دشن الدكتور حسن الترابي نشاط حزبه الجديد بحشد جماهيري ضخم في وسط الخرطوم حمل خلاله بعنف على حكومة الرئيس عمر البشير واتهمها بالاستجابة للضغوط الاميركية ومصادرة الحريات. وقدم الترابي في اللقاء الذي أقيم في ظل شروط حكومية وتضييق على النشر داخل البلاد، برنامج حزبه الجديد الذي يركز على الحريات والشورى والحكم الفيديرالي. في غضون ذلك بدأ قادة المعارضة السودانية في الخارج إجتماعات في القاهرة تقرر في دعوة البشير الى عقد ملتقى للحوار يمهد لمؤتمر المصالحة السودانية. وقاطع حزب الامة المعارض الاجتماع ووجه إنتقادات حادة الى "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض. راجع ص 5 وتحدث الترابي في الندوة التي أقيمت في ميدان المولد النبوي في الخرطوم بلهجة تحد وتهديد للحكومة. ووافقت السلطات على إقامة الندوة بشروط شملت عدم "التزام الثوابت في الدستور والقيم والأمن القومي، والمحافظة على البيئة والنظام العام، وانهاء الندوة قبل الساعة الحادية عشرة مساء". وراقب اللقاء عدد كبير من قوات الشرطة التي تجمعت على مسافة من مكان الندوة لكنها لم تتدخل فيها. وكان غالبية الحضور من الشباب والنساء في مؤشر الى نوعية مؤيدي حزب "المؤتمر الوطني الشعبي" الجديد. وحضر اللقاء ممثل لحزب رئيس مجلس الجنوب المنشق الدكتور رياك مشار. وقدر مراقبون الحضور بأكثر من 30 ألف شخص فيما قال أنصار الترابي أن عدد الحضور زاد عن 50 ألفاً. وقال المستشار الاعلامي للزعيم الاسلامي السيد محبوب عبدالسلام ل "الحياة" أمس إن السلطات الامنية منعت الصحف المحلية من نشر انتقادات الترابي للحكومة أو تقدير أعداد الحضور. وأشار الى أن خطاب الترابي يمثل برنامجا للحزب الجديد أسسه مبادئ الحرية والشورى والشعبية والفيديرالية، مضيفاً أن الحزب سيركز على "أولوية المجتمع على الدولة". ووصف الترابي الحكم الحالي بأنه "دولة من انتسبوا الى الاسلام، وهي دولة أصبحت تتحدث عن امكان فصل الدين عن الدولة". وجدد اتهامه للحكومة بمصادرة الحريات وقال :"لا بد من مجاهدة تعيد حرية الصحافة وتعيد حرية الاحزاب".وعرض الترابي "قدراً من الوفاق والوئام" مع البشير أو بعض معاونيه "إذا تمسكوا بأصول التوجه الاسلامي". لكنه حذر قائلاً: "أما إذا استكبروا واستبد بهم هوى السلطة فسنقيم الثورات ضدهم". على صعيد آخر، ركز إجتماع قادة المعارضة في الخارج على مسألة الحل السلمي للمشكلة السودانية وبدأ في درس دعوة البشير الى ملتقى للحوار في الخرطوم. وأكد رئيس التجمع السيد محمد عثمان الميرغني إن "موقفنا من الحل السياسي الشامل يظل موقفاً مبدئياً ثابتاً"، لكنه أوضح أن المعارضة مصممة على "تفكيك دولة الحزب الواحد". وقال "تلقينا رسالة خطية من الفريق عمر البشير ورحبنا بما شملته من مضمون وستعرض على هيئة قيادة التجمع لإتخاذ قرار في شأنها". وتابع "وجاءت الآن دعوة الفريق البشير الى ملتقى يعقد خلال شهر في الخرطوم. وإذ نرحب من حيث المبدأ بلقاء التجمع ونظام الخرطوم، فإننا نؤكد أنه يجب أن يتم عبر المبادرة المصرية - الليبية وفي المكان الذي يتفق عليه، عقد الملتقى في الخرطوم فهو سابق لاوانه". وشدد الميرغني على حرص التجمع على أن "لا تقود نتائج الصراع بين أجنحة الحزب الحاكم الى تكريس سلطة شمولية جديدة"، ولاحظ أن "هذا الصراع لا يعني الشعب". ويحضر الاجتماعات ممثلو فصائل عدة في هيئة قيادة التجمع بينهم الدكتور منصور خالد المستشار السياسي الزعيم "الجيش الشعبي لنتحرير السودان" العقيد جون قرنق. وقالت مصادر في قيادة المعارضة ان ممثل حركة التمرد الجنوبية نيال دينغ لم يحضر إجتماع يوم أمس،لكنه سينضم الى الاجتماعات فور وصوله القاهرة. ولوحظ أيضاً غياب ممثل لليبيا عن الاجتماعات الا ان مصادر في المعارضة اكدت ان ممثل الحكومة المصرية السفير رفيق خليل شارك باعتباره مندوباً عن المبادرة المصرية - الليبية. ووجه الأمين العام لحزب الأمة الدكتور عمر نور الدائم من الخرطوم أمس، إنتقادات حادة ل "التجمع"، وقال ان حزبه "حدد موقفه النهائي من تجمع الخارج". ورأى ان التجمع "بات أداة طيعة في يدي حركة قرنق تحركه وفقاً لمصالحها في المنطقة".واعتبر ان "التجمع أصبح جثة هامدة لا تحرك ساكناً تجاه القضايا المطروحة على الساحة السودانية". وذكر ان "التجمع" فشل في عقد مؤتمره العام خلال الأعوام الخمسة الماضية وأنه "يعج بالتناقضات الداخلية".