 1992. - أشعار وجدانية عربية معاصرة مترجمة بتصرف إلى الألمانية، تيبينغن 1975 بالألمانية. - الألم والرحمة، دراسة عن كاتبين صوفيين من القرن الثامن عشر في الهند الإسلامية خواجه مير دارد وشاه عبداللطيف ليدن 1976 بالانكليزية. - رسالة الشرق، مختارات من كتابات إقبال الشعرية والنثرية بالفارسية والأوردية والانكليزية، مترجمة إلى الألمانية، تيبينغن 1977 بالألمانية. - الرومي: أنا ريح، وأنت نار، كولن 1978، حتى الآن الطبعة الثامنة، بالألمانية. - الشمس الظافرة، دراسة عن حياة مولانا جلال الدين الرومي وأعماله، لندن 1978 بالانكليزية، الترجمة الفارسية، طهران 1988، طبعة جديدة: ألباني، نيويورك 1993. - مرآة قمر شرقي، أشعار، ذي هيغ، لندن 1978 بالانكليزية. - الملك لك، أدعية من اللغات العربية والفارسية والتركية والأوردية والسندية، مترجمة إلى الألمانية، فرايبورج 1979 بالألمانية، الترجمة الهولندية 1981، طبعة جديدة موسعة 1992 - رقص الشرار، دراسات عن المجاز عند غالب، دلهي 1979 بالانكليزية. - حكايات باكستانية، مختارات مترجمة عن السندية، كولن 1980 بالألمانية. - الإسلام في شبه القارة الهندية، ليدن 1980 بالانكليزية. - ومحمد رسول الله، كولن 1981، وطبعات متتالية، بالألمانية. - إسهامات ألمانية في دراسة علم اللغات في الباكستان، هامبورغ 1981 بالانكليزية. - وكأنّه من خلال الحجاب، الشعر الصوفي في الإسلام، نيويورك، كولومبيا يونيفرسيتي برس 1982 بالانكليزية. - حدائق المعرفة منتخبات من النصوص الصوفية من العربية والتركية والفارسية والأوردية والسندية كولن 1982 بالألمانية. - الإسلام في شبه القارة الهندية، أيقونات الأديان، ليدن 1982 بالانكليزية. - الإسلام في شبه القارة الهندية، دارمشتات 1983 1992، بالألمانية. - بحث بلا نهاية، قصائد شاه عبد اللطيف مترجمة عن السندية، ميونيخ 1983، بالألمانية. - ماكلي هيل، مركز ثقافي في السند، كراتشي 1983، بالانكليزية. - القطة الشرقية، كولن 1983، طبعة موسعة: ميونيخ 1989 وبعدها بالألمانية. - أسرار الأعداد، كولن 1984، بالألمانية، الطبعة الانكليزية: أكسفورد يونيفرسيتي برس 1993. - كتاب جيب لديوان أكبر أنوري بالمشاركة مع ستيوارت كاري ويلش، نيويورك، متحف متروبوليتان 1984 بالانكليزية. - نجمة وزهرة، عالم مجاز الشعر الفارسي، فيسبادن 1984 بالألمانية. - فن الخط العربي والثقافة الإسلامية، نيويورك 1984، الطبعة الثانية 1989 بالانكليزية. - الكابوس العربي ترجمة ألمانية لكتاب روبرت إيروين الانكليزي، كولن 1985 بالألمانية. - يوميات مواطن مصري، مختارات من تاريخ ابن إياس، تيبينغن 1985 بالألمانية. - ومحمد رسول الله، تشابل هيل 1985 بالانكليزية. - حبّ الواحد الأحد أو العشق الإلهي نصوص من التراث الصوفي للإسلام الهندي، زيوريخ 1986 بالألمانية. - لآليء هندية. دراسات في الثقافة السندية. حيدرآباد، السند 1986 بالانكليزية. - ابن عطاء الله، الفاقات بسط المواهب ترجمة ألمانية للحكم، فرايبورغ 1987 بالألمانية. - فريدريخ رويكرت: حياته وأعماله، فرايبورغ 1987 بالألمانية. - خُذ وردة وسمِّها أغنية منتخبات من ترجمات ألمانية شعرية شخصية للشعر الوجداني في المشرق الإسلامي من: العربية، والفارسية، والتركية، والأوردية، والسندية، والبنجابية، والباشتوية، كولن 1987 بالألمانية. - الرومي: من الخالق ومن المخلوق ترجمة ألمانية للنص النثري الفارسي لجلال الدين الرومي: فيه ما فيه، ميونيخ 1988 بالألمانية. - فريدريخ رويكرت، أعماله الكاملة في مجلدين، فرانكفورت 1988 بالألمانية. - ألبوم الامبراطور بمشاركة: ستيوارت كاري ويلش وآخرين الجوانب السياسية والفنية الخاصة بالخط العربي في الألبوم الضخم للتصوير المغولي، نيويورك، متحف متروبوليتان 1988 بالانكليزية. - الرؤية السيمورجية ترجمة ألمانية لكتاب هنري كوربن الفرنسي ميونيخ 1989 بالألمانية. - لاهور، المدينة الداخلية بمشاركة الأستاذة قريشي، لندن 1989 بالانكليزية. - الأسماء الإسلامية، ايدنبرغ 1989 بالانكليزية، الطبعة الألمانية سنة 1993. - إقبال، شاعر باكستان وفيلسوفها، ميونيخ 1989 بالانكليزية، الترجمة الهولندية والتركية1990، 1991. - ديانات الإنسانية، الجزء الثالث، الإسلام، ناشرة مع آخرين، شتوتغارت 1989 بالألمانية. - رحلات مع يونس إمره، كولن 1989 بالألمانية. - الإسلام. مقدمة. شتوتغارت 1990 بالألمانية، الطبعة الانكليزية سنة 1992. - أخي اسماعيل ذكريات تركية، كولن 1990 بالألمانية. - ما الذي له عين، وليس له رأس؟ فوازير تركية، كولن 1990 بالألمانية. - انظر! هذا هو الحب ترجمات شعرية من قصائد جلال الدين الرومي بوسطن 1991 بالانكليزية. - الوردة محاضرة، شتاينفورت 1991 بالألمانية. - يونس إمره، منتخبات شعرية، كولن 1991 بالألمانية. - أنا الريح وأنت النار، بوسطن 1992 بالانكليزية. - فن الخط في الإسلام، نشرة متحف متروبوليتان للفنون، نيويورك 1992 بالانكليزية. - معنى اسم السيد دميرجي هو الحداد، كولن 1992 بالألمانية. - انظر! هذا هو الحب ترجمات شعرية من ديوان جلال الدين الرومي بازل 1992 بالألمانية. - اصنع درعاً من الحكمة، منتخبات من ديوان ناصر خسرو، لندن 1993 بالانكليزية. - أردية الباريء، تيبينغن 1993 بالألمانية. - جبال، وصحارى، ومعابد. رحلاتي في باكستان والهند، ميونيخ 1994 بالألمانية، والانكليزية. - فك رموز الآيات الإلهية، إدينبرغ 1994 بالانكليزية، الطبعة الألمانية: الآيات الإلهية، العالم الديني للإسلام، ميونيخ 1995. - بسم الله الرحمن الرحيم. الإسلام، دوسلدورف 1996 بالألمانية والانكليزية. - أحلام الخلفاء. الأحلام وتفسيرها في الإسلام. ميونيخ 1998 بالألمانية. - نفسي امرأة، الأنوثة في الإسلام، ميونيخ 1995 بالألمانية ترجم إلى الانكليزية والفرنسية والإيطالية. - المسيح ومريم العذراء في الصوفية الإسلامية، ميونيخ 1996 بالألمانية. - أجمل القصائد من الهند وباكستان، ميونيخ 1995 بالألمانية. - وعودُ العصفورِ الثلاثة، ميونيخ 1996 بالألمانية. - نسيجٌ مقصّبٌ ذو لونين. المجاز في الشعر الفارسي، تشابل هيل 1988 بالانكليزية. - تقاربات شرقية غربية، شتوتغارت 1995 بالألمانية. - في دائرة المعارف البريطانية، الطبعة الخامسة عشرة: "محمد والدين الإسلامي"، "الفن الإسلامي"، "جلال الدين الرومي". - في دائرة المعارف الإسلامية، الطبعة الثانية: "إقبال"، "المغول"، "محمد"، "أبو الحسن أحمد بن محمد البغوي النوري". - في موسوعة الأديان: "أندريا تور"، "فن الخط في الإسلام"، "القطط"، "الحلاج"، "الأيقونات الإسلامية"، "رامون لول"، "الأعداد"، "نور محمد"، "الشعر"، "رابعة العدوية"، "جلال الدين الرومي". - في امبراطورية المغول العظام، دار بيك، ميونيخ 2000 بالألمانية.