الأزمة السياسية في روسيا اقتربت من نهايتها بعدما قرر الرئيس بوريس يلتسن أمس الخميس ترشيح وزير الخارجية يفغيني بريماكوف رئيساً للحكومة بدلاً من فيكتور تشيرنوميردين، الذي حذر من أن المعارضة "تريد الاستيلاء على السلطة"، فيما أعرب قادة الكتل البرلمانية عن تأييدهم قرار الرئيس، وذكر زعيم الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف أن بريماكوف "سيجمع الشمل". ويعد قرار الرئيس أكبر تنازل يقدمه إلى البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة اليسارية وكان رفض مرتين المصادقة على تعيين تشيرنوميردين. وعقد يلتسن سلسلة اجتماعات مع الرجلين في منزله الريفي، ثم انتقل صباح الخميس إلى الكرملين حيث انضم إلى الثلاثة أحد أقطاب الحزب الشيوعي يوري ساسليوكوف الذي يرجح ان يعين نائباً لرئيس الوزراء ومشرفاً على القطاع الصناعي أو الاقتصاد. وبهدف حفظ ماء الوجه لتشيرنوميردين ترك له أن يعلن القرار، فعقد اجتماعاً للوزارة قال خلاله إنه طلب من رئيس الدولة ان يوافق على تنازله لمصلحة بريماكوف. وأضاف بمرارة: "إذا كان تشيرنوميردين حجر عثرة ويحدث صدعاً في السلطة، فأنا اسحب نفسي". ولكنه أكد ان التخلي عنه يعني الاستسلام إلى المعارضة اليسارية، التي قال إنها "تريد تفكيك النظام واقصاء رئيس الدولة عن السلطة". وحذر يلتسن من عقد "مساومة ميونيخ" حينما قدمت بريطانيا وفرنسا تنازلات إلى الزعيم الألماني ادولف هتلر وذكر ان "اللون البني"، أي الفاشية، قد يصبح الطاغي في روسيا. إلا أن قادة كتلة "روسيا بيتنا" التي يتزعمها تشيرنوميردين رحبوا بترشيح بريماكوف. وذكر رئيس الكتلة الكسندر شوخين ان رئيس الوزراء المكلف "بعيد بدرجة متساوية" عن جميع القوى السياسية. وأشار أحد أقطاب الكتلة النائب الأول لرئيس البرلمان فلاديمير لوجكوف إلى أن النواب سيؤيدون بريماكوف الذي قال إنه قادر على تحقيق الاستقرار ويؤمن الانتقال إلى "تنمية من دون هزات". ورحب غينادي زيوغانوف بالقرار الذي قال إنه يعني "تغليب الحكمة والعقل السليم". وذكر أن بريماكوف شخص قادر على "جمع الشمل ... والدفاع عن المصالح الوطنية". وأكد رئيس مجلس الدوما غينادي سيليزنيوف أن النواب قد يعقدون جلسة طارئة اليوم الجمعة للنظر في المصادقة على بريماكوف. وقال إنه واثق سلفاً من أنه سيحصل على غالبية الأصوات. القوة الوحيدة التي اعترضت على القرار هي الحزب الديموقراطي الليبرالي الذي قال زعيمه فلاديمير جيرينوفسكي ان حكومة بريماكوف "لن تصمد أكثر من شهرين". وقال إن التعيين كان "بايعاز" من الولاياتالمتحدة. وأيد غالبية محافظي المقاطعات ورؤساء الجمهوريات المنتمية إلى الاتحاد الروسي اسناد رئاسة الحكومة إلى بريماكوف، وذكر الرئيس التتري نتمير شايمييف الذي كان يعد حليفاً لتشيرنوميردين أن تشكيل الوزارة الجديدة سيعفي الرئيس من حل البرلمان وما يترتب على ذلك من هزات كبرى. وثمة اجماع على أن بريماكوف، الخبير في الشؤون الدولية، سيشرك في حكومته عدداً من الاقتصاديين والصناعيين المعروفين. وإلى جانب الشيوعي ساسليوكوف، ذكر أنه قد يعرض منصب نائب رئيس الوزراء على زعيم كتلة "يابلوكو" الاصلاحية غريغوري يافلينسكي الذي كان أول من رشح بريماكوف لرئاسة الحكومة. وفي مطلق الأحوال، سيضم بريماكوف إلى الوزارة ممثلين عن الأحزاب البرلمانية الكبرى، لكن مسؤولية وزارات "القوة" الني كانت تابعة لرئيس الدولة قد تنتقل إلى أندريه كوكوشين الذي أعفي أمس في صورة مفاجئة من أمانة مجلس الأمن القومي "تمهيداً لانتقاله إلى عمل آخر" كما ورد في المرسوم الرئاسي. واعتبر وزير الدفاع ايغور سيرغييف قرار الرئيس "الخطوة الأصوب والخيار الصحيح". ونفى أن تكون القوات المسلحة بدأت التحضير لقمع اضطرابات محتملة. واستبعد مصدر في وزارة الخارجية تحدثت إليه "الحياة" احتمال احتفاظ بريماكوف بحقيبته الحالية، وذكر أنها قد تنتقل إلى نائبه الأول ايغور ايفانوف أو أحد السياسيين المعروفين مثل رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان فلاديمير لوكين أو مدير عام وكالة "ايتار تاس" فيتالي ايغناتنكو أو المندوب الدائم لدى الأممالمتحدة سيرغي لافروف. إلا أن المصدر أكد ان سياسة روسيا "لن يطرأ عليها تغيير جذري". وأضاف ان بريماكوف سيتبع نهج "تعزيز مواقع روسيا التي تتوسط الشرق والغرب".