خيّمت نتائج الانتخابات النيابية على الجزء الأول من جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت مساء أول من أمس برئاسة رئيس الحكومة سليم الحص. وكانت لوزير الاعلام أنور الخليل مداخلة غلب عليها المديح للأخير، لما قام به من افعال وأعمال خلافاً لما انتهت اليه الانتخابات. وخاطب وزير التربية محمد يوسف بيضون الحص بقوله "يا دولة الرئيس سأكون أنا وأنت من الخالدين، ولن أتحدث عن الظروف التي رافقت الانتخابات ولا عن التحامل الذي استهدفك". وهنا تدخل وزير الاتصالات السلكية واللاسلكية عصام نعمان، وسأل بيضون عن الأسباب التي حالت دون ذكر اسمه في عداد الخالدين، فوافقه الرأي، مؤكداً انه "سيكون الى جانبهما". وتطرق نعمان الى الاجواء التي سادت الانتخابات النيابية واتهم الأمن العام اللبناني بالتدخل في الانتخابات لمصلحة خصوم "لائحة العمل الوطني" برئاسة الحص. وحين سأله وزراء عما يقصد، اكتفى بتكرار الاتهام. وعاد الخليل ليدلو بدلوه في الانتخابات، واتهم زميلته على "لائحة المقاومة والتنمية"، في الجنوب النائبة بهية الحريري بأنها طلبت من انصارها تشطيبه، غامزاً من قناة زوجها مصطفى الحريري موجود في الولاياتالمتحدة الاميركية للعلاج في احد مستشفياتها بأنه طبع اوراقاً باسم اعضاء اللائحة حذف منها اسمه، وأدرج اسم رئيس اللائحة رئيس المجلس النيابي نبيه بري في آخر قائمة الأسماء ليسهل على الناخبين تشطيبه. ولدى انتقال مجلس الوزراء الى البحث في جدول الأعمال، توقف امام تعيين أحد اساتذة الجامعة اللبنانية الدكتور نهاد حمادة عضواً في مجلس ادارة مستشفى بعبدا الحكومي، فاعترض الوزير الخليل بذريعة ان من غير الجائز تعيين شخص "يمت بصلة الى الفريق الذي حاربنا في الانتخابات وقاد الحملات السياسية ضد الحكومة"، قاصداً بكلامه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وزميله على اللائحة النائب مروان حمادة. وحاول الخليل السؤال عن هوية الدكتور المعين، فاعترض وزراء على احتجاجه، نظراً الى المزايا التي يتمتع بها الشخص المرشح للمنصب بصرف النظر عن انتمائه السياسي، وأعلم الحص الوزراء ان المجلس لن ينعقد في جلسة عادية الأسبوع المقبل، نظراً الى وجوده في نيويورك على رأس الوفد اللبناني الى الدورة العادية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، فتمنى نعمان ان يكون في عداد الوفد. وعن الالتباس في شأن طلب فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي، ثم التراجع عنه في البيان الذي وزعه المكتب الاعلامي للحص، خلافاً لخبر كانت وزعته "الوكالة الوطنية للاعلام" مساء أول من أمس، علمت "الحياة" ان الحص بحث في إمكان فتح دورة استثنائية مع الرئيس اميل لحود الذي ربط البحث في طلبه بعدم وجود مخالفة للدستور. وقالت مصادر وزارية ان الحص عرض الأسباب الموجبة لمطالبته بتقصير ولاية المجلس النيابي الحالي، مبدياً انسجامه مع نفسه، واحترامه ارادة الناخب التي كانت وراء رسوبه في الانتخابات، بعد النجاح الذي حققه خصومه، اضافة الى رغبته في عدم الوقوع في لعبة تصريف الاعمال. وكانت "الوكالة الوطنية" وزعت الخبر المتعلق بالموافقة على فتح دورة استثنائية قبل ان يحين موعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء. لكن الأمر سرعان ما تبدل في ضوء الاتصال بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي معطوفاً على المداولات التي اجريت في مجلس الوزراء قبل بدء الجلسة. ففي المداولات، ظهر تباين في الموقف بعدما كان الحص عقد خلوة مع الوزراء جوزف شاول وبيضون ونعمان، قبل ان يلتقي الأول لاحقاً نائبه وزير الداخلية ميشال المر. وتبين ان هناك جملة من الأسباب أملت سحب فتح الدورة الاستثنائية من التداول، وفي مقدمها: ان طلب تقصير الولاية يخفي رغبة في اجراء تعديل دستوري وهذا يستدعي ان يأتي الطلب من رئيس الجمهورية، وفقاً لما ينص الدستور. ان تقصير الولاية يعني الموافقة على حل المجلس النيابي سياسياً لعدم وجود مسوغ دستوري في غياب الحالين المنصوص عليهما في المادتين ال65 وال77 من الدستور اللتين تجيزان لرئيس الجمهورية طلب حل المجلس، وهما "امتناع المجلس لغير اسباب قاهرة عن الاجتماع طوال عقد عادي او طوال عقدين استثنائيين متواليين لا تقل مدة كل منهما عن الشهر، او في حال رده الموازنة برمتها بقصد شل يد الحكومة عن العمل". ان تقصير الولاية لا يجوز ان يفتح الباب امام الاجتهاد على نحو يدفع برؤساء حكومات في المستقبل الى اقتراح مماثل. صعوبة فتح دورة استثنائية في الوقت الحاضر بعدما تبلغ الرئيس بري من وزير الداخلية نتائج الانتخابات النيابية، اضافة الى ان لحود، وان كان يتفهم الأسباب، شديد الحرص على الدستور والتمسك بنصوصه، وهذا ما نصح به منذ لحظة طرح الحص الأمر عليه. لذلك، لم تطرح مسألة تقصير ولاية المجلس على مجلس الوزراء.