الهدوء والسكينة صفتان متلازمتان للشعب الفنلندي ولا يمكن لأحد أن يتخيل بأن هذه البلاد الهادئة والتي تحدد سرعة القيادة على طرقاتها العامة ب22 كلم في الساعة كحد أدنى و120 كلم في الساعة كحد أقصى، أن تنجب أفضل سائقي الراليات على مدى أجيال عدة. هذا الأمر يلمسه أي زائر لفنلندا فكيف الحال إذا كان مشاركاً في راليها الدولي المُدرج في بطولة العالم للراليات الذي يشهد هذا العام مشاركتي الثانية على التوالي. فهذه البلاد الجميلة فيها طرقات سريعة ومتطلبة وراليها من الأصعب في البطولة نظراً لمساره السريع المكون بنسبة 80 في المئة من أرضية حصوية زلقة. والسائق الساعي الى المنافسة أو حتى بلوغ خط النهاية فقط، مطالب بالتألق في التعامل مع المسار الصعب والمطبات المنتشرة بكثرة عليه. فالسيارة المنطلقة بسرعة تحلق في الهواء بسهولة لكن الهبوط إن لم يكن مثالياً يؤدي الى أعطال في السيارة وربما حوادث تضع السائق خارج التنافس. ويطلق المعنيون على الرالي اسم رالي الألف قفزة أو جائزة فنلندا الكبرى أو حتى رالي الأبعاد الثلاثة... سيكون الرالي بغاية الصعوبة بالنسبة لي. فالمراحل سريعة وضيقة والخطأ كما ذكرت يكلّف غالياً. كما أن الأرقام لا تقف الى جانبي لأن ما من سائق تمكن من تحقيق نتيجة طيبة في مشاركته الثانية في هذا الرالي "المخيف" الذي لا يرحم. لكن طبعاً آمل أن أغير هذا خلال مشاركتي هذه السنة. رالي فنلندا الذي يحتفل بيوبيله الذهبي هذا العام مهم جداً بالنسبة لي لاكتساب أكبر قدر من الخبرة تحضيراً للمستقبل. ومشاركتي فيه تتم على متن سيارة سوبارو امبريزا دبليو آر إكس مصنفة ضمن المجموعة "ن"، والتي أرى بحسب قيادتي لها في رالي نيوزيلندا بأنها سيارة رالي ممتازة، قادرة على المنافسة وانتزاع المركز الأول ضمن مجموعة سيارات الانتاج التجاري "ن". بالطبع أنافس على جبهتين ذلك انني أخوض أيضاً كأس الفرق الخاصة حيث سأواجه منافسين يقودون سيارات من المجموعة "أ" التي تتفوق على سيارتي من النواحي كافة. فتجهيزات سيارتي لا تقارن بتجهيزات سيارة زميلي وصديقي السعودي عبدالله باخشب المصنفة ضمن السيارات العالمية من المجموعة "أ" وكذلك سيارة الفرنسي فريدريك دور. وأعتقد بأن مشاركة عبدالله التي جاءت في اللحظة الأخيرة كونها لم تكن مدرجة في برنامجه لهذا العام، جيدة بل ممتازة لا سيما أنه يملك فرصة كبيرة للفوز بلقب كأس الفرق الخاصة، ومن هنا فإن دخولي معه في دائرة المنافسة أمر مستبعد نظراً للتفاوت الكبير في كل شيء بين سيارتينا. وأخوض أيضاً صراعاً ثالثاً من نوع آخر بيني وبين نفسي في هذا الرالي الصعب، وهدفي بالطبع التمكن من اجتياز خط النهاية والحصول على أكبر قدر ممكن من الخبرة. من ناحية أخرى فإن زميلي في فريق سوبارو "الأول" ريتشارد بورنز ويوها كانكونن يملكان فرصة كبيرة في تحقيق الفوز لاحتلالهما المركزين الثاني والأول العام الماضي هنا. والأول مطالب بصحوة إذا ما أراد الاحتفاظ بالمركز الأول ضمن بطولة العالم للسائقين. آمل أن يكون التوفيق حليف الجميع وأن يذهب الفوز للسائق الذي يبذل المجهود الأكبر لأنه بذلك سيحقق التتويج... والى اللقاء.