فاصلة : (لا تثقل كاهليك بحمل يفوق طاقتك) - حكمة لاتينية - امتلأت حاسبات بريدنا الإلكتروني بصور كارثة جدة بطريقة تقنية تجعلك في قلب الحدث. كل ذلك وأنا أفكر في زاوية هي مجال بحثي الآن في دراستي وهي اضطرابات ما بعد الصدمة (Post Traumatic Stress Disorder (PTSD). وهو اضطراب شائع جدا رغم أن عبارة "اضطراب أو ضغوط ما بعد الصدمة" لم تكن موجودة في قاموس الطب النفسي قبل العام 1980 غير أنها ظهرت عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث اكتشفت بعض الأعراض النفسية على الجنود في ميادين الحرب، هذا الاضطراب يحدث نتيجة مواجهة الفرد او المجتمع لصدمة نفسية غير متوقعة وتتسبب في حدوث مشكلات نفسية مباشرة يمكن أن تستمر لفترة طويلة. في كارثة جدة انتقل الشهداء إلى رحمة الله لكن هناك ضحايا يحتاجون المساندة النفسية وهم أهالي الشهداء والذين تسببت الكارثة لديهم في فقد عزيز وأيضا الذين شهدوا الحدث حتى وإن كانوا من الأطباء أو المسعفين أو المشاهدين للحدث. هؤلاء يحتاجون إلى مساعدتهم على التنفيس عما يجول بخاطرهم، ومساعدتهم كذلك على إعادة تنظيم أفكارهم، من خلال استبصارهم بالخبرة التي مروا بها؛عن طريق معالجين نفسيين يستخدمون أنواعا مختلفة من العلاج النفسي . كلنا تأثرنا بكارثة جدة ولكن تأثيرنا يعتمد على طريقة تفسيرنا للكارثة ومدى قدرتنا على التكيف معها،هذه القدرة هي التي تقرر استجابتنا للضغط النفسي أو تفاديه. والسؤال هل كل من شهد كارثة جدة سوف يصاب بهذا الاضطراب؟ بالطبع هناك معايير محددة تستخدم في التشخيص يعرفها تماما المعالج النفسي العيادي . ولذلك في كارثة جدة هناك مسؤولية تقع على المعالجين النفسيين لتوعية الناس بهذا الاضطراب وسبل المساندة النفسية لتفادي آثاره الوخيمة . ولعلني أشير إلى مقالات د. موفق العيثان في جريدة الوطن في ذات الموضوع . والأسبوع القادم في ظل ندرة ممارسة العلاج السلوكي المعرفي لدينا سأتحدث ماذا علينا أن نفعل لنساند بعضنا البعض.