شهد اليوم الأخير لتلقي طلبات الترشيح للانتخابات البرلمانية المصرية امس، تصعيداً جديداً ضد جماعة "الاخوان المسلمين" المحظورة. واعتقلت السلطات 40 من الكوادر الرئيسية ل"الجماعة" في حملات واسعة شنتها ضدهم في ثلاث محافظات. وجاء هذا التصعيد بعد أقل من 24 ساعة على بيان أصدرته الجماعة طالبت فيه الحكومة بحوار "حفاظاً على الاستقرار". وأغلقت مساء امس مراكز تلقي الترشيح أبوابها، وباشرت في عملية حصر الطلبات التي كان من ضمنها طلب رئيس تحرير صحيفة "الشعب" السيد مجدي حسين الذي يعتبر أول مرشح من داخل السجن. وحذرت الحكومة من خرق القانون، وأصدرت قراراً يقنن الدعاية الانتخابية تضمن رفع حجم الانفاق على الدعاية المسموح لكل مرشح الى عشرة آلاف جنيه بدلاً من خمسة آلاف. وكان لافتاً امس انتقاد محامي رئيس "مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية" الدكتور سعدالدين ابراهيم موكله وتحميله مسؤولية تحريك السلطات قضيته مجدداً واصدار قرار بمحاكمته، فيما عبر حقوقيون مصريون عن خشيتهم من تأثير محاكمة ابراهيم على مستقبل النشاط الحقوقي والمدني في البلاد. الى ذلك، حسم القطب البارز في "الجماعة" المحامي سيف الاسلام حسن البنا أمر مشاركته في الانتخابات وترشح في دائرة عابدين وسط القاهرة حيث الوجود المكثف ل"الاخوان". الحملة الأكبر على "الاخوان" في اليوم الأخير لتلقي طلبات الترشيح شنت السلطات المصرية امس حملات واسعة ضد جماعة "الاخوان المسلمين" المحظورة، هي الأكبر منذ إعلان التنظيم قبل ثلاثة شهور خوض الانتخابات. إذ نفذت قوات الامن حملات في ثلاث محافظات اسفرت عن توقيف 40 من الكوادر الرئيسية في "الجماعة". وأعلن النائب السابق القطب البارز في الجماعة الدكتور عصام العريان ان عدد مرشحي الجماعة بلغ نحو 75 شخصاً نصفهم تقريباً ممن رشحوا في الانتخابات السابقة العام 1995، في حين أعلن نائب المرشد العام للجماعة المستشار مأمون الهضيبي ان كل مرشحيها قدموا طلباتهم. وعبر عن خشيته من استبعاد بعضهم من قبل السلطة لأسباب أمنية. وعلمت "الحياة" ان اجتماعات عقدت أمس بين أقطاب في الجماعة ومرشح قبطي في الوجه البحري كان الهدف منها إعلان اتفاق على تأييد "الإخوان" له في الانتخابات. وأفادت مصادر مطلعة ان الاجتماع انتهى الى الفشل بعدما تبين ان المرشح لا ينتمي الى طائفة الاقباط الارثوذكس التي تمثل غالبية الاقباط المصريين وانما الى طائفة الكاثوليك، ووعد المشاركون في الاجتماع من "الاخوان" المرشح الكاثوليكي بعدم ترشيح أي من رموزهم في الدائرة المرشح فيها، لكنهم أوضحوا ان أسباباً تمنعهم من إعلان تأييد الجماعة علناً، تجنباً لعدم إغضاب الكنيسة الارثوذكسية في الايحاء بأن الاخوان "يلعبون" على التناقضات بين الطوائف. وجاء ترشيح السيد سيف الاسلام حسن البنا في دائرة عابدين ليقضي على إشاعات سرت عن نيته الترشيح في دائرة السيدة زينب التي رُشح فيها رئيس مجلس الشعب الدكتور احمد فتحي سرور. وقال البنا ل "الحياة" إن برنامجه يستند الى المطالبة بتطبيق مواد الدستور، خصوصاً المادة الثانية التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وتحدثت أوساط "الاخوان" أمس عن أكبر حملة تتعرض لها الجماعة منذ نحو ثلاثة شهور. وقال العريان إن الحملات شهدت تغييراً نوعياً واستهدفت مرشحين سابقين وأعداداً من أسر المرشحين الحاليين وبين هؤلاء المهندس سعد الحسيني الذي خاض الانتخابات السابقة ويتولى حالياً إدارة الحملة الانتخابية للقيادي البارز في الجماعة محفوظ حلمي الذي رشح في محافظة الغربية والداعية الاسلامي الشيخ احمد ياقوت الذي يحظى بمكانة في مدينة طنطا ويعتقد أنه مؤثر بدرجة كبيرة على الناخبين. واضاف العريان أن ضغوطاً حكومية تمارس ضد مرشح "الاخوان" لمقعد العمال في محافظة السويس السيد طارق خليل حيث اغلقت سلطات المرافق مطعماً يملكه في المدينة، كما تم القبض على نحو 35 من أنصاره وتلقى وعوداً بإعادة فتح المطعم واطلاق المعتقلين في حال تنازله عن الترشيح. وفي الاسكندرية قال مرشح الجماعة في دائرة سيدي جابر ل "الحياة" إن الشرطة القت القبض على مدير حملته الانتخابية السيد نزيه علي محمد و7 آخرين اثناء مسيرة انتخابية قاموا بها في شوارع المنطقة، كما تم القبض على مرشح الجماعة لمقعد العمال في دائرة المنتزه السيد مصطفى محمد وثلاثة من مناصريه رشحوا في الانتخابات السابقة، وان السلطات اطلقت المرشح بعد ساعات من احتجازه وابقت الثلاثة الاخرين رهن الاحتجاز بدعوى مخالفتهم التعليمات الخاصة بالحملة الانتخابية. مجدي حسين أول مرشح من داخل السجن والحكومة تحذر من خرق القانون أغلقت في مصر مساء أمس مراكز تلقي طلبات الترشح للانتخابات البرلمانية التي شهدت إقبالاً مفاجئاً من المرشحين في الساعات الأخيرة، وبدأت عقب ذلك مباشرة، عملية حصر الطلبات لإعداد الأرقام النهائية. ودشن وزير الداخلية السيد حبيب العادلي مساء أول من أمس مرحلة الدعاية الانتخابية، بإصدار قرار يحدد قواعد تنظيم الدعاية تضمن رفع نفقات الدعاية لكل مرشح إلى عشرة آلاف جنيه مصري، بدلاً من خمسة آلاف، استجابة لمطالبة واسعة في هذا الشأن. وفي محاولة للحد من الانفاق المالي في الانتخابات، حظر القرار على المرشح أو أنصاره، اعطاء مبالغ نقدية أو مزايا عينية أو شخصية للناخبين، وتضمن ضوابط لتوفير اجواء ملائمة وألزم كل مرشح بمراعاة أحكام الدستور والقوانين المصرية في دعايته، وبما لا يؤدى إلى إثارة العنف أو الشغب، وأجاز عقد المؤتمرات الانتخابية في سرادقات مخصصة لهذا الغرض، تقام بعد الحصول على ترخيص من جهات الأمن، التي ستقرر الموافقة على ضوء الاعتبارات الأمنية. وفي غضون ذلك، بدأت الأحزاب استعداداتها للمرحلة الثانية من الانتخابات. وقالت مصادر في الحزب الوطني الحاكم، إن الوزراء سيبدأون غداً المشاركة في مؤتمرات شعبية لدعم مرشحي الحزب الذين انتهوا من التقدم بأوراقهم وعددهم 444 مرشحاً في 222 دائرة. وأعلن الحزب أمس برنامجه الانتخابي، متعهداً ترسيخ المزيد من الممارسة الديموقراطية والمشاركة السياسية التي يحميها نظام قضائي مستقل، ودعم مؤسسات المجتمع المدني، وتحقيق نهضة شاملة، قائمة على العدالة والمساواة والمشاركة. وفي حزب العمل الذي أعلن عدم مشاركته في الانتخابات، نجح رئيس تحرير صحيفة "الشعب" السيد مجدي حسين، في التقدم بأوراق ترشيحه أمس، على رغم وجوده في السجن، حيث يقضي فترة عقوبة مدتها سنتين، بعد ادانته بتهم القدح والذم في حق نائب رئيس الحكومة وزير الزراعة الدكتور يوسف والي. وأكد محامي الحزب السيد ممدوح فرج ل"الحياة" حق رئيس تحرير "الشعب" في ترشيح نفسه وممارسة حقوقه السياسية. وأفاد مسؤول غرفة العمليات المركزية في حزب الوفد الدكتور سيد البدوي، أن عدد مرشحي الحزب ارتفع إلى نحو 250 مرشحاً، تقدموا بأوراقهم جميعاً، مشيراً إلى أن "مشكلات ادارية وتنظيمية تسببت في عدم ترشح خمسين آخرين". ومن المقرر أن يعلن رئيس الحزب الدكتور نعمان جمعة اليوم، برنامج الحزب الانتخابي، واسماء المرشحين. ونجح حزبا الوفد والتجمع المعارضين في تسجيل اختراق لمحافظتي جنوب وشمال سيناء الحدوديتين واللتين احتكر الحزب الوطني الحاكم الترشيح فيهما، إذ تقدم الأول بمرشحين في الجنوب، وقدم الحزبان ثلاثة مرشحين في الشمال. وأفادت مصادر حزب التجمع، ارتفاع مرشحي الحزب الى 52 مرشحاً، تقدموا بأوراقهم، وفي مقدمهم نواب الحزب الخمسة، ورئيسه السيد خالد محيي الدين. وأفاد المرشح الناصري المستقل السيد حمدين صباحي أن أجهزة الشرطة أطلقت كل أنصاره الذين احتجزتهم قبل ستة أيام.