وصف المدير الفني للمنتخب الفرنسي روجيه لومير 59 عاماً احراز لاعبيه لكأس الأمم الأوروبية بأنه "انتصار للارادة"، واعتبر ان هذا هو "وليد الاصرار المتواصل الذي اسفر عن نتيجة ايجابية، لقد اثمرت جهودنا تتويجاً غالياً، لم نيأس او نتوان تابعنا بعزيمة كبيرة كفاحنا حتى الثواني الاخيرة وقلبنا الموقف في مصلحتنا". واعترف لومير بأن المنتخب الايطالي "فريق كبير ومنافس عنيد، ونحن اردنا منذ البداية ان نبرهن ان احرازنا كأس العالم 1998 على ارضنا لم يكن صدفة". اساساً لومير لا يؤمن بالمعجزات، ويؤكد انه ايمانه بالفوز ظلّ ثابتاً حتى الثواني الاخيرة خلال المباراة النهائية مع ايطاليا، حيث "اوجدنا مسلسلاً من الفرص المتتالية امام مرمى فرانشيسكو تولدو، واصبنا في واحدة، فكانت بداية مرحلة جديدة". فرض الانسجام اعتمد لومير الخيار الهجومي منذ دخول منتخبه التصفيات الاوروبية ولم يندم، وعمل بهدوء على اسلوب "عصا البدل" اي الانسجام بين جيلين: مجموعة المخضرمين والعناصر الشابة، ولا ينفِ انه ورث مسؤولية كبيرة وتركة ثقيلة بعد استقالة ايميه جاكيه قائد فرنسا الى الفوز بلقب مونديال 1998. ويقول لومير في هذا الصدد: "ان الدور الاساسي للمدرب هو تحفيز عناصره، وانا تسلمت منتخباً يضم المكونات المناسبة كلها، واشكر في المناسبة ما جهزه لي ايميه جاكيه، لقد عشت المرحلة السابقة، فمن الغباء القيام بتغييرات جذرية...". دخل لومير الجهاز الفني لمنتخب فرنسا في مطلع 1998 مساعداً لجاكيه، وجاء من الادارة الفنية في الاتحاد الفرنسي وبعدما قاد المنتخب العسكري الى اللقب عام 1995. ايميه جاكيه استقال بعد نحو اسبوعين من احراز فرنسا المونديال، وخلفه لومير في 27 تموز يوليو 1998، ومع التتويج الجديد على الصعيد الاوروبي، قاد لومير منتخبه في 27 مباراة، حقق خلالها 20 فوزاً و5 تعادلات، وتعرّض لهزيمتين، وسجل لاعبوه 54 هدفاً، ودخل شباكهم 24 هدفاً. وكشف لومير، الشهير بهدوئه في الملعب، ان تجاربه مع عدد من كبار المدربين جعلته يتأقلم جيداً مع الضغوط، كما تعامل بنجاح حين عهد اليه بمركز دفاعي في المنتخب الفرنسي اواخر عقد الستينات، وهو اللاعب المهاجم. فبات من افضل المدافعين. واللافت ان مدربي الفرق الاربعة التي بلغت الدور نصف النهائي في "اوروبا 2000" كانوا لاعبين مدافعين، لكن لومير اكد انه مختلف عنهم في التفكير والاسلوب. يتبصر المدرب الرزين طويلاً في الامور وهو يحلل اوضاع لاعبيه بين كأسي العالم واوروبا "لقد تطوروا كثيراً مع انديتهم، ما جعل هذه البوتقة اكثر انضباطاً وتفاهماً في وقت لاحق". الاطفال الكبار يضم المنتخب الفرنسي 22 لاعباً كل منهم يستحق ان يكون اساسياً، واظهروا رغبة كبيرة دائماً في اثبات الوجود، ولومير قال عنهم: "عندنا جيل من الحرس القديم يعلم الجدد الذين يستوعبون بسرعة فائقة، لذا ليس غريباً ان امنح ثقتي لمجموعة او فرد، وتساءل كثيرون عن سبب عدم اقدامي على اجراء اي تبديل خلال الشوط الثاني من مباراتنا والبرتغال، والسبب انني كنت ادرك لا بل كنت واثقاً من قدرة هؤلاء على قلب الموقف سريعاً في مصلحتهم... واظن ان هذا التعرف يشكل توجهاً للمستقبل...". ويرى لومير في زين الدين زيدان صانع العاب المنتخب افضل لاعب في العالم، "يملك "زيزو" مزايا لا يمكن حصرها، يسمع ويرى ويراقب وينفذ، انه صلة الوصل بين القدامى والشباب الصاعدين، والنموذج المثالي، وانا اعتمد مع الجميع طريقة التعلم عبر المشاهدة لتصحيح الاخطاء وتطوير الاداء. الاطفال يتعلمون من خلال الصور، ونحن اطفال كبار...". يلخص لومير عمل لاعبيه بالقول انهم لفتوا الانظار بفضل الاداء الجماعي "عندما يواجهون الصعوبات ويُحشرون في الزاوية، يصبحون خطيرين وشرسين. لاحظ الجميع ذلك في المباراتين الاخيرتين، يضغطون على الخصم، ويجهدون للاستحواذ على الكرة، وهذا يفسّر ايضاً قتالهم الدائم وسعيهم الى القاب جديدة... لا ننسى ان لا احد منهم اعتزل دولياً بعد احراز مونديال 1998، حتى لوران بلان اقتنع سريعاً بضرورة الاستمرار، وفي ظلّ وجود مثل هذه النوعية والنهج، سنكون قريباً في مصاف المنتخبات العالمية الكبيرة، مثل ايطاليا التي احرزت كأس العالم ثلاث مرات". ولما سئل لومير عن المرحلة المقبلة، اي التحضير لمونديال 2002، ردّ سريعاً، "انسوا الامر الآن، وعيشوا كل يوم بيومه، حتى في ما يتعلق بمستقبل اللاعبين مثل بلان وديشان المصر على الاعتزال دولياً هذه المرة، ان كرة القدم مشوار حياة، كل يوم يكتب اللاعب صفحة جديدة في كتابها، وفي سن معينة يجلس ليتصفح هذا الكتاب ويقلّب صفحاته فيقرأ سطوراً من قصة جميلة...". حمل روجيه لومير كأس "اوروبا 2000"، شارك لاعبيه فرصتهم، وصاح بالصحافيين والمعجبين والجمهور قائلاً: "ارجوكم اتركوني بعض الوقت، افسحوا لي مجالاً للتنفس وتحليل الموقف، اريد ان اهضم ما حصل كله...".