الشهادة بين أبناء الشعب الآشوري هي امتداد لعصور موغلة في القدم منذ عهد الامبراطورية الآشورية التي قدّم لأجلها آلاف الشهداء لتصل الى ما آلت اليه من حضارة ورقي. وأراق الشعب الآشوري الكثير من الدماء لإيصالها الى الشعوب التي كانت على احتكاك به أو الأخرى البعيدة. فالآشوري كان يستبيح دماءه لا لأبناء قومه فقط بل للغرباء أيضاً، في سبيل إيصال الحضارة والثقافة وطرق الإدارة وما شابه ذلك من أساليب الإرشاد والتوعية الحياتية. إن المواطن الآشوري على رغم انهيار كيانه السياسي وتشتته ظل مستجيباً لمتطلبات المراحلة الحرجة. وفي العصور المسيحية أخذت الشهادة منحى آخر في سبيل نشر المسيحية والابتعاد عن العاديات للتقرب من الخالق ... ومع بداية القرن العشرين والمعاهدات الموضوعة من قبل الاستعمار الإنكليزي والفرنسي، وبروز الأفكار بل النزعات القومية التعصبية، وبما أن الشعب الآشوري كان الحلقة الأضعف في حلبة الصراع، كان هو الضحية. فتحتّم على هذا الشعب المسالم النضال من أجل الوجود الوطني والقومي، والوقوف بوجه الاستعمار والحكام المتآمرين. وأعلن الآشوريون انتفاضتهم المعروفة بانتفاضة الآشوريين عام 1933، والتي سرعان ما أجهضت وبقساوة مخلفة آلاف الشهداء. في السابع من آب 1933، وليصبح هذا التاريخ عيداً أو يوماً قومياً مقدساً يحتفي الآشوريون اينما وجدوا على أرض الأجداد في سورية وإيران وتركيا والعراق، بالعلن أو السر، وفي دول المهجر. فهو يوم الشهيد الآشوري، وبداية بعث الوعي القومي الحقيقي الذي أخذ، وبمرور الزمن بالتزايد. وشكلت منظمات وحركات سياسية آشورية للدفاع عن حقوق هذا الشعب المهضومة، منذ عام 1957. ومنها، منذ 1979، الفصيل السياسي الآشوري المترسخ في أرض العراق، والمصطف بجانب فصائل المعارضة العراقية، والمعروف بالحركة الديموقراطية الآشورية. وهو خطّ لنفسه برنامجاً وتنظيماً أعطيا الشهادة دوراً أكثر موضوعية، وأقرب الى واقعية هذا الشعب الأليم. .... وصارت الغاية الوصول الى انتزاع الإعتراف بالوجود القومي الآشوري الذي أصبح جزءاً مكمّلاً لشخصيته. ديترويت - رامن أوراها أشوري مقيم في أميركا