} الوثيقة الختامية التي اصدرها المركز الاستشاري للدراسات، في اعقاب المؤتمر الذي نظمه قبل اشهر لدرس الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، ما تزال تشكل مرجعاً مهماً لفهم الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، على رغم ان ندرة الاحصاءات الموحدة والدقيقة، طبقاً للوثيقة، تعتبر عائقاً اساسياً أمام إجراء الدراسات الموضوعية وبلورة نماذج علمية ضرورية لمعالجة الازمة الاقتصادية. وهذه الوثيقة ما تزال تحمل اهمية خاصة في الظروف الراهنة التي يمر بها الاقتصاد اللبناني. الإطار العام لاستراتيجية الخروج من الأزمة أولاً - دور لبنان الاقتصادي في ضوء المتغيرات المحلية والاقليمية والدولية وأولويات التنمية: رأى المؤتمر ان هناك كثيراً من الاسباب التي تدعو الى اعادة النظر بالدور التقليدي للاقتصاد اللبناني، والى العمل على تكوين رؤية جديدة حياله، على الصعيدين الاقليمي والدولي، في اطار خطة اقتصادية - اجتماعية شاملة ومتكاملة توجه مختلف السياسات، وتتجه نحو خدمة هدف رئيسي هو اعادة هيكلة البنى الانتاجية الزراعية والصناعية والخدماتية لتتلاءم مع التطورات الهائلة التي حفل بها ربع القرن الاخير. والمؤتمر اذ ينظر بجدية الى ما تحظى به الخدمات من اهمية في تكوين الوظائف الاقليمية للاقتصاد اللبناني، لا يسعه بالمقابل الا ان يدعو بإصرار الى توجيه هذا القطاع للتكيف مع متغيرات المحيط العربي الذي لم يعد مصدراً للطلب على الخدمات التقليدية التي يمكن للبنان ان يقدمها، وأن يدعو ايضاً الى الالتفات الى حقيقة ان الدخول في السوق الاقليمية الخاضعة لتأثيرات العولمة لا يكون متكافئاً ولا تنافسياً الا على قاعدة اقتصاد متداخل يرتقي فيه قطاع الخدمات بالقطاعات الانتاجية الاخرى، من صناعة وزراعة، لينتقل بها من الانتاج البسيط الى الانتاج ذي الكثافة العلمية، وان يدعو ثالثاً الى كسر حدة التحالف غير العادل بين الاقلية المحتكرة وبين مؤسسات التمويل، الذي يوزع من جهة الموارد على نحو انتقائي وغير مدروس 80 في المئة من التسليفات المصرفية تنالها بضع عشرة عائلة والذي يضغط من جهة اخرى باتجاه تنظيم اولويات انفاق على بنية تحتية تمكن لبنان من استعادة غير مخططة لدور الوسيط الخدماتي من دون ادنى تعديل. وشدّد المؤتمر على اهمية وعي مخاطر العولمة وحقائقها، وحثّ لبنان على سلوك سبيل التكامل الاقتصادي مع العالم العربي وصولاً الى تأمين مقومات قيام سوق عربية مشتركة، وفي الطريق الى ذلك المضي قدماً في خطوات تعاونه وتكامله الاقتصاديين مع سورية. ووجد المؤتمر ان الخطوط العربية والتوجهات العامة لرسم الدور الخارجي للاقتصاد اللبناني ووظائفه الداخلية تتجسد في كل من القطاعات الثلاثة على النحو الآتي: 1 - التركيز على الفروع الخدماتية المتطورة التي تتحلى بميزات تنافسية - تفاضلية تجاه نظيراتها في المحيط ولا سيما لجهة توافر تراكم ملحوظ للرساميل البشرية فيها، من قبيل الخدمات المعلوماتية والاستشارية والاعلامية والاعلانية والخدمات التي تتطلب عمالة ماهرة عالية التأهيل. ومن زاوية تحليلية صرفة، يعتقد المؤتمر بأن فروعاً خدماتية اخرى تتوافر فيها بذور التطور والنمو كالتعليم والطبابة والتأمين والانتاج الفني والعلمي، لكنها ايضاً تعاني من غياب التخطيط الاقتصادي الكلي وسوء الادارة القطاعية وضعف السياسات. كما ان السياحة، التي يُحكى ان اللبنانيين مهيأون لها حضارياً وثقافياً، والتي تعتبر حالياً احد اهم عناصر تحفيز التطور عالمياً، تفتقر الى شروط كثيرة للنجاح والمنافسة اهمها: مستويات معقولة للأسعار، وبنية تحتية متطورة ومتكاملة وشاملة، وسياسة رشيدة للموارد المائية، ومهارات تسويقية. 2 - التأكيد على ان الصناعة، وهي عادة المحرك الدافع لعملية التنمية، لا يمكن لها الا ان تكون قطاعاً مؤثراً ورئيسياً في تحديد الوظائف المستقبلية للاقتصاد اللبناني وهذا يرتكز الى الآتي: أ - الدخول الى ميدان المنافسة من باب الصناعات العالية الربحية وذات "الرأس مال العلمي الكثيف" التي تستفيد من الأيدي العاملة الماهرة المتوافرة بين اللبنانيين المقيمين والمغتربين. ب - الاهتمام بالصناعات ذات الروابط الخلفية والأمامية مع فروع انتاجية اخرى قائمة في لبنان، وبالصناعات المكملة، وفي طليعتها الصناعات الزراعية. ج - الاستفادة الكاملة من فرص التكامل مع الاسواق المجاورة ولا سيما في سورية. 3 - ادراج متطلبات القطاع الزراعي ضمن اولويات التنمية واعادة البناء. ولا يمكن ترسيخ دور لبنان الاقليمي وتثبيت وظائف متطورة له الا في ظل شروط، ركّز المؤتمر منها على الآتي: استقرار النظام السياسي وقدرته على التمثيل، وتسهيل المعاملات، وتشجيع التعليم، والانفتاح على التعاون الاقتصادي العربي، وحل مجموعة من المشاكل التنظيمية والبيئية، وتحسين مستوى التخطيط المدني، وتحصين النظام القضائي ومده بالمتطلبات اللازمة لقيامه بواجباته. ثانياً - على صعيد دور الدولة والاطار المؤسسي لسياسات الخروج من الازمة: ابدى المؤتمر اهتماماً بالرأي القائل ان الدولة يجب ان تبقى في لبنان دولة الرعاية الشاملة التي لا تنحصر مهامها فقط في العمل على تأمين المناخ المناسب للقطاع الخاص كي يتمكن من الاستثمار على اكمل وجه. بخلاف ما رسمه القائمون على سياسة النهوض وإعادة الاعمار، من دور يسير بها باتجاه الاخذ بمفهوم الدولة الحارسة، عندما حددوا لها ثلاث وظائف رئيسية: تشييد البنية التحتية، وتحقيق الاستقرار النقدي والمالي، وتحديث الأطر التشريعية. المحاور الرئيسية لاستراتيجية الخروج من الأزمة أولاً - على الصعيد المالي والنقدي: نظر المؤتمر بقلق الى تفاقم ازمة المالية العامة التي يرى انها البؤرة المركزية للمأزق الاقتصادي الذي يعانيه لبنان، فالانجازات التي يحكى ان لبنان حققها خلال السنوات السبع الماضية خلفت اعباء تثقل المستقبل واختناقات ما زالت الدورة الاقتصادية عاجزة عن تخطيها منذ فترة ليست بالقصيرة. وعلى رغم نمو الناتج المحلي القائم بمعدلات مرتفعة بداية التسعينات، قبل ان يتراجع الى مستويات شديدة الانخفاض، فإن معدل نمو نفقات الخزينة كان على الدوام اعلى بكثير من معدل النمو الاقتصادي فارتفعت نسبة هذه النفقات الى الناتج القومي القائم من نحو 20 في المئة العام 1993 الى اكثر من 46 في المئة العام 1996 قبل ان تنخفض نتيجة اجراءات تقشفية الى 39 في المئة. ورصد المؤتمر ان معدلات الارتفاع في النفقات ساوت في بعض السنوات سبعة اضعاف معدل نمو الناتج القومي. وعلى رغم ان هذا التوسع المبالغ فيه يجد مبرره التقليدي في ان نحو 80 في المئة من النفقات اجبارية رواتب، خدمة دين مقابل ما لا يزيد عن عشرة في المئة من النفقات الانمائية فإن حقائق كثيرة تظهر ان النمو المتسارع للنفقات لم يكن نتيجة ظروف اقتصادية ونقدية وسياسية طارئة فحسب، بل كان ايضاً خياراً حكومياً غير مدرك لمخاطر تراكم الدين، عندما لم يربط نمو النفقات بنمو الواردات. ومن هذه الحقائق نذكر الآتي: أ - ان تطور عجز الخزينة بمعدلات مذهلة وقد بلغ 260 في المئة سنة 1994 شهد تراجعاً في بعض السنوات بل وسجل معدلات سلبية العام 1998 لما ادركت الحكومة ان لا مرد من السيطرة على النفقات، فظهرت قدرتها على تحقيق بعض اجراءات التقشف لو ارادت، سيما وان ارقام المالية العامة للسنوات الست الاخيرة تظهر ان الانفاق بسلفات خزينة خارج الموازنة، مثّل زهاء عشرة في المئة من مجموع النفقات، بل وارتفع في بعض السنوات الى 27 في المئة. ب - وجود هدر مثلث الابعاد، هدر فعلي عبر: مسارب غير منظورة للانفاق، تلزيمات بالتراضي، عقود وصفقات خارج رقابة ديوان المحاسبة، وهدر مؤسسي هيكلي يتمثل في انفاق هائل على الرواتب والاجور غير مترافق مع تحسين كفاءة القطاع العام. وهنالك هدر في الانفاق على الانشاءات، في بنية تحتية غير متكاملة في جانب منها، ويفيض الحجم الاجمالي لبعض مشاريعها عن حاجات الاقتصاد، والانفاق على مشاريع غير منتجة او منتجة لكن بكلفة غير عادلة. ج - تبين التحولات الداخلية في هيكل الانفاق ان تقلص بعض ابواب الموازنة وتضخم اخرى احدثا انتقالاً تدريجياً من الانفاق غير المنتج مما يعني ان الانفاق الحكومي المتضخم لم يعوض عن حرمانه القطاع الخاص من اموال هو بأمسّ الحاجة اليها، بتوجيه هذه الاموال نحو استثمارات انتاجية تساهم في تحريك العجلة الاقتصادية، بل وجهها نحو موارد للصرف زادت من حدة التباطؤ والركود. وعلى العموم فان سياسات الانفاق غير المتحفظة تحولت بالموازنة لتكون، ابتداء من العام 1996، مناهضة لموجبات النمو مع التدهور الواضح في نصيب الجانب الاستثماري والانمائي منها. وأدى التفاوت الحاد بين زيادة النفقات من جهة وزيادة كل من الايرادات والناتج القومي من جهة اخرى، الى تضاعف الدين العام الصافي اكثر من تسع مرات بين عامي 1992 و1998 الى حد تجاوز فيه حجم الدخل القومي. فبالاسعار الجارية نما الناتج بنسبة 79 في المئة، وواردات الخزينة بمعدل 180 في المئة، والنفقات بمعدل 240 في المئة وعجز الخزينة 320 في المئة، وذلك للفترة نفسها. كما ان سياسة تحسين سعر الصرف اضافت الى تقويم الدين الداخلي بالدولار 18 في المئة اي ما يقارب 2.5 بليون دولار. ويعتبر المؤتمر ان اعتماد الخزينة في صورة رئيسية على الواردات الداخلية في تمويل عجزها، وتحسن سعر الصرف سنوياً بمعدل ثلاثة في المئة سنوياً، جعلا المعدلات الحقيقية للفوائد مرتفعة للغاية. صحيح انها اجتذبت استثمارات كبيرة من الخارج وظّف معظمها لآماد قصيرة في السندات الحكومية، في اقتصاد تنتظر قطاعاته الانتاجية توظيفات من نوع آخر. الا ان هذه السياسة النقدية ساهمت في طرد القطاع الخاص من سوق الاقراض بالليرة، وشكل المردود الريعي المرتفع الذي ينجم عنها حافزاً قوياً للادخار وكبحاً للتوظيف المثمر في قطاعات الاقتصاد. ان الارتفاع المدار لسعر صرف الليرة مقابل الدولار الاميركي، الذي يسجل بدوره تحسناً ازاء عملات الشركاء التجاريين الرئيسيين للبنان، رفع سعر الصرف الحقيقي لليرة ما بين عامي 1992 و1998 بما نسبته 70 في المئة. ولو اضيف هذا التحسن الى المعدلات المرتفعة للفائدة، لظهر واضحاً كيف ان التكاليف التي تضطر الى دفعها القطاعات الاقتصادية للحصول على التمويل اصبحت شديدة الارتفاع، وكيف ان قدراتها التنافسية بالتالي آخذة بالتآكل وهو ما يظهر بوضوح في التراجع المطرد للصادرات الصناعية والزراعية ناهيك بوقوف بعض الفروع الخدماتية عاجزة عن الدخول الفاعل في ميدان المنافسة ولا سيما منها السياحة. ثانياً - على صعيد اعمار البنى التحتية: يتضح من مداولات المؤتمر ضرورة اجراء مراجعة تقويمية شاملة لعملية اعمار البنى التحتية في لبنان من مختلف جوانبها المالية والاقتصادية والاجتماعية تمهيداً لترشيدها بما يتناسب مع الامكانات المتوافرة من ناحية ويستجيب لضرورات التوازن المالي والاقتصادي من ناحية اخرى. ويرى المشاركون ان هناك اسباباً عدة تفرض هذه المراجعة ابرزها: الصعوبات المالية التي تعاني منها خزينة الدولة، وتراجع حظوظ نجاح مشاريع الشرق أوسطية، وهي الفرضية التي استندت اليها عملية الاعمار في بداية انطلاقتها. الى جانب محاذير التوسع في الطروحات البديلة، كالتخصيص والاقتراض الخارجي او تسييل بعض املاك الدولة وموجوداتها في حال استمرار عملية الاعمار على حالها. ثالثاً - على صعيد الاستثمارات القطاعية: ينوه المؤتمر بالأهمية القصوى لتنشيط القطاعات الانتاجية الصناعية والزراعية في تحقيق التوازنات المالية والاقتصادية والانمائية على صعيد زيارة الدخل وتخفيض العجز في الميزان التجاري وتأمين فرص العمل وتقليص الفوارق بين الريف والمدينة للحد من الهجرة الداخلية. ويعتبر ان ذلك مرتبط بالدرجة الأولى بتوجهات السلطتين التنفيذية والتشريعية وقدرتهما ليس على معالجة المشاكل البنيوية التي تهدد مصير القطاعات الانتاجية برمتها وتؤدي الى احتضار الكثير من فروعها وحسب، وانما على تأمين المناخ الاستثماري اللازم لجذب الاستثمارات. وساعد تثبيت سعر الصرف طوال الفترة الماضية على كبح التضخم وتأثيراته السلبية على الاجور، في بلد مثل لبنان يستورد اكثر من 80 في المئة من حاجاته، الا انه وفي ظل الاوضاع الراهنة بات يسهم في لجم الاستثمارات. اذ ان قوة الليرة المصطنعة تدفع الناس في هذه الحالة الى الاستهلاك اكثر والى الاستثمار في صورة اقل. وتناول المؤتمر كذلك الاجراءات المفترض اتخاذها لمعالجة المعضلات المزمنة التي تعانيها القطاعات الانتاجية على غير صعيد، سيما وان تأمين 80 الف وظيفة مطلوبة سنوياً في سوق العمل يتطلب توظيفات مالية تقدر بنحو 1.2 بليون دولار. رابعاً - على صعيد التشغيل والموارد البشرية: على المستوى التحليلي، رصد المؤتمر جذوراً عميقة للاختلالات البنيوية التي تعاني منها سوق العمل اللبنانية، تعود الى مرحلة ما قبل الحرب. وعلى رغم التحسن الذي طرأ حالياً على خصائص قوة العمل اللبنانية وتكويناتها ولا سيما لجهة تزايد اعداد المتعلمين في صفوفها، فإن الازمة لا تزال مرتبطة بالاختلالات المتفاقمة التي تعاني منها سوق العمل منذ ما قبل الحرب. والأرقام المتفائلة التي تحدد معدل البطالة بما لا يتجاوز 8.9 في المئة، يتوقع تضاعفها الى ما يفوق ربع القوة العاملة فيما لو اخذت بالحسبان: البطالة اليائسة التي لا يصرح عاطلوها عن بطالتهم ليأسهم من العثور على فرص متاحة، البطالة الموسمية والجزئية، البطالة المؤجلة عن طريق لجوء طالبي العمل من الشباب الى العودة الى مقاعد الدراسة، ناهيك بالبطالة المستترة التي تتفشى حالياً في قطاعين من اكثر القطاعات استخداماً لليد العاملة المتعلمة هما القطاع العام وقطاع المهن الحرة. وفي مرحلة الحرب وما بعدها، شهد التعليم توسعاً كبيراً بما فيه التعليم الفني، لكن هذا التحسن بقي كمياً لا نوعياً، اذ ينخرط ثلاثة ارباع المتخصصين في اختصاصات نظرية ولا تتجاوز نسبة المنتسبين الى التعليم المهني والتقني عشرة في المئة. ونظر المؤتمر باهتمام الى التحليل الذي يرى ان قضية التشغيل لم تكن محوراً رئيسياً من محاور سياسات اعادة الاعمار، فالقائمون عليها تعاملوا مع ازمة ما بعد الحرب اقتصادياً على انها ازمة نمو، وان اطلاق عملية النمو هذه هي مهمة القطاع الخاص اما دور الدولة فهو في تأمين المناخات فقط: اعمار البنية التحتية، تحقيق استقرار مالي ونقدي، تحديث الاطر التشريعية. فيما تظهر التجربة التي سبقت الحرب ان مشاكل التشغيل لا يمكن حلها فقط عن طريق النمو الاقتصادي، حيث ان خمسة في المئة من النمو السنوي المتواصل طوال ربع قرن كان من نتائجه: نزوح كثيف من الريف، معدلات بطالة مرتفعة، واختلالات اجتماعية. وأثرت السياسة القطاعية واجراءات اعادة الاعمار على سوق العمل. صحيح ان ورشة الترميم واعادة البناء، زادت من الطلب على اليد العاملة لا سيما في قطاعات الاشغال العامة والتشييد، لكنه كان في صورة رئيسية طلباً على اليد العاملة غير اللبنانية. اما القطاعات الانتاجية المولدة لفرص العمل على نطاق واسع فعانت من مشكلة تمويل جراء ازمة المالية العامة. ومن اهم عوامل الازمة عجز سوق العمل عن استيعاب العمالة الماهرة وذلك لسببين رئيسيين: الأول كون النظام التعليمي يعمل بانفصام عن سوق العمل، والثاني الطابع التقليدي للمؤسسات التي لا يتمتع معظمها بهيكلية عصرية ولا يكترث بادخال التكنولوجيات والتقنيات والنظم المتقدمة. وتمثل العمالة الوافدة من الخارج عنصر ضغط على الاجور، نزولاً، كما ان عدم تمتعها بالتأمينات الاجتماعية الالزامية يخرج نظيرتها اللبنانية من دائرة المنافسة. خامساً - على الصعيد الاجتماعي: اشار المؤتمر استناداً الى مؤشرات الفقر التي توصل اليها الخبراء نتيجة دراسات ومسوحات قامت بها ادارات رسمية، الى تفاقم الازمة الاجتماعية لدى شريحة واسعة من المجتمع اللبناني. واعاد المؤتمر التأكيد على ان مواجهة تفاعلات الازمة الاجتماعية الراهنة تفترض بالحد الادنى الالتزام بالتوجهات المبنية على: 1 - ان العمل على ترميم الطبقة الوسطى باعادة توزيع الدخل والثروة في شكل عادل عبر نظام ضريبي تصاعدي موحد يعتبر المدخل الرئيسي للاستقرار الاجتماعي والسياسي. 2 - ان تحسين الوضع الاجتماعي مرهون بمدى قدرة الحكومة على تحفيز الاستثمار في القطاعات الانتاجية. 3 - ان اعتماد سياسات تقشفية للسيطرة على العجز في الموازنة العامة ينبغي الا يؤثر سلباً على التقديمات الاجتماعية او على اسعار الخدمات العامة او المشاريع الانمائية الحيوية لضمان الانماء المتوازن بين الريف والمدينة. 4 - الاهتمام بالمؤسسات والجمعيات الاهلية التي تعنى بتقديم خدمات تتميز بالمنفعة العامة، كجمعيات رعاية الأيتام والمعاقين والبيوتات الحرفية... وما الى ذلك...