ظهر منافس قوي للحزب الشيوعي الروسي بانعقاد المؤتمر الأول لحركة "روسيا" بقيادة رئيس البرلمان غينادي سيليزنيوف الذي دعا الى بناء "دولة قوية بتوجه اجتماعي" تكون الاشتراكية هدفها النهائي، واعرب عن تأييده سياسة الرئيس فلاديمير بوتين. ومعروف ان سيليزنيوف أحد مؤسسي وقادة الحزب الشيوعي، وهو عضو في لجنته المركزية، وكانت نيته تأسيس الحركة جوبهت بمعارضة قوية في المؤتمر الأخير للحزب، بل ان عدداً من الراديكاليين اعتبروها "خيانة". ورفض رئيس الحزب غينادي زيوغانوف دعوة لحضور المؤتمر الأول ل"روسيا" الا ان اللجنة المركزية قررت انتداب احد أعضائها وهو فيكتور زوركالتسيف، رئيس لجنة العلاقات مع الأحزاب والحركات والمنظمات السياسية والدينية في البرلمان للمشاركة في المؤتمر الذي حضره 500 مندوب يمثلون اكثر من نصف مليون عضو في الحركة الجديدة. ويشير المحللون الروس الى ان الكرملين يقف وراء "روسيا" ويريد لها ان تغدو اساساً لحزب يمثل اليسار المعتدل ويسحب البساط من تحت أقدام الراديكاليين في الحزب الشيوعي. ولفتت الانتباه رسالة التحية التي وجهها بوتين واعرب فيها عن أمله بأن تصبح "روسيا" حركة تجسد "الديموقراطية والروح الوطنية". يذكر ان دعاة الديموقراطية في روسيا كانوا يعتبرون الحديث عن الوطنية "ضرباً من الرجعية"، في حين ان اليساريين يصفون الدعوة الى الديموقراطية بأنها "ستار للتغطية على نهب الدولة". ولذا فإن رسالة بوتين تتضمن نداء للتوفيق بين الفكرتين ودمجهما في ايديولوجية واحدة تحقق الوئام الوطني. واشار سيليزنيوف في خطابه الى ان روسيا تشهد الآن مرحلة استقرار سياسي واقتصادي، وقال ان بوتين يحظى بدعم غالبية الشعب لاتباعه "سياسة الوسط" وتخلصه من "عهد يلتسن". ولكنه أشار الى ان الوضع الاقتصادي ما برح صعباً ويهدد بتحول روسيا الى "بلد من العالم الثالث بعد ان كانت واحدة من القوتين الاعظم". ودعا الى إقامة "دولة قوية بتوجه اجتماعي" تضمن توزيعاً عادلاً للمداخيل من دون ان تتدخل مباشرة في ادارة الاقتصاد. وأضاف ان "ثمة أشياء جيدة في العهد السوفياتي يجب ان نقتبسها من دون ان نتخلى عن اقتصاد السوق". وتطبيقاً لهذه المعادلة التوفيقية طالب برنامج الحركة بأن تستعيد الدولة دورها كطرف في النشاط الاقتصادي وتتولى الإشراف على ملكية وادارة القطاعات الاساسية وهي الطاقة والمواصلات والخامات والثروات الطبيعية والسياسة المالية. كما طالب البرنامج بإعادة النظر في الخصخصة واستعادة الدولة الممتلكات التي بيعت في صورة غير شرعية، والمصانع التي تدهور أداؤها الاقتصادي بعد تحويلها الى القطاع الخاص. وعلى رغم ان سيليزنيوف لم يذكر في خطابه كلمة "الاشتراكية" الا ان القرار السياسي للمؤتمر شدد على ان هدف الحركة "بلوغ التجسيد الأسمى لفكرة الدولة الاجتماعية، وهو الاشتراكية". وحرص سيليزنيوف على نفي احتمالات انشقاق اليسار، وقال ان "روسيا" ستكون جزءاً مهماً من اتحاد القوى الشعبية والوطنية الذي يقوده الحزب الشيوعي.