أعلنت طهران رفضها أي تدخل خارجي في عمل القضاء، وانتقدت بشدة المواقف الأميركية والأوروبية في شأن الأحكام الصادرة بحق المتهمين اليهود. بينما سارع أقطاب التيار الإصلاحي إلى دعم القضاء وتحدثوا عن ارتفاع جدار عدم الثقة مع واشنطن، في وقت حاولت فرنسا، الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي، تهدئة الموقف. ودانت وزارة الخارجية الإيرانية "التدخل السافر" من مسؤولي بعض الدول بما يتعلق بالأحكام الصادرة بحق اليهود الإيرانيين الذين دينوا بالتجسس لمصلحة إسرائيل، وأبدت استغرابها لهذه المواقف. جاء ذلك رداً على المواقف الأميركية والأوروبية المنتقدة أحكام محكمة شيراز الثورية في جنوبإيران والتي قضت بعقوبة السجن من أربع سنوات إلى ثلاث عشرة سنة بحق عشرة من المتهمين اليهود، على رغم أنها قضت ببراءة ثلاثة آخرين، كما حكمت المحكمة بالسجن سنتين لاثنين من المتهمين المسلمين، وأعلنت براءة اثنين آخرين. وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي: "إن القضاء أصدر أحكامه باستقلال كامل". وأضاف: "ان المواقف السياسية للدول لن تترك أي تأثير على المسار القضائي للقضية". وبدا أن مواقف وزارة الخارجية تهدف إلى قطع الطريق أمام أي وساطات دولية محتملة. إذ أن آصفي أضاف القول بأن إيران "ترفض في شكل قاطع أي نوع من التدخل، كما ان القضاء يعمل وفق المعايير القانونية ولا يسمح لأي حكومة بالتدخل في هذه القضايا". وأعلنت حكومة خاتمي عبر الخارجية دعمها للقضاء الذي "اعطى المتهمين المدانين حق الاستئناف بعدما أفادهم من الرأفة الإسلامية". وذلك في إشارة إلى خلو الأحكام من الإعدام أو السجن المؤبد. وفي مقابل التصعيد الإيراني، ظهرت بوادر تهدئة في الموقف الأوروبي، وأعلن مصدر مطلع في السفارة الفرنسية في طهران ان اجتماع سفراء "الاتحاد الأوروبي السبت غير مرتبط بمحاكمة المتهمين بالتجسس لمصلحة إسرائيل". وقال المصدر، الذي رفض كشف اسمه، ل"وكالة الجمهورية الإسلامية" للأنباء الإيرانية الرسمية، إن الاجتماع جاء في إطار افتتاح الدورة الجديدة للاتحاد برئاسة فرنسا، وان مثل هذه الاجتماعات اقيمت في جميع السفارات الفرنسية في العالم. وفي مواجهة الضغوط الدولية على إيران، سارع أقطاب التيار الإصلاحي إلى دعم القضاء الذي يسيطر عليه المحافظون. وقال رئيس مجلس الشورى البرلمان مهدي كروبي: "إن القضاء والمحاكم مستقلة، وهي تقوم بدورها". وبدأت تظهر تداعيات هذه الأزمة وغيرها على العلاقة بين طهرانوواشنطن، إذ رأى كروبي أن "أعمال وقرارات الحكومات والمسؤولين الأميركيين تزيد في ارتفاع جدار عدم الثقة الموجود بين البلدين". وأعرب عن تشاؤمه من وجود نظرة تفاؤلية لتطبيع العلاقات بين إيران والولايات المتحدة. وترك كروبي للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي اتخاذ القرار في هذا الشأن، وقال: "إن السياسات الكلية والأساسية هي بيد قائد الثورة وفق الدستور".