قرر المكتب التنفيذي ل"الاتحاد العام التونسي للشغل" اتحاد العمال القيام بحملة واسعة عربياً ودولياً لشرح التطورات الأخيرة التي أدت إلى استقالة أمينه العام إسماعيل السحباني واستبداله بالرجل الثاني عبدالسلام جراد، فيما فتح الباب لعودة قياديين وكوادر سابقين كان أبعدهم السحباني عن المراكز النقابية في السنوات الأخيرة. وقال بيان صادر عن اجتماع الهيئة الإدارية ل"الاتحاد" تلقت "الحياة" نسخة منه، ان "الهيئة" شكلت لجنة مالية مؤلفة من محمد شعبان وعبدالستار منصور وحبيب بسباس ورضا الفورتي لمحاسبة من "ارتكب تجاوزات"، في إشارة إلى الرجل القوي السابق السحباني، إلا أن الهيئة قررت اخضاع الأمين العام الجديد وكل أعضاء القيادة للرقابة المالية الدائمة بعدما فصلت بين الأمانة العامة والرقابة المالية. وأكد جراد في تصريحات أدلى بها أمس ان لجنة التحقيق المالي "ستحاسب كل من تثبت عليه تجاوزات"، لكنه يبدو أن الأمور لن تتطور إلى طلب ملاحقة السحباني قضائياً. من جهة أخرى، ألغيت قرارات الرفض التي كان الاتحاد العام للعمال اتخذها في حق قياديين كانوا على خلاف مع السحباني، وطلبوا تكريس الشفافية في التسيير المالي والإداري، وكان أعضاء في الهيئة الإدارية أبدوا في الاجتماع الطارئ الذي عقدته أول من أمس استغرابهم استمرار استبعاد بعض معارضي السحباني، لأنهم طلبوا تقديم كشوف مالية خارج مؤسسات الاتحاد. ولوحظ ان الأمين العام الجديد جراد لم يعارض عودة معارضي السحباني إلى صفوف النقابات، ولكن ليس إلى مواقعهم السابقة في المكتب التنفيذي، كون المؤتمر الأخير 1999 انتخب مكتباً تنفيذياً جديداً. وكان ثلاثة من المطرودين البارزين يشغلون مواقع في المكتب التنفيذي، وهم أحمد بن رميلة وعبدالمجيد الصحراوي ومحمد طاهر الشايب، وبموجب قرارات الهيئة الإدارية ألغي اجراء الطرد في حقهم. إلا أن "الخضة" الشديدة التي هزت الاتحاد العام للعمال، وهي الأخطر منذ المؤتمر التوحيدي في العام 1989، ضعضعت صدقيته وقللت من وزنه السياسي والاجتماعي، على رغم كونه الاتحاد العمالي الوحيد في البلد. وعزا محللون تراجع دوره إلى شدة التصاقه بالحكم في الفترة السابقة وطبيعة المآخذ التي أدت إلى إبعاد أمينه العام الذي انتخبه المؤتمر العام بالاجماع وبرفع الأيدي في ربيع العام 1999، وهي مآخذ متصلة بالفساد المالي والإداري. واعترف جراد في حديث صحافي أدلى به أمس ان "الاتحاد العام التونسي للشغل" فقد مواقع كثيرة ورأى أن "في مقدم المهمات في المرحلة المقبلة إستعادة الوهج السابق والاشعاع الذي كان للاتحاد على الصعيدين العربي والدولي". ورأى أن المرحلة السابقة "كانت فترة ركود على صعيد العلاقات الخارجية بسبب ممارسات معينة فقد بسببها الاتحاد مواقع مهمة". يذكر ان "الاتحاد الدولي للنقابات الحرة" الذي يحتل اتحاد العمال التونسي فيه موقعاً بارزاً، عبر عن انتقادات ومآخذ على السحباني لموقفه المؤيد للسلطات في القضايا الداخلية الرئيسية.