} تمر اليوم الذكرى الثانية لإعلان الرئيس الجزائري السابق اليمين زروال في 11 ايلول سبتمبر 9819 تنحيه "طواعية" عن الحكم ودعوته إلى إنتخابات رئاسية مبكرة إثر خلافات حادة بينه وبين أوساط القرار في الحكم الجزائري. وتتزامن هذه الذكرى مع تطورات سياسية في البلاد وسط تجاذب واضح في علاقة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة مع قادة المؤسسة العسكرية على رغم تغير "الديكور" السياسي للبلاد. انسحب الرئيس الجزائري السابق اليمين زروال قبل سنتين من الحكم بسبب خلافه مع العسكريين في شأن قضايا عدة ابرزها "تعسف" مستشاره للشؤون السياسية والأمنية الجنرال المتقاعد محمد بتشين في "استخدام السلطة"، وطريقة الاعلان الرسمي للهدنة التي أبرمها الأمن العسكري مع قادة "الجيش الإسلامي للإنقاذ". ويبدو ان علاقة التجاذب بين الرئيس السابق ومسؤولي المؤسسة العسكرية، لم تتغيير كثيراً عن العلاقة بين الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة وهذه المؤسسة، وذلك على رغم التطورات والتغييرات الكبيرة التي جرت في هرم السلطة منذ الإنتخابات الرئاسية التي جرت في نيسان ابريل 1999. وتعتقد أوساط مطلعة بأن تعيين الجنرال المتقاعد العربي بلخير على رأس ديوان رئاسة الجمهورية اخيراً، مؤشر الى تأكيد تردي العلاقة بين الرئاسة وقادة الجيش، خصوصاً أن بلخير كان رفض العودة إلى الحكم بعدما أحيل على التقاعد في تموز يوليو 1992. وكان الجنرال المتقاعد رشح بوتفليقة للإنتخابات بإسم الحكم وتعهد للمسؤولين في الدولة ان في امكانه، في حال نجاحه، إخراج البلاد من دوامة العنف في الداخل ومن عزلتها في الخارج شرط ضمان الدعم السياسي له في الإنتخابات، وهو ما أدى إلى إنسحاب ستة مرشحين من السباق في آخر لحظة. ومنذ تولى بوتفليقة الحكم، لم يتردد في المواجهة مع من أتى به إلى الحكم، وعرف ب"الدهاء" وتمرسه فن "الكر والفر" وعدم نسيانه لمن خدش مشاعره. إذ عبر عن اقتناعه بأن الغاء الانتخابات التي فازت فيها "جبهة الإنقاذ" المنحلة العام 1992 كان "عنفاً" وذلك خلال مشاركته في "منتدي كرانس مونتانا" السويسري في 25 حزيران يونيو 1999. وفي 13 ايلول من العام نفسه لدى بدء الحملة الإنتخابية الخاصة بقانون الوئام المدني، شن حملة على بعض الجنرالات ووصفهم ب "مافيا" التجارة الخارجية. ولاحظت اوساط سياسية أن الرئيس الجزائري كان يهدف من خلال كل تصريحاته تأكيد أن الجنرالات يتدخلون في صلاحياته الدستورية وهو ما جعله يكرر في عدد من التصريحات "لن أقبل أن أكون ثلاثة أرباع الرئيس". لكن بعد تسجيله هذه النقاط السياسية اتخذ قرارات عملية من شأنها تأكيد تحكمه في المشهد السياسي ولو "شكلياً". وجاءت القرارات الأخيرة لتؤكد هذا التوجه. فعين ثلاث شخصيات من جبهة التحرير الوطني على رأس مناصب مهمة في الحكومة من دون إستشارة دوائر صناعة القرار. ويتوقع أن تجسد التعيينات المقبلة في الوظائف العليا للدولة مثل الجمارك الوطنية والمديرية العامة للأمن الوطني والحماية المدنية والسلك الديبلوماسي، هذا التوجه بإعادة تعيين بعض أصدقاء الرئيس.