} "قد تكون المعاناة الإنسانية بسبب السُّمِّيات في ساحات الوغى ما زالت في بدايتها، ولكن هل ما تقوم به الحكومات يكفي لحماية الجند؟ "عن مجلة "جينز" العسكرية. عام 1994، واستجابة لضغوط مجندي الخليج، اطلقت وزارة الدفاع الأميركية برنامجاً واسعاً لتقويم صحة 20 ألف مجند من اصل 697 الفاً شاركوا في عمليات "عاصفة الصحراء". وانصب اهتمام الإعلام، منذ نهاية تلك الحرب، على معاناة الأشخاص الذين شكوا اعراضاً تفاوتت بين الاضطرابات النفسية والاصابة بالسرطان! وهو ما زال قائماً الى اليوم، في حين اتخذت الشكاوى اسماً بات متداولاً: "ظاهرة حرب الخليج" أو "ظاهرة التسمم". وفي تقرير عن اعمال البرنامج الذي يترأسه، نفى الدكتور ستيفنسون جوزيف وجود المرض. ولاحظ ان سكان السعودية والكويت لم يشكوا من تلك الأعراض التي يبدو انها حكر على الأميركيين والبريطانيين والكنديين بين كل الأعراق التي شاركت في حرب الخليج. وما لم يقله ستيفنسون هو اقتصار الأعراض على ذوي البشرة البيضاء من المجندين، على رغم وفرة ذوي البشرة الداكنة بينهم. وهو ما دفع البعض الى الحديث عن توصل العراقيين الى نوع من الأسلحة الجرثومية يعتمد الجينات الأكثر انتشاراً في الأعراق البيض، على رغم ضعف الاثبات العلمي لهذه الفرضية.... ويلاحظ بروز الشكاوى النفسية في "مرض حرب الخليج"، خصوصاً ان جو المعارك مشحون بالتوتر الحاد والشديد، مع وجود محفزات بصرية وشمية تعضد التوتر النفسي، اضافة الى الحضور الحاد للموت والجثث والمآسي وغيرها. ومنذ اقدم المدونات عن المعارك، عرفت الجيوش الأثر النفسي للحروب وتفاوتت المفاهيم حياله، واستعملت تعابير مختلفة، ومسيئة احياناً، في تسميته. الحرب كمعاناة نفسية للمقاتلين ومع تطور الطب النفسي، استعمل تعبير "اضطراب ما بعد الشدة النفسية الرضّية" Post Traumatic Stress Disorder PTSD للاشارة الى مجموعة محددة من الأعراض والمعاناة النفسية للحرب. وتتشكل هذه المعاناة من مجموعة من الشكاوى والأعراض النفسية المعروفة جيداً في الطب النفسي. فهناك الأعراض النفسية وأبرزها اضطراب النوم والعصبية في الطباع والاكتئاب وتجنب الأوضاع التي تحمل شبهاً مع ظروف المعاناة الأصلية كمثل تجنب اصوات المفرقعات لمن عانى أهوال معارك المدفعية وما الى ذلك. وتتضمن الأعراض الجسدية PTSD نوبات من الارتجاف والتعرق والإغماء المفاجئ والوهن العضلي الشديد والمزمن واضطراب وظائف الجهاز الهضمي وغيرها، فضلاً عن الأعراض العامة مثل اضطرابات الذاكرة والتركيز الذهني والأداء الفكري... وفي حال "مرض حرب الخليج"، برزت في معاناة الجند الأعراض التالية، بحسب المسح الذي اتمه "البرنامج التقويمي الشامل" الذي اشرفت عليه وزارة الدفاع الأميركية: اضطرابات في الأنسجة العضلية والضامة 18 في المئة واضطرابات نفسية 18 في المئة وأعراض غير محددة المنشأ 17 في المئة. في البدء، ومباشرة عقب ظهور الحالات الأولى، انكرت دوائر البنتاغون وجود المرض جملة وتفصيلاً ثم مالت الى اعتباره من تنويعات مرض PTSD، واعترفت به اخيراً كظاهرة مستقلة بفضل اصرار المجندين وروابطهم في الولاياتالمتحدة وغيرها من دول قوات التحالف الغربي التي شاركت في الحرب. وتلقي دوائر طبية متخصصة في طب المعارك، المسؤولية على الطريقة المتسرعة في اعطاء اللقاحات. فتحت وطأة الخوف من استعمال العراق الأسلحة الجرثومية، أعطي الجند مجموعة من اللقاحات ضد اعداد كبيرة من الجراثيم. وهذه الطريقة لم تعتمد سابقاً وليس ثمة خبرة طبية كافية في صددها. ولربما أدت اللقاحات الى تفاعلات بيولوجية غير مألوفة. وأشار أحد التقارير التي رفعت الى البنتاغون الى الكميات غير العادية من الغازات التي سادت اجواء المعارك، مع احتمال حدوث تفاعل للغازات مع الاشعاعات الذرية التي انبعثت بكثافة، نتيجة الاستخدام الموسع للقذائف المحتوية عنصر الراديوم المجهد Deplted Uranium ضد الدروع وناقلات الجند العراقية.