علمت "الحياة" ان الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة انهى خدمات 20 مسؤولاً في مناصب حكومية رفيعة المستوى، وذلك في إطار حملة "الإقالات" التي شرع فيها قبل سنة. واكدت مصادر قريبة الى الرئيس ان حملته ستستمر حتى كانون الأول ديسمبر 2001 لابعاد نحو عشرة آلاف مسؤول عينهم الرئيس السابق اليمين زروال ومستشاره محمد بتشين. والقررات التي وقع عليها بوتفليقة في 26 حزيران يونيو الماضي، نشرتها الجريدة الرسمية التي تصدرها الحكومة دورياً، وحصلت "الحياة" على نسخة منها، ولم تعلن في حينه. وجاءت في سياق التغييرات التي أجراها الرئيس الجزائري منذ سنة والتي شملت نحو 70 في المئة من المناصب رفيعة المستوى، ونحو 30 في المئة من المناصب الحساسة في اجهزة الدولة. وسبق العملية تغييرات واسعة في قطاع التعليم العالي والمؤسسات الجامعية وقطاع القضاء شملت نحو 80 في المئة من وكلاء الجمهورية و99 في المئة من رؤساء المجالس القضائية. وأكدت أوساط قريبة الى الرئيس الجزائري ان عملية التغيير التي تطال المسؤولين ستتواصل حتى كانون الأول ديسمبر 2001 في اطار برنامجه إبعاد نحو 10 آلاف مسؤول عينوا خلال السنوات بين 1994 وتاريخ توليه رئاسة الجمهورية في نيسان ابريل 1999. وكان بوتفليقة أقال منذ توليه السلطة أكثر من 70 مسؤولاً في رئاسة الجمهورية و38 آخر في الأمانة العامة للحكومة ومئات من المسؤولين في مختلف الوزارات والقطاعات الحكومية ومختلف أجهزة الدولة. وان كانت التغييرات التي جرت مطلع السنة الجارية شملت إبعاد 10 مسؤولين كبار في الجيش الجزائري فإن العمليات التي أعقبتها، خصوصاً الشهر الماضي، استهدفت إحداث تغيير واسع في مختلف المناصب والمسؤوليات الأخرى داخل الجيش بهدف إحداث نوع من التوازن. وعلم من مصادر أمنية ان المسؤولين الذين عينهم الرئيس الجزائري قبل فترة على رأس قيادة القوات الحربية أجروا تغييرات واسعة في هيكلية الجيش كان آخرها المناقلات الواسعة التي جرت في صفوف قوة الدرك الوطني. وتم التأكيد على أن هذه التغييرات تحظى بدعم كبار المسؤولين في الجيش وتهدف أساساً الى حصر نشاط "المافيا" المالية والسياسية التي أضرت بالاقتصاد الوطني. لكن ثمة خلافاً واسعاً بين صناع القرار، في شأن حدود المعركة ضد "رؤوس الفساد"، ففي حين يعتقد قطاع من الضباط أن الهدف الأساسي من العملية هو كسر "امبراطورية" الجنرال المتقاعد محمد بتشين الذي عمل الى جانب الرئيس السابق زروال كمستشار له، فإن آخرين يرون أن العملية ينبغي أن تتوسع الى "المافيا الحقيقية" التي كانت تتحكم بالاقتصاد قبل مجيء بتشين الى الحكم العام 1994 . ويعتقد عدد من المراقبين ان الخلافات بين بوتفليقة وقادة الجيش في شأن "حدود" المعركة ضد رؤوس الفساد ليست في المحصلة إلا صورة أخرى للصراع التكتيكي بين الطرفين، على من يقوض مسيرة الآخر وهو ما يفسر الدعم المستمر لقيادة الجيش لنشاط بوتفليقة من دون المبادرة في الميدان الى شن عمليات وملاحقة المسؤولين خارج "أجندة الإقالات" التي أعدها الرئيس.