أكد رئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي "ضرورة النظر" إلى المنطقة المتوسطية من زاوية احتياط الثروة والنمو الذي تختزنه، مشيراً إلى أنها تمثل من الناحية النظرية سوقاً واسعة وتملك موارد الطاقة وتعد نسبة عالية من السكان الشباب. وقال إنه يعتبر خطة الشراكة الأوروبية من الأولويات الثابتة في السياسة الخارجية للاتحاد، لافتاً إلى أنه يجب أن لا يتم التوسيع على حساب الشراكة التي تم إطلاقها قبل خمسة أعوام في برشلونة. وأكد برودي في لقاء مع مجموعة من الصحافيين، أهمية حل مشكلة الهجرة والتحكم فيها "عبر مقاومة الهجرة السرية التي تستغلها منظمات التهريب والجريمة المنظمة"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن تيارات الهجرة المنظمة تشكل "تيارات للتبادل الثقافي وتجاوز الحدود بين الأديان". وأعرب برودي عن اعتقاده بإمكان إحياء دور المنطقة كجسر بين الشرق والغرب، لافتاً إلى أن "نهضة آسيا تمثل اليوم فرصة لاستعادة الدور المحوري للمنطقة المتوسطية التي تربط أيضاً بين أوروبا وافريقيا". وأضاف ان "العلاقات المتوسطية باتت مهيأة اليوم، ومزودة بالآليات المؤسساتية والمالية الضرورية"، حيث هناك اتفاقات للشراكة بين الاتحاد وكل من تونس والمغرب والسلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، فيما سيدخل الاتفاق مع الأردن حيز التنفيذ، وينتظر توقيعه مع مصر في وقت قريب. وقال رئيس المفوضية إنه يؤيد الدعوة لتسريع سير مفاوضات التجارة الحرة مع كل من لبنان وسورية والجزائر لإنهائها منتصف السنة المقبلة، كي تتمكن المنطقة من صوغ اتفاقات جديدة بين دول الجنوب. وتتمثل الآليات المالية في برنامج "ميدا" الذي وضعه الاتحاد، لتمويل عمليات الاصلاح الاقتصادي وتخفيف عبء التكاليف الاجتماعية المترتبة على برامج تخصيص المؤسسات العامة. وبلغت قيمة برامج المعونات للفترة الخمسية 1995-2000 425.2 بليون يورو تم التخطيط لانفاقها في دول جنوب شرق حوض المتوسط، إلا أن صعوبات متنوعة حالت دون تنفيذ الخطة بكاملها، ولم تفرج المفوضية حتى الآن سوى عن 26 في المئة من اجمالي الهبات. ولتفادي البيروقراطية داخل المؤسسات الأوروبية وتعقيدات المراقبة المالية واشراف حكومات الدول الأعضاء ال15، وافق مجلس الوزراء الأوروبي على اقتراحات تضمن تسريع وتيرة انفاق المعونات، وتقضي أنه في حال تجاوزت الخطة أربع سنوات من دون أن يتم تنفيذ البرامج الانمائية، فإن المساعدات المقررة قد تُوجه نحو أهداف ودول أخرى ذات طاقة استيعابية أكبر. وتقترح المفوضية على الدول الأوروبية تقديم معونات بقيمة 7.6 بليون يورو للفترة 2001-2006، بالإضافة إلى القروض التي يقدمها البنك الأوروبي للاستثمار وتهدف في شكل رئيسي إلى تمويل مشاريع تطوير البنى التحتية. وأكد برودي ضرورة قيام منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط بوضع برامج للتعاون الاقليمي في مجالات المياه والبنى التحتية والربط الكهربائي ومكافحة التلوث وتوحيد المقاييس الفنية. ونصح دول المنطقة باتباع اسلوب التعاون الذي اعتمده الأوروبيون في مجالات استراتيجية مثل الحديد والصلب غداة الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى أن قيام المشاريع الاقليمية يمثل شرطاً أساسياً لجذب الاستثمارات الأوروبية، علماً أن المنطقة المتوسطية لا تستقطب سوى اثنين في المئة فقط من الاستثمارات الأوروبية المباشرة. وتتجه هذه الاستثمارات منذ نهاية الحرب الباردة نحو الأسواق الكبيرة والتجمعات الاقليمية في وسط أوروبا وآسيا.