خطت فرنسا، التي تتولى الرئاسة الأوروبية حتى نهاية العام الجاري خطوة مهمة باتجاه تذليل العقبات امام مشاركة عربية نوعية جدية في انجاز "الميثاق المتوسطي للسلام والاستقرار" بين دول "برشلونة" للشراكة الأوروبية - المتوسطية، الذي تتطلع الى اعلانه اثناء القمة الأوروبية في مارسيليا في الثاني عشر من تشرين الثاني نوفمبر المقبل كمبادرة اوروبية تسير بالتوازي مع المساعي الأميركية. وسجل التقدم اثناء اجتماع مع الممثلين الدائمين للدول العربية أول من امس في بروكسيل بعد اجتماع تمهيدي جرى في السادس من تموز يوليو الجاري. وكانت باريس تقدمت في ذلك الاجتماع بتصور عام ومبدئي للميثاق، سارعت الدول العربية الى التحفظ عنه لاعتبارات فنية وسياسية إذ لم تسلم فرنسا للمجتمعين سوى جزء من الوثيقة وباللغة الفرنسية، قبل ساعات من الاجتماع. وابلغت باريس الدول العربية وقتها ان "المشروع لا يزال في بدايته، ولم يحن الوقت لتقديم نص متكامل". وقال السفير السوري الدكتور هاني حبيب، الذي تتولى بلاده مهمة التنسيق العربي مع الاتحاد الأوروبي منذ سنتين، ل"الحياة" ان الدول العربية المشاركة في الشراكة ترحب بالمبادرة الفرنسية وتسعى الى حفز الاتحاد الأوروبي للعب دور نشط في الشرق الأوسط "وترى انها بحاجة الى وقت كافٍ لدراسة وثيقة بمثل هذه الأهمية، والتشاور بصددها مع حكوماتنا". واعتبر السيد فوزي فواز، سفير لبنان لدى الاتحاد الأوروبي ان "الإجتماع الأخير حقق نقلةً نوعية في طريقة اشراك الجانب العربي في المشاورات التمهيدية للميثاق". وقال السفير فواز ل"الحياة" ان "هذه النقلة كانت نتاج وقفة من الجانب العربي اكد فيها انه ليس مقبولاً ان يطرح علينا نص يتعين علينا الموافقة عليه فقط، بل المشاركة في اثراء المسودة بحيث تلاحظ الثوابت السياسية العربية ولا سيما التلازم بين مساري برشلونة والتقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط". ويسعى الرئيس الفرنسي جاك شيراك الى عقد قمة اوروبية - متوسطية على هامش القمة الأوروبية لتوقيع الميثاق اذا تحركت عجلة السلام في الشرق الأوسط بالسرعة والاتجاه الصحيحين. وقال حبيب ان "التجربة الأوروبية في الشرق الأوسط خلال السنوات الأربع الماضية اكدت استحالة انجاز اي تقدم في مشروع الشراكة المتوسطية من دون انفراج عملية السلام". ويهدف الميثاق الذي اطلعت "الحياة" على صيغته الأولية، الى "احلال التوافق السياسي بين الشركاء المتوسطيين في اتخاذ القرارات"، بدل الوسائل العسكرية وتوسيع مجالات التعاون لتشمل "الملفات السياسية والأمنية اضافةً الى الشؤون الاجتماعية والإنسانية". كما يكرس الميثاق "الديموقراطية وحقوق الإنسان والتسامح والتفاهم المتبادل، والعمل المشترك على محاربة الجريمة المنظمة والإرهاب والتعاون في مجال نزع اسلحة الدمار الشامل". ويعتمد الميثاق، الذي لن يكون بالضرورة ملزماً من الناحية القانونية والدستورية، آليات الديبلوماسية الوقائية وادارة الأزمات.