رفض الرئيس الإيراني محمد خاتمي التدخل في عمل القضاء بشأن اليهود الإيرانيين المتهمين بالتجسس لمصلحة إسرائيل، لكنه كان متفائلاً بحكم الاستئناف، خلال أول لقاء من نوعه منذ الثورة الإسلامية عام 1979 بين رئيس إيراني وممثلي الطائفة اليهودية الإيرانية. ويظهر قادة طهران اجماعاً حول هذا الملف الذي لم تؤد الضغوط الدولية الكبيرة إلى إلغائه قضائياً، في وقت يحرص كبار المسؤولين على إظهار مناعة الجبهة الداخلية. على صعيد آخر، نفى مجلس الخبراء المعني بأعمال المرشد أن يكون قد تم تعيين نائب لآية الله علي خامنئي الذي يتبوأ منصب الولي الفقيه أعلى سلطة للقرار. وقال نائب رئيس مجلس الخبراء آية الله إبراهيم أميني إن اشاعة انتخاب آية الله محمود هاشمي شاهرودي رئيس القضاء لمنصب نائب القائد المرشد لا أساس لها من الصحة. وأضاف أميني: "ان هذه الاشاعة التي بثها بعض وسائل الإعلام الأجنبية تستهدف اشاعة اليأس داخل إيران". وأوضح ان خامنئي هو "في صحة تامة، وان الحديث عن مرضه مجرد اشاعة". ويتولى مجلس الخبراء انتخاب المرشد الأعلى وتثبيته أو عزله، وهو سيعقد اجتماعاً بعد ثلاثة أيام قيل إن هدفه استكمال وضع النظام الداخلي للمجلس. واستبق خاتمي زيارته إلى نيويورك للمشاركة في قمة الألفية للأمم المتحدة الشهر المقبل، بلقاء ممثلي الطائفة اليهودية. مع الإشارة إلى أن النائب اليهودي في مجلس الشورى الإسلامي موريس معتمد سيكون للمرة الأولى في عداد الوفد البرلماني الإيراني الذي سيزور نيويورك الأسبوع المقبل للمشاركة في اجتماع برلمانيي الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، وفي ظل هذه المعطيات أشاد خاتمي باليهودية وحمل على الصهيونية والإسرائيليين. ورفض خاتمي التدخل لدى القضاء بشأن اليهود الإيرانيين الذين دينوا بالتجسس لمصلحة إسرائيل، ونفى أن يكون لانتمائهم الديني أي علاقة باعتقالهم، مذكراً "بأن المتهمين كانوا من اليهود ومن المسلمين في هذه القضية، وان المهم هو التزام العدل والحق والقانون تجاههم". وأظهر خاتمي تفاؤلاً بشأن الاستئناف المقدم للطعن بالحكم، فأعرب عن أمله في "الوصول إلى النتيجة المطلوبة عبر الاستئناف مع مراعاة العدل والمصلحة". وينتظر أن يصدر الاستئناف أوائل أيلول سبتمبر المقبل، ومن المتوقع ان تخفف أحكام السجن ضد اليهود والمسلمين المتورطين في القضية حسبما كانت أكدته ل"الحياة" مصادر إيرانية متابعة لمحتويات ملف القضية. وتراوحت أحكام السجن بحق عشرة من اليهود ما بين 4 و13 سنة، فيما حكم على اثنين من المتهمين المسلمين بالسجن سنتين. وأشاد الرئيس الإيراني ب"الدين اليهودي لدوره في تاريخ البشرية"، وحمل بشدة على الصهيونية قائلاً إنها "لا تمت بصلة إلى اليهودية"، ووصفها بأنها "حركة سياسية عنصرية واستعمارية كان أول ضحاياها دين النبي موسى واليهود المؤمنون". وكان واضحاً في مواقف خاتمي أنها تحمل سلاماً إلى يهود إيران والعالم، لكنها استثنت الصهاينة والإسرائيليين، إذ قال: "إنهم، وبكل أسف، يمارسون سياسات الاغتصاب للأراضي الفلسطينية والعربية والتمييز العنصري باسم الدين اليهودي". وأضاف: "ان ما نريده في فلسطين هو ان يعيش اتباع الأديان الالهية كإخوة مع بعضهم البعض استناداً إلى الجوهر المشترك للأديان". وحضر اللقاء مع خاتمي ممثلون من مرجعيات الدين اليهود ورئاسة جمعية اليهود الإيرانيين في طهران والمحافظات والنواب اليهود السابقون في مجلس الشورى الإسلامي البرلمان والنائب الحالي موريس معتمد، وجمع من الأطباء والاخصائيين والأساتذة وممثلي طلبة الجامعات والمدارس التابعين للطائفة اليهودية. وأشار خاتمي إلى أنه "يشعر بالمسؤولية تجاه أبناء الشعب الإيراني كافة، مسلمين ومسيحيين ويهوداً وزرداشتيين"، مشيداً بالدور الذي "أداه اليهود الإيرانيون إلى جانب اخوتهم المسلمين في الدفاع عن إيران" خلال الحرب العراقية - الإيرانية، ومشدداً على ضرورة مشاركتهم في برامج إعادة البناء والإعمار.