وقعت السعودية والكويت، امس، اتفاقاً نهائياً على ترسيم الحدود البحرية بينهما، الأمر الذي ينظم حقوق البلدين في الاستفادة من الموارد النفطية في "المنطقة المغمورة" المحاذية بحراً للمنطقة البرية المحايدة التي قسمها اتفاق مماثل عام 1968. وفهم من تصريحات لوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ان الرياضوالكويت متفقتان على تحقيق حل ودي مماثل مع ايران حول الحدود البحرية معها في المستقبل القريب. ووقع الاتفاق عن الجانبين وزيرا الخارجية الشيخ صباح الأحمد والأمير سعود الفيصل في حضور أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح وولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الذي بدأ زيارة رسمية للكويت السبت. وقال الأمير سعود الفيصل للصحافيين بعد التوقيع: "هذا يوم سعيد في العلاقات الثنائية وانه يوم بين أيام كثيرة أكثر بناء وأكثر تركيزاً على القضايا التي تجمعنا"، وعن سؤال حول بنود الاتفاق وحيثياته أجاب: "لا حيثيات ولا غير حيثيات، اتفقنا في الماضي على انهاء تقسيم المنطقة المحايدة وكان باقياً فقط الاتفاق على الحدود البحرية، وهو ما تم اليوم". ولدى سؤاله عن مصير حقل "الدرّة" النفطي البحري بالنسبة الى الاتفاق الموقع خصوصاً بعد اعمال الحفر الايرانية فيه قبل اسابيع رد الأمير سعود: "هناك موقف مشترك بين الكويت والسعودية مع الجارة ايران وسوف تحل ان شاء الله قضية ترسيم الحدود بالطرق السلمية والودية نفسها التي حللنا بها مشاكل القضايا العالقة السابقة". وذكرت مصادر قريبة من المحادثات ان الاتفاق "أخذ في الاعتبار بعض الملاحظات والمطالب الكويتية بشأن المنطقة المغمورة"، وأنه لم يكن هناك خلاف بشأن سيادة الكويت على جزيرتي أم المرادم وقاروه الصغيرتين الواقعتين في شمال المنطقة المغمورة "لكن موارد بعض الآبار النفطية البحرية ستقتسم بالتساوي كشأن الحقول على اليابسة"، وأشار الى أن الحدود البحرية "أخذت - بشكل عام - خطاً مستقيماً من الغرب الى الشرق يمتد من نهاية الحدود البرية على الساحل الى حدود الجرف القاري باتجاه ايران". وعقدت جولة من المحادثات أمس بين الشيخ جابر والأمير عبدالله، وأعرب مجلس الوزراء الكويتي في بيان له "عن ارتياحه للاتفاق الكامل وتطابق وجهات النظر الذي ساد المحادثات حيال مختلف القضايا الاقليمية والعربية والعالمية والذي يجسد متانة وعمق العلاقات الكويتية - السعودية وعمقها". وقلد أمير الكويت، خلال حفلة خاصة، ولي العهد السعودي قلادة مبارك الكبير "تقديراً وعرفاناً من الشعب الكويتي لدور المملكة العربية السعودية ومواقفها في دعم الحق الكويتي". ومن جانبه قلد الأمير عبدالله الشيخ جابر قلادة الملك عبدالعزيز وكلاً من ولي العهد الكويتي الشيخ سعد العبدالله الصباح ووزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد وشاحي الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى "تقديراً لمواقف الكويت في المحافل العربية والدولية". واستقبل الأمير عبدالله مئات من الشخصيات الشعبية الكويتية في حضور الشيخ جابر في حفلة اقيمت في مقر اقامة الضيف السعودي في قصر بيان عصر أمس، حيث استمع الى مجموعة من الشعراء الشعبيين وشهد رقصة العرضة الشعبية التي أقيمت احتفاء به. وكان رسم الحدود الدولية بين السعودية والكويت بدأ ب"اتفاق العقير" عام 1922 بين الملك عبدالعزيز آل سعود والشيخ أحمد الجابر الصباح والد الأمير الحالي، فتم تخطيط الحدود الحالية وأبقيت منطقة محايدة جنوبالكويت يحدد مصيرها لاحقاً. وفي عام 1968 اتفق البلدان على قسمة هذه المنطقة بالتساوي فحصل كل طرف على عمق 30 كيلومتراً منها بعرض 70 كيلومتراً تقريباً على ان يتقاسم البلدان الموارد النفطية في المنطقة مناصفة أياً كان موقع الحقل النفطي. واتخذت في التسعينات اجراءات اخرى لتنظيم الحدود البرية فاتفق عام 1989 على ان تدفع الكويت 8 ملايين دينار تعويضاً لأملاك مواطنين سعوديين في الجانب الكويتي من المنطقة ونفذ ذلك عام 1994. وافتتحت عام 1995 منافذ مرور حدودية اضافية لأغراض الرعي والماشية. أما المنطقة المغمورة التي تمثل مياه المنطقة المقسومة وجرفها القاري في الخليج فكانت موضع محادثات مستمرة منذ 1968 من لجان فنية مشتركة لم تثمر اتفاقاً، وفي عام 1995 كلف البلدان شركة اجنبية بمسح المنطقة المغمورة واعداد الخرائط لها. بعد ذلك أصبح النظر في هذا الموضوع مسؤولية وزير النفط من كل جانب، ويعتقد ان اجتماع وزيري النفط الكويتي الشيخ سعود الصباح والسعودي علي النعيمي في الرياض في السادس من حزيران يونيو الماضي وضع الصيغة النهائية للاتفاق الذي وقع امس ولم تنشر تفاصيله الجغرافية.