يجتمع الرئيس الجزائري السيد عبدالعزيز بوتفليقة، الثلثاء المقبل، الرئيس الايراني محمد خاتمي في أول لقاء على هذا المستوى بين مسؤولي البلدين منذ قطع الجزائر علاقاتها الديبلوماسية مع ايران في العام 1993 بعد اتهام طهران بالضلوع في أعمال العنف التي هزت البلاد. وسيتم اللقاء وسط توقعات في الجزائر باعلان عودة العلاقات اثره. وأفادت مصادر رسمية، ان اللقاء سيعقد على هامش مائدة مستديرة ينظمها الرئيس الايراني في شأن "الحوار بين الحضارات" وتليها مأدبة غداء يقيمها خاتمي على شرف رؤساء الدول والحكومات المشاركين في هذه المائدة المستديرة التي تنظم في اطار اعمال الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة. وتعتقد مصادر عدة ان اللقاء قد يؤدي الى الاعلان عن استئناف العلاقات الديبلوماسية بين البلدين بعد سلسلة الزيارات غير الرسمية المتبادلة بين مسؤولي البلدين منذ أكثر من سنة. وزار الجزائر مسؤولون في دائرتي افريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية الايرانية خلال القمة الافريقية التي عقدت في تموز يوليو 1999 وانتقل الى طهران كل من وزير الطاقة والمناجم السيد شكيب خليل والرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية للبرلمان الجزائري السيد عبدالقادر حجار. ولوحظ ان التقارب الجزائري - الايراني تزامن مع تطورات سياسية جديدة برزت في الجزائر، مطلع الاسبوع الجاري، مع الاعلان عن تولي السيد عبدالعزيز بلخادم منصب المسؤول الأول في الديبلوماسية الجزائرية ما يشير الى امكان حدوث تحولات مهمة في مواقف الجزائر خصوصاً إزاء بعض الدول التي تثار في شأنها شكوك لجهة دعم الجماعات الاسلامية المسلحة الجزائرية. ويراهن الرئيس الجزائري على وزير خارجيته الجديد لكسب دعم الأوساط الاسلامية التي تربطه بها صلات حسنة. ووفقاً للتنظيم الجديد لوزارة الشؤون الخارجية يتولى الوزير عبدالعزيز بلخادم دور مساعد للرئيس الجزائري في تكريس الانفتاح على العالمين العربي والاسلامي علماً بأنه تم استحداث منصب وزير مكلف الشؤون الافريقية في خطوة لترقية العلاقات مع دول القارة السمراء. واثر تردي العلاقات بين البلدين على التبادل الاقتصادي والتجاري إذ جمد رجال الأعمال الجزائريون اتصالاتهم مع نظرائهم في ايران، منذ العام 1993، بسبب المخاوف من أن تتهمهم مصالح الأمن بتمويل الجماعات المسلحة الأمر الذي اثر على التبادل التجاري بين البلدين. لكن الاتصالات السياسية لم تشهد المصير ذاته لأسباب عدة ابرزها حاجة الطرفين الى التشاور المستمر ضمن منظمة الدول المنتجة للنفط "أوبك"، وكان آخر لقاء في هذا الصدد مطلع السنة الجارية في ليبيا اذ التقى وزراء النفط للدول الثلاثة في خطوة لوضع حد للضغوط الأميركية على اجتماع فيينا. واعتبرت أوساط سياسية في الائتلاف الحكومي قرار الرئيس الجزائري لقاء نظيره الايراني خرقاً لأحد الممنوعات التي فرضتها الأزمة الدموية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية، وذكرت بأن القرار جاء "ليضع حداً لتلاعب أوساط فرانكوفونية في الحكم بتوجهات الديبلوماسية للبلاد خلال السنوات الماضية التي عزلتها عن عمقها العربي الاسلامي".