عرضت بريطانيا على مجلس الأمن ليل أول من امس مبادرتها في شأن العراق، خلال جلسة تميزت بدعوة الغالبية الساحقة الى فتح حوار مع العراق واشراكه في البحث عن مخرج من الوضع الحالي. وبرز موقف بريطاني جديد تمثل في الانفصال عن الولاياتالمتحدة في موضوع الحوار ورحلة الطائرة الفرنسية الى بغداد والتي اعتبرت واشنطن انها انتهكت قرارات مجلس الأمن. وعرض المندوب البريطاني على المجلس تفاصيل المبادرة الجديدة لحكومته وقدم ايجازاً عن الاتصالات التي اجريت لإشراك العراق في الحوار من أجل خلق صيغة جديدة للتعاون بين بغداد ومجلس الأمن. الى ذلك، أعلن وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية بيتر هين ان هناك مؤشرات تفيد باستعداد العراق للحوار، وقال في حديث الى "الحياة": "لا نريد الدخول في معركة اخرى وقصف العراق" ولو أصر على رفضه دخول المفتشين الدوليين. وشدد هين على ان "أحداً لا يعمل لنصب فخ" لبغداد من خلال القرار 1284 و"إذا كان ممكناً ايجاد حل عربي لأزمة عربية عبر تنفيذ القرار فهذا جيد". راجع ص7 وكشف وزير الدولة البريطاني للمرة الأولى موقفاً يتعلق باحتمال زوال منطقتي الحظر الجوي في شمال العراق وجنوبه في حال قدمت بغداد "ضمانات" بعدم مهاجمة الأكراد والشيعة وعدم خرق أجواء الكويت والدول الأخرى المجاورة. وزاد ان مسألة النظام في العراق "شأن شعبه والدعوة الى اطاحته ليست سياسة بريطانية". ورأى ان "كل الأمور يصبح ممكناً" مع بغداد بما في ذلك كل أنواع العلاقات "عندما تكون هناك مؤشرات صادقة من النظام الى رغبته في التحرك الى امام". وشدد على أهمية الحوار بين العراق ومحيطه العربي وبينه وبين مجلس الأمن، داعياً الى حوار بين حكومته ورئيس لجنة الرقابة على التسلح هانز بليكس، ومكرراً ان القرار 1284 هو "الخيار الوحيد". وأوضح ان المبادرة البريطانية "فرصة عظيمة لأننا مصممون على تحقيق تعليق العقوبات عبر القرار 1284، وهذه ليست خدعة أو مراوغة". ولمح الى احتمال العمل على آلية للتنفيذ على نسق التفاوض على مذكرة التفاهم الخاصة بالقرار 986، والى امكان بدء محادثات تجيب عن أسئلة عراقية في شأن كيفية عمل فرق التفتيش وكيفية تطبيق اجراءات تعليق العقوبات شرط ان تعطي بغداد اشارات الى "جديتها في الامتثال للقرار 1284". وكشف ان بريطانيا هي التي طلبت فتح حوار عربي مع العراق. على صعيد آخر، وبعد أقل من 24 ساعة على هبوط طائرة مدنية فرنسية في مطار صدام، هبطت امس طائرة روسية في المطار، وسط سجال فرنسي - اميركي وتنديد اميركي ب"انتهاك" باريس الحظر على العراق راجع ص2. وعلق مصدر فرنسي مطلع على استياء واشنطن والكلام الأميركي - البريطاني على خرق فرنسا للحظر إثر رحلة الطائرة الفرنسية بدعوة الأميركيين والبريطانيين الى "إعادة قراءة قرارات مجلس الأمن". وقال المصدر ل"الحياة" ان رحلة الطائرة التابعة لشركة "اورالير" والتي نقلت حوالى 60 شخصاً بينهم أطباء وممرضون ورياضيون، لا تنطوي على أي خرق للحظر، وإن الفقرة السادسة من القرار تنص على أن رحلات الطيران التي لا تنقل معدات، تستدعي فقط ابلاغ لجنة العقوبات ولا تتطلب موافقة اللجنة. وأضاف ان هذا الابلاغ، بموجب نص القرار، ينبغي ان يتم في الوقت المناسب وليس خاضعاً لأي مهلة. وتابع ان السلطات الفرنسية ابلغت لجنة العقوبات بالرحلة، لكن رئيس اللجنة بيتر فان والسن، اعتبر ان هذا البلاغ بمثابة طلب موافقة، علماً أنه جاء شديد الوضوح لجهة كونه مجرد بلاغ وليس طلب موافقة. وشدد على أن والسن "عندما قرر مطالبة فرنسا بتأجيل الرحلة، اعتمد موقفاً يتنافى مع الأسلوب المتبع في اطار اللجنة لاتخاذ القرارات، وهو اسلوب الاجماع، في حين ان قراره التأجيل لم يتخذ بالاجماع". ونبه المصدر الى ان رحلة الطائرة لا تعبر عن أي رغبة فرنسية في خرق الحظر، لافتاً الى أن باريس متمسكة بالتطبيق الصارم للعقوبات، على رغم اعتبارها ان هذه العقوبات "باتت قاسية وعديمة الجدوى وخطرة".